يبدو أن قرار تغيير سعر #الدينار_العراقي إلى 1300 مقابل #الدولار الواحد، بعد أن صادق مجلس الوزراء، عليه الثلاثاء الماضي، خطوة ذات أبعاد سياسية وانتخابية من أجل كسب التحدي والوقت أمام أي معارضة تواجه #حكومة_السوداني.
القرار الذي أشاد به عامة الناس في العراق قد يمنح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والإطار التنسيقي، الجهة السياسية الداعمة له، جماهيرية واسعة، مقابل رهان قد خسرته جهات سياسية أخرى كانت تعول على أزمة الدولار لإسقاط الحكومة، التي مضى على تشكيلها 100 يوم.
وكشف السوداني، الثلاثاء الماضي، عن تفاصيل آلية سعر الدولار الجديد. ووصف نافذة بيع العملة بأنها "نقطة سوداء" بتاريخ المصارف. وأكد أنه "سيتم إعادة إعداد قانون الموازنة العامة بعد تغيير سعر صرف الدولار".
وأشار إلى أن "قرار رفع سعر صرف الدولار في سنة 2021 كان غير مدروس، وقد رافقه ارتفاع في أسعار المواد الغذائية".
وأوضح السوداني أنه "بعد شهر من تشكيل الحكومة تفاجأنا بالآلية المتفق عليها بين البنك المركزي والبنك الفيدرالي الأميركي"، مشيراً إلى أن "نافذة بيع العملة نقطة سوداء في تاريخ المصارف".
فما الآثار السياسية المترتبة على تغيير سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي؟
نصر سياسي وشعبي
يؤكد الباحث السياسي علي البيدر أن قوى الإطار التنسيقي أصبحت اليوم هي المتحكم بالمشهد والأقرب إلى الشارع بعد أن حققت بعض الإنجازات خلال الفترة الماضية.
وقال الببيدر إن قوى الإطار التنسيقي تسعى إلى احتلال مكانة أكبر في الشارع العراقي على حساب نفوذ التيار الصدري، الذي أخذ بالتراجع بعد انسحاب كتلته من العملية السياسية.
ورأى أن ما يحتاج إليه الإطار اليوم هو القيام بإصلاحات سياسية كبيرة عبر القضاء على آفة الفساد، وتقويم أداء المؤسسات الحكومية، ومحاسبة المسؤولين غير الجيدين للحصول على تأييد شعبي أكبر.
وشدد البيدر على ضرورة استثمار حالة الاستقرار السياسي، التي تشهدها البلاد، من أجل تقديم أفضل الخدمات للمواطنين والقضاء على ظاهرتي الفقر والبطالة، اللتين ازدادتا خلال فترة حكم مصطفى الكاظمي بعد رفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي.
بالنسبة إلى الآثار السياسية المترتبة على تغيير سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، بحسب البيدر، فقد حققت نصراً سياسياً وشعبياً لقوى الإطار، كونها أعادته إلى أقل من قيمته التي كانت قبل عمليات الارتفاع الأخيرة، وهذا ما يجعل قوى الإطار أكثر مقبولية في الشارع مما كانت عليه في السابق.
وأوضح أن قوى الإطار تتعاطى مع الأحداث الداخلية والخارجية بطريقة براغماتية واثقة تشير إلى أنهم يعملون بعقلية رجالات الدولة، لضمان استمرار حالة الاستقرار السياسي وتجنيب البلاد أي أزمة خارجية أو داخلية تربك المشهد، وهذا ما يجعلهم ينفذون برنامجهم السياسي، الذي يمثل المنهاج الحكومي جزءاً منه، وإذا ما استطاعوا تحقيق ذلك فسيكون موقفهم في الشارع أقوى، وهذا ما يجعلهم يعوضون الخسارات السياسية السابقة.
حتى لو عاد التيار الصدري إلى المشهد السياسي فلن يكون ذا قوة كبيرة مثلما كان عليها سابقاً، كون الشارع العراقي يتجاوب مع ما تذهب إليه السلطة أكثر من تفاعله مع الحكومة، بحسب البيدر.
وذكر أن إنجازات حكومة السوداني الأخيرة عبر خفض قيمة الدولار، وتعيين قرابة مليون مواطن مع ضم 800 ألف عائلة إلى برنامج الحماية الاجتماعية ستضاف إلى رصيد الإطار الشعبي.
من المستفيد؟
في المقابل أكد الباحث الاقتصادي والسياسي صالح لفتة أنه من السابق لأوانه التكهن بنتائج الانتخابات المقبلة، فلم يحدد أي موعد لأي انتخابات، لافتاً إلى عدم معرفة قرار الصدريين من مشاركة في الانتخابات، إذ إن قرارهم مرتهن بيد زعيم التيار مقتدى الصدر، الذي ما زال حتى الآن مقاطعاً العملية السياسية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف لفتة "لنفترض أن الكتلة الصدرية ستشارك في أي انتخابات مقبلة، وتنهي المقاطعة، فعدد مقاعدها لن يصل إلى ما حصلت عليه في الانتخابات الأخيرة بعد أن خدمها القانون الانتخابي والدوائر المتعددة للمحافظة الواحدة".
وأوضح "كما هو معلوم فإن الصدريين لديهم ماكينة انتخابية ذكية استغلت الالتزام الجماهيري لقواعدها الشعبية وحصلت على الغالبية وشتتت أصوات الكتل المنافسة الأخرى، وهذا هو ما نود الإشارة إليه أن الكتل المنضوية في الإطار التنسيقي لن تقبل بالقانون الانتخابي السابق تحت أي ظرف فقد كلفها الكثير، بالتالي هي مصرة على تغيير القانون لصالحها".
وأكد أن من سيستفيد من هذه الخطوة فهو شخص رئيس الوزراء، الذي سترتفع شعبيته وتزيد من حظوظ فوز الكتلة أو الحزب الذي يمثله في الانتخابات المقبلة، لأن غالبية الجماهير تراقب ويهمها شخص رئيس الوزراء وإنجازاته وليس لها أي علاقة لا بتاريخه ولا الكتل التي رشحته، لذلك سيكون الصراع بين كتل الإطار وشخص رئيس الوزراء في مناطق الوسط والجنوب بعد أن تستشعر الكتل قوة وكبر شعبيته.
يشار إلى أن سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي يشهد تذبذباً منذ أكثر من شهرين، وأدى ذلك في الثاني من فبراير (شباط) الحالي إلى تراجع سعر صرف الدينار إلى 1750 مقابل الدولار الواحد، فضلاً عن خروج تظاهرات أمام مبنى البنك المركزي العراقي وسط العاصمة العراقية بغداد.
لكن سعر صرف الدولار تراجع بعد أن أبدت وزارة الخزانة الأميركية خلال اجتماعها مع محافظ البنك المركزي العراقي علي محسن إسماعيل والوفد المرافق له يوم الثالث من فبراير 2023 في إسطنبول، استعدادها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي بالعراق بما يسهم في تحقيق استقرار سعر الصرف والآليات المرتبطة بذلك.
وكشف البنك المركزي عقب الاجتماع عن حزمة أولى من التسهيلات لتلبية الطلب على الدولار في جانبي النقد والتحويلات الخارجية، منها زيادة سقف البيع النقدي لأغراض السفر إلى سبعة آلاف دولار شهرياً، وتوسيع نطاق المعاملات المسموح بتمويلها بالعملة الأجنبية، وتوسيع وتسهيل إجراءات التحويلات الخارجية.
في الأثناء علق القيادي في التيار الصدري فاضل الدبي على إجراءات رئيس مجلس الوزراء الاقتصادية المتعلقة بأزمة الدولار في البلاد، فيما حدد موقفه من تظاهرات يوم 25 فبراير الحالي التي تداولتها منصات التواصل الاجتماعي أخيراً.
وقال الدبي، في تصريح صحافي تناقلته بعض وسائل الإعلام المحلية بالعراق، إنه "لم يعلن أي موعد من قبل المكتب الخاص بزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في شأن خروج تظاهرات بيوم 25 فبراير الجاري".
وأضاف أنه "بعد إخفاقات حكومة السوداني بالملف الاقتصادي وخصوصاً ما يتعلق بأزمة الدولار لا بد من أن تكون هناك إجراءات وتحرك سياسي من قبل الصدر"، مستدركاً بالقول "لكن لا أحد يعلم توقيتها حتى المقربين منه".
وأشار إلى أن "المقربين من الصدر يتداولون خبراً مفاده بأنه ممتعض جداً من الواقع الحالي المتمثل بسوء الخدمات المقدمة للمواطن والملف الاقتصادي والتنازلات التي تقدم من قبل حكومة السوداني للولايات المتحدة الأميركية ودول الجوار، إضافة إلى التدخلات السافرة بجميع مفاصل الدولة".
وتوقع أن "يتخذ الصدر قرارات تجاه ما يحصل في البلاد، لكنها ستكون مفاجئة على الساحة السياسية".
قانون الانتخابات
كانت أزمة الدولار شكلت تحدياً لرئيس الوزراء وحكومته، إذ وضعت تلك الأزمة السوداني في موقف محرج أمام شعبه، الذي لاقى قرار تغيير سعر صرف الدولار ارتياحاً كبيراً لديه بسبب الآثار السلبية التي تركها سعر صرف الدولار القديم.
وتتجه بوصلة السوداني نحو ملفات سياسية واقتصادية بعد انفراجة في أزمة الدولار، إذ أعلن القيادي في الإطار التنسيقي كاظم الحمامي أنه من الممكن طرح قانون الانتخابات الجديد في مارس (آذار) المقبل.
وقال الحمامي، في تصريح صحافي، إن "المداولات بين القوى السياسية حول قانون الانتخابات الجديد قد بدأت فعلياً، من خلال تبادل وجهات النظر حول بعض البنود الرئيسة"، متوقعاً أن "يطرح القانون في أروقة مجلس النواب خلال مارس المقبل".
وأضاف أن "90 في المئة من القوى السياسية المكونة لمجلس النواب متفقة على خوض انتخابات مجالس المحافظات في موعدها المقرر، خلال نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2023، وفق القانون الجديد مع تغيير المفوضية بالتنسيق مع حكومة السوداني".
وأشار إلى أن "حكومة السوداني تعهدت بتأمين الغطاء المالي لكلف الانتخابات مع جميع الأمور المتعلقة".