عاود تنظيم "داعش" هجماته الإرهابية ضد الأجهزة الأمنية العراقية في شهر فبراير (شباط) الماضي بمناطق متفرقة من البلاد، أهمها شمال بغداد ومحيط مدينة كركوك وغرب الأنبار، مما أسفر عن مقتل وجرح عدد من عناصر الأمن بينهم ضباط كبار.
أدت العمليات الأخيرة لـ"داعش" إلى مقتل ضابط كبير في الجيش العراقي وإصابة ثلاثة آخرين بهجوم بعبوة ناسفة في قضاء الطارمية شمال بغداد، عندما استهدف التنظيم قوة للجيش خلال مداهمة ضده في المنطقة.
وبحسب بيان صادر عن خلية الإعلام الأمني، فإن التفجير "أدى إلى استشهاد آمر الفوج الأول باللواء المشاة 59 واثنين من المراتب، كما تسبب في إصابة ضابط واثنين من المراتب".
كذلك قتل أربعة من عناصر الحشد العشائري في قضاء هيت غرب الأنبار بهجوم لعناصر "داعش"، وأصيب عدد من عناصر الشرطة الاتحادية بهجمات متفرقة بالقرب من سلسلة مرتفعات حمرين في محيط مدينة كركوك.
وفي ديالى شرق بغداد استمر التنظيم بمهاجمة نقاط التفتيش التي تقع في أطراف ناحية جلولاء شمال المحافظة، مما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من عناصر الأمن.
هدوء حذر
هذه الهجمات جاءت بعد أسابيع من الهدوء الحذر الذي شهدته تلك المناطق منذ مطلع العام الحالي، خصوصاً بعد سلسلة من العمليات الأمنية التي قامت بها أجهزة الأمن استهدفت مقاراً للتنظيم بالقرب من مرتفعات حمرين وقضاء الحضر في محافظة نينوى بالقرب من الحدود العراقية- السورية.
وتمثل سلسلة جبال وتلال حمرين التي تمتد على مساحات واسعة بين هذه المحافظات وصولاً إلى أطراف كركوك باتجاه مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان، قاعدة أساسية ومهمة لانطلاق هجمات "داعش" على مناطق واسعة من هذه المحافظات وصولاً إلى أطراف العاصمة بغداد.
القوات المسلحة والأجهزة الأمنية تجري عمليات عسكرية استباقية ضد "داعش" (جهاز مكافحة الإرهاب)
ويبدو أن القيادات الأمنية العراقية تتخوف من أن يقوم "داعش" بأدوار تتعدى عملياته الروتينية المعهودة إلى زرع بذور الفتنة الطائفية من خلال مجموعة من الاغتيالات يقوم بها بحق المدنيين.
مخطط جديد
وزير الداخلية عبدالأمير الشمري كشف عن مخطط لـ"داعش" لإثارة "فتنة طائفية" في محافظة ديالى ونقل بيان للجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي عن الشمري، خلال استضافته في اللجنة، قوله إن "قدرات داعش الإرهابي في تراجع واضح نتيجة الضربات الجوية التي تنفذ، إضافة إلى جهد القطاعات العسكرية الماسكة للأرض، فضلاً عن الدور الكبير الذي يمارسه جهاز الاستخبارات العسكرية لجمع المعلومات عن إمكان وجود الخلايا الإرهابية"، مبيناً أن هذا الأمر يعطي أولوية للقطاعات العسكرية للقيام بعمليات أمنية استباقية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشدد الشمري على أن "داعش في محافظة ديالى يعمل على الوتر الطائفي باستهداف المكونات وخلق فتنة"، مشيراً إلى أن "العمليات العسكرية اليوم هي استباقية من قبل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ضد التنظيم الإرهابي وفق خطط واستراتيجية أمنية بحتة".
تصريحات وزير الداخلية جاءت عقب سلسلة هجمات لعناصر "داعش" على قرى تسكنها غالبية شيعية بالقرب من مرتفعات حمرين خلال الأسابيع الماضية أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من سكانها، أعقبتها هجمات لمسلحين تابعين لفصائل على قرى مجاورة لها بحجة دعم التنظيم في عملياته، وكان آخرها في قرية البو بالي بأطراف قضاء الخالص غرب بعقوبة مركز المحافظة وأسفر عن مقتل وإصابة تسعة من المدنيين بينهم نساء وأطفال.
الطارمية وعرة
ولفت وزير الداخلية إلى أن "منطقة الطارمية وعرة في طبيعتها الجغرافية بوجود بساتين، مما يتسبب بالتقدم البطيء للقوات الأمنية والعسكرية في عملية التفتيش بالمنطقة".
وأضاف الشمري أن "الأخطاء العسكرية واردة وتعمل القيادة العسكرية على حلها"، مؤكداً "أهمية تفعيل السير الأمني للعاصمة بغداد للسيطرة على الوضع الأمني فيها".
"داعش" عاود هجماته الإرهابية ضد الأجهزة الأمنية العراقية في شهر فبراير الماضي (جهاز مكافحة الإرهاب)
ويقع قضاء الطارمية الذي يبتع إدارياً للعاصمة بغداد على بعد 40 كيلومتراً من مركز العاصمة ويضم القضاء أراضي زراعية واسعة فضلاً عن مجموعة من المستنقعات.
العمل الاستخباري
مدير مركز الجمهورية للدراسات الأمنية والاستراتيجية معتز محيي عبدالحميد دعا إلى ضرورة تكثيف العمل الاستخباري في المناطق التي ينشط فيها "داعش"، محذراً من تكثيف التنظيم لعملياته مع حلول شهر رمضان.
وأضاف أن تبديل القيادات العسكرية في بعض المناطق التي تشهد هجمات للتنظيم الإرهابي لم تنتج شيئاً جديداً على الأرض ولم يتم القضاء على المسلحين وكان هناك اتفاق بين قيادات البيشمركة والقيادة المركزية في الحكومة العراقية لترتيب الأوضاع في المناطق المختلف عليها سابقاً، لا سيما في المناطق الفارغة بين كركوك وكردستان"، مبيناً أن هذه المناطق ينشط فيها "داعش"، بخاصة في مناطق جبال حمرين والقرى والأرياف البعيدة من القوات العراقية والبيشمركة.
تجميد الألوية
وبين عبدالحميد أن الطرفين أعلنا عن تشكيل لواءين مشتركين إلا أنهما لم يباشرا عملهما بسبب عدم تخصيص موازنة لهما، الأمر الذي يشير إلى عدم وجود اتفاق واضح على الإسراع في عمل هذه الألوية من قبل الأطراف التي تواجه "داعش".
ولفت إلى أن القيادات الأمنية لم تستوعب التجارب السابقة والتخفي والانتشار المستمر وإعادة الظهور لـ"داعش"، لا سيما في مناطق الطارمية وحمرين التي تضم تضاريس طبيعية من ناحية المستنقعات والتلال.
وزير الداخلية العراقي دعا إلى تدريب القوات الأمنية على كيفية التعامل مع المناطق الوعرة (جهاز مكافحة الإرهاب)
وأوضح أن مشكلة الطارمية أنها تعتبر بؤرة للتخفي، خصوصاً أن بعض المتطرفين يتسللون عبر تلك المستنقعات لزرع عبوات ناسفة أو القيام بعمليات قنص ويختفون باتجاه المناطق القريبة الأخرى والمياه الضحلة.
ودعا عبدالحميد إلى تدريب القوات الأمنية على كيفية التعامل مع هذه المناطق، فضلاً عن تجفيف المستنقعات، لافتاً إلى أن منطقة الطارمية حدثت فيها عمليات كثيرة لـ"داعش" وطالب سكانها بتولي حمايتها كما هي الحال في المنطقة لأن العمليات مستمرة داخلها.
الجهد الاستخباري
وشدد على ضرورة القضاء على الإرهابيين عن طريق الجهد الاستخباري لأن ما يحدث من نكسات يدل على أن العمل الاستخباري غير منظم ونسمع دائماً قتل أو القبض على أعداد من مسلحي "داعش"، مبيناً أن هذه الأرقام عندما تجدها كبيرة وتصل إلى حدود 1500 مسلح سنوياً فهذا يشير إلى أن التنظيم يتجدد باستمرار ويجب دراسة هذا الأمر.
ورجح حدوث عمليات نوعية لـ"داعش" في شهر رمضان لتجديد ما يسمونه "غزوة رمضان" من خلال اغتيالات أو عمليات انتحارية.