يبدو أن أزمات العراق الاقتصادية والسياسية والأمنية ألقت بظلالها على معدل النمو السكاني وتراجعه خلال السنوات الماضية ليصل إلى حدود 3.5 طفل لكل امرأة عام 2022، وفق أحدث تقرير أصدرته الشركة الألمانية "ستاتيستا" .المتخصصة في الإحصاءات الدولية
وقالت الشركة في تقريرها، إن "معدل الخصوبة الإجمالي هو متوسط عدد الأطفال الذي يمكن أن تتوقعه امرأة في سن الإنجاب (يعتبر عموماً من 15 إلى 44 سنة). وجاء التقرير الدولي منسجماً مع آخر لوزارة التخطيط العراقية صدر مطلع عام 2022، وأوضح انخفاض حجم الأسرة خلال عام 2021، مرجعاً السبب إلى انخفاض في معدلات الخصوبة الكلية للنساء.
وقالت الوزارة في بيان إن "حجم الأسرة في العراق انخفض إلى (5.7) فرد، بحسب نتائج المسح المتكامل للأوضاع الاجتماعية والصحية للمرأة عام 2021 الذي نفذه الجهاز المركزي للإحصاء بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان".
وبحسب نتائج تقرير وزارة التخطيط، فإن حجم الأسرة لا يزال في الريف أعلى منه في الحضر، ويقل في محافظات إقليم كردستان عن المحافظات الأخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح أن نسبة النساء اللاتي تزوجن قبل بلوغهن 18 سنة هي 25.5 في المئة و10.5 في المئة من النساء اللاتي تزوجن قبل بلوغهن 15 سنة، بينما تشكل حالات الطلاق للنساء بعمر 15 سنة فأكثر 1.5 في المئة.
وسلط التقرير الضوء على المواليد لدى المرأة الريفية على مدى 10 سنين، إذ أكد أن المعدل انخفض من 5.1 عام 2011 إلى 3.6 مولود عام 2021. ويعد العراق من البلدان التي تعاني التضخم السكاني، إذ يبلغ عدد سكانه 42 مليوناً فيما تتوقع وزارة التخطيط أن يتجاوز بعد 10 سنوات 50 مليون شخص، كون الزيادة السنوية تتراوح بين 850 ألفاً ومليون نسمة.
استراتيجية لتنظيم النسل
وأطلقت وزارة الصحة العراقية عام 2020 استراتيجية لتنظيم الأسرة بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان تمتد من 2021 وحتى 2025، وتتضمن سلسلة خطوات لتنظيم حياة الأسرة بشكل ينسجم مع وضعها المالي ويمنعها من الإقدام على الإنجاب من دون تخطيط مسبق.
ويعزو متخصصون انخفاض معدل الخصوبة إلى الوضع الاقتصادي والجانب التوعوي للمنظمات الدولية والمحلية. وتقول الناشطة في مجال حقوق المرأة بشري العبيدي إن نسبة الإنجاب المنخفضة تعود إلى الوضع الاقتصادي المتذبذب الذي يمر به البلد، وشجعت على تقليل الإنجاب من أجل السيطرة على الانفجار السكاني.
وأضافت العبيدي أن العراق يصنف من الدول الفتية بسبب ارتفاع نسبة الشباب، إلا أن قلة الإنجاب لها أسباب منها نسبة الطلاق المرتفعة، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية التي لا تشجع على زيادة عدد أفراد الأسرة. واعتبرت أن الزيادة السكانية الكبيرة لا تتناسب مع البنى التحتية والقضايا الأساسية كالتعليم والصحة. فيما يرى الباحث في الشأن الاجتماعي حسن حمدان أن حملات التثقيف التي تعتمدها المؤسسات الدولية والمحلية ألقت بظلالها على تكوين الأسر وعددها، معتبراً أن الأزمات التي عايشها العراق، متمثلة بالحرب الطائفية والحرب مع "داعش" أوجدت شعوراً بعدم الاستقرار، مما أدى إلى تخوف الأب والأم من الإنجاب تحسباً من المستقبل المجهول.