جاسم الأسدي مهندس هيدروليك وُلد في عام 1957 في أهوار العراق (فيسبوك)
لم تستجد أي تطورات في قضية اختطاف الناشط البيئي العراقي جاسم الأسدي، الذي اختطف في الأول من الشهر الجاري على أيدي مسلحين اعترضوا طريقه بالقرب من العاصمة بغداد، واقتيد إلى مكان مجهول، وقطعت أخباره منذ ذلك الحين.
والأسدي هو ناشط بارز في جنوب العراق، ويدير جمعية "طبيعة العراق" التي تُعنى بالدفاع عن البيئة، وهو يظهر بصورة دائمة عبر وسائل الإعلام المحلية والأجنبية لرفع مستوى الوعي حول الأهوار العراقية المُدرجة على لائحة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) للتراث العالمي، ويهدّدها في الفترة الأخيرة شحّ المياه والجفاف.
وتواصل "العربي الجديد" مع ثلاثة من أقرباء الأسدي، وقالوا إن "القوات الأمنية لا تزال تحقق في عملية الاختطاف التي جرت، لكنها لم تتوصل إلى أي نتائج تكشف الجهة الخاطفة"، مبيناً أحدهم أن "عائلة الأسدي تمر بظروف صعبة من جراء اختطافه، وجرى الاتصال بمنظمات دولية في سبيل الضغط على السلطات العراقية لمعرفة مصير الناشط".
من جهته، قال مصدر أمني من محافظة بابل، لـ"العربي الجديد"، إن "عملية اختطاف الأسدي وقعت في منطقة تحت مسؤولية أجهزة الأمن في محافظتي بابل وبغداد، وتولي القوات الأمنية اهتماما كبيراً بالكشف عن ملابسات هذه الجريمة، لا سيما بعد توجيهات صدرت عن مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني".
وأكمل المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "المعلومات المتوفرة حاليا عن العملية ليست أكثر مما جرى الإعلان عنه خلال الأسبوعين الماضيين، وجميعها تشير إلى أن المختطَف قدم برفقة أخيه إلى بغداد، ولكن الجهة الخاطفة تركت الأخ، واختطفت الأسدي فقط، ما يعني أن هناك هدفاً واضحاً لدى الخاطفين"، مؤكداً أن "المنطقة التي جرت فيها عملية الاختطاف خالية من كاميرات المراقبة، لكننا نحقق في متابعة السيارة التي اختطفت الناشط".
من جهته، أشار الناشط البيئي وعضو جمعية "حماة دجلة" حسّان العبودي إلى أن "اختطاف الناشط جاسم الأسدي يشير إلى أن المليشيات تسعى إلى منع الحديث عن الفشل الحكومي في إدارة ملف المياه والوضع البيئي، وتوجيه الاتهامات إلى الأطراف الدولية وتحديدا إيران التي تتجاوز على الحقوق المائية للعراق".
ولفت الناشط العبودي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "الأسدي وقف، خلال الأسابيع التي سبقت اختطافه، بالضد من حالات التجاوز على الأنهر والأهوار من قبل بعض المتنفذين، كما أنه شن حملات واسعة من أجل إنقاذ الأهوار من الجفاف وطالب إيران بفتح المجالات المائية التي قطعتها خلال السنوات الماضية، وإحياء الحقوق العراقية من المياه".
أما الخبير في مجال البيئة والتراث، من مدينة الناصرية جنوبي البلاد، علوان الغزي، فقد بيَّن أن "اختطاف وتهديد الناشطين في المجال البيئة غير مبرر، ويجعل البعثات الأجنبية المساهمة في هذا القطاع في خطر من الوجود في العراق"، مؤكداً أن "من واجب الحكومة توفير الحماية للناشطين، والكشف عن مصير الناشط المختطف، لا سيما أنه لم يرتكب أي أخطاء، أو أنه مارس نشاطات سياسية".
وجاسم الأسدي مهندس هيدروليك وُلد في عام 1957 في أهوار العراق، وقد شارك منذ عام 2006 في مبادرات تهدف إلى إنعاش هذه المنطقة الواقعة في جنوب العراق، وتعرّضت لتجفيف شبه كامل في تسعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وعمل في مجالات الأبحاث الخاصة بالمسطحات المائية العراقية، وأسهم بشكل فاعل في الحوارات التي سبقت إدراج الأهوار على لائحة التراث العالمي.
وتعاني الأهوار من موجة جفاف ضربت العراق في الأعوام الماضية، بما في ذلك نقص الأمطار وانخفاض منسوب نهرَي دجلة والفرات بسبب السدود التي أُقيمت في المنبع في تركيا وإيران المجاورتَين.
ويواجه العراق عموماً مشكلات بيئية خطرة، من بينها التصحّر، نتيجة عمليات جرف الغطاء الأخضر، وسوء إدارة أزمة المياه التي سبّبت موجة جفاف حادة، إلى جانب الاعتداء على الغطاء النباتي، وتعمّد تدمير البيئة الذي نتج من عمليات جرف آلاف الهكتارات من البساتين والأراضي الزراعية في مناطق عدّة حول البلاد، الأمر الذي حوّلها إلى أراضٍ قاحلة.