يعترض النواب المستقلون على مشروع قانون الانتخابات المطروح للنقاش (الأناضول)
من المقرّر أن يعقد البرلمان العراقي، خلال الساعات المقبلة، جلسة رسمية لعرض مشروع تعديل قانون الانتخابات الجديد، وسط اعتراضات قوية عليه من قبل النواب المدنيين والقوى السياسية الناشئة، بسبب عودته لنظام الدائرة الواحدة، واعتماد قاسم انتخابي بصيغة "سانت ليغو" الحسابية التي تسهم في إقصاء القوى الصغيرة لصالح الكبيرة منها.
وأعلن البرلمان، الخميس الماضي، تأجيل جلسته، بعد أن قرر النواب المستقلون مقاطعتها، اعتراضاً على مشروع قانون الانتخابات المطروح للنقاش، معتبرين أنه يكرس التفرد واحتكار السلطة من قبل الأحزاب الحالية.
وآلية "سانت ليغو" في توزيع أصوات الناخبين بالدول التي تعمل بنظام التمثيل النسبي، تعتمد على تقسيم أصوات التحالفات على الرقم 1.4 تصاعدياً، وفي هذه الحالة تحصل التحالفات الصغيرة على فرصة للفوز، لكن العراق اعتمد القاسم الانتخابي بواقع 1.9، وهو ما جعل حظوظ الكيانات السياسية الكبيرة تتصاعد على حساب المرشحين الأفراد (المستقلين والمدنيين)، وكذلك الكيانات الناشئة والصغيرة.
وقال النائب المستقل في البرلمان العراقي، سجاد سالم، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "الرفض والمعارضة لقانون الانتخابات ما زال موجوداً وبقوة، والنواب المستقلون والقوى السياسية الناشئة في مجلس النواب سيقاطعون الجلسة من جديد من أجل إفشال القراءة الثانية للقانون".
وبيّن سالم أن "القوى السياسية المتنفذة تريد تشريع هذا القانون وفق مقاسها، من أجل السيطرة على مجلس النواب ومجالس المحافظات، وإبعاد المستقلين الذين كان لهم دور مهم في الدورة البرلمانية الحالية برفض المحاصصة والفساد، وكشف زيف هذه الأحزاب، التي تدعي الإصلاح ومحاربة الفساد".
وأضاف أن "الاعتراض على قانون الانتخابات الجديد وفق نظام "سانت ليغو"، ليس من قبل النواب المستقلين، بل حتى هناك نواب من الكتل السياسية يرفضون هذا القانون، وحتى الكتل والأحزاب المتحالفة بائتلاف إدارة الدولة غير متفقة بشكل نهائي على شكل القانون ونظامه، ولهذا إعادة طرحه للمناقشة دون اتفاق مسبق يعني إخفاق البرلمان مجدداً بعقد جلسته بسبب كسر النصاب القانوني لعقد الجلسة".
من جهته، قال النائب عن "الإطار التنسيقي" عارف الحمامي، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إن "الأغلبية في مجلس النواب مع جعل النظام الانتخابي في القانون الجديد وفق آلية (سانت ليغو)، وتكون المحافظة دائرة واحدة فقط، وهناك أغلبية قادرة على تمرير هذا القانون، رغم وجود اعتراضات أو تحفظات عليه من قبل بعض الأطراف".
وبيّن الحمامي أنه "لا يوجد أي مبرر لتعطيل جلسة مجلس النواب من أجل منع القراءة الثانية لقانون الانتخابات الجديد المعدل، فهذه القراءة لا تعني تمرير القانون، بل هي تهدف للمناقشة والاستماع لآراء النواب بخصوص القانون وفقراته، والإطار التنسيقي مع الاتفاق على القانون لتمريره وليس مع سياسة فرض الإرادة إطلاقاً".
وأضاف "نعتقد أن جلسة مجلس النواب، اليوم الاثنين، سوف تعقد وبنصاب قانوني كامل، حتى لو قاطع بعض النواب الجلسة، من أجل كسر النصاب لمنع القراءة الثانية لقانون الانتخابات، فهناك أغلبية برلمانية من قبل ائتلاف إدارة الدولة، قادرة على عقد الجلسة، وتمرير أي قانون تتفق عليه الكتل والأحزاب المتحالفة".
وتأتي مساعي مجلس النواب العراقي للقراءة الثانية لمشروع قانون الانتخابات، بعد أيام قليلة من إعلان "التيار الصدري"، الذي يتزعمه مقتدى الصدر، رفضه قانون الانتخابات، الذي يسعى "الإطار التنسيقي"، الذي يضم الكتل والأحزاب القريبة من إيران، لتشريعه، وفق النظام القديم "سانت ليغو" بدائرة انتخابية واحدة لكل محافظة، وإلغاء الدوائر المتعددة، فيما اعتبر مراقبون أن إعلان هذا الرفض يُعدّ الخطوة الأولى لعودة الصدريين للمشهد السياسي.
وانسحب "التيار الصدري" من العملية السياسية منتصف العام الماضي، بعدما قرر زعيمه مقتدى الصدر سحب نواب كتلته "الصدرية" من البرلمان، ومن ثم قراره اعتزال العمل السياسي، بعد سلسلة أحداث كبيرة بدأت بتظاهرات لأنصار التيار، وانتهت باشتباكات داخل المنطقة الخضراء في بغداد، مع فصائل مسلحة منضوية تحت هيئة "الحشد الشعبي".