لم يطرح التعديل خلال الدورة البرلمانية الحالية بشكل فاعل وجدي (فرانس برس)
أقرّت اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، اليوم الخميس، بوجود عقبات تعترض عملية إجراء تعديلات على الدستور، التي كان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد أعلن توجهه لإجرائها ضمن برنامجه الحكومي الذي أقره البرلمان نهاية أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي.
وسبق أن قرر السوداني تكليف حسن الياسري مستشاراً لرئيس الوزراء للشؤون الدستورية، الذي قدم بدوره الشهر الفائت، مشروعاً لتعديل الدستور العراقي إلى رئيس الجمهورية، لم تكشف بعد تفاصيله، إلا أن الياسري لم يعلن أي خطوات جديدة بهذا الاتجاه، منذ الـ19من الشهر الماضي، بعدما عرض الخطوط العريضة لمشروع التعديلات على رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان.
واليوم الخميس، قال عضو اللجنة القانونية في البرلمان، النائب محمد جاسم الخفاجي، إن غياب الاتفاق السياسي حول التعديل الدستوري ومشكلات الوضع الراهن أدى إلى عدم طرحه للتعديل خلال الدورة البرلمانية الحالية بشكل فاعل وجدي، رغم الإجماع الشعبي على ضرورته.
وأكد في تصريح لصحيفة الصباح الرسمية، أن "العمر الافتراضي للدساتير قد يراوح بين 25 ـ 30 سنة بعدها يستوجب التعديل أو التغيير وفق البيئة السياسية والاجتماعية للبلد المعني، والعراق ليس استثناءً من ذلك، ويمكن أن تجرى التعديلات مبكراً جداً إن تطلب ذلك، بغضّ النظر عن عمر الدستور، وهذا ما نحتاجه حالياً".
وأشار إلى أنه "جرت محاولات منها مبكرة ومنها متأخرة لتعديل الدستور، إلا أنها تعثرت، ما أدى إلى تجاوز تعديل دستور 2005 عمره الافتراضي، وتعثر المحاولات المبكرة أو المتأخرة في تعديله وعدم جدية أغلبها".
وأضاف أن "التعديلات التي نطمح إليها يجب أن تكون ضمن سقف الممكن، وأن تكون بسيطة وآثارها كبيرة، مثل معالجة النهايات السائبة والمفتوحة لبعض مواد الدستور، أو ترحيل المشاكل وعدم حسمها، وفي الحقيقة يُعَدّ هذا المورد الأكثر احتياجاً للتعديل الدستوري، فوجود استعمال وإسهاب كثير في مسائل مهمة أحالها الدستور إلى تشريع قانون، وهذا يدل على تجنبه الوقوف على نهايات مقفلة وحاسمة، وبالتالي تعطيل هذه المادة لعدم تشريع قانون لها".
وفيما أشار إلى وجود الكثير من الصياغات القانونية الدستورية التي يمكن أن تطرح للتعديل لوجود مشاكل فيها، أكد "عدم إغفال الإشكالية في تطبيق الدستور من قبل أغلب القوى السياسية، حيث دأبت على العمل بخلاف الدستور، وذلك من خلال التوافقات السياسية".
وأضاف: "رغم صعوبة التوصل إلى رؤية موحدة في إجراء تعديلات جوهرية في الدستور مع وجود إجماع شعبي على ضرورتها، إلا أن التعديلات يجب أن تكون واقعية وضمن سقف الممكن، دون أن نحلم بتعديلات كبرى لا يمكن تحقيقها في ظل الخلافات السياسية الراهنة".
وهناك كثير من المواد الجدلية في الدستور العراقي تحتاج إلى تعديل، من بينها تحديد الكتلة الكبرى الفائزة بالانتخابات التي تعنى بتشكيل الحكومة والمواد المتعلقة بثروات النفط من حيث الإدارة والتقاسم والتوزيع والمواد المتعلقة بعلاقة الأقاليم بالحكومة الاتحادية.
قوى بـ"الإطار التنسيقي" لا تعترض على إجراء التعديلات الدستورية
وعلى الرغم من أن السوداني يسعى لإجراء التعديلات، إلا أن هناك أطرافاً حتى من داخل تحالفه السياسي "الإطار التنسيقي" تعترض على ذلك.
وقال نائب مستقل في البرلمان، لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن "بعض قوى الإطار لا تريد طرح التعديلات خلال الدورة البرلمانية الحالية، خاصة أن هناك فقرات جدلية قد تُجدد المشاكل بين القوى السياسية".
وأكد أن "بدعة الكتلة الأكبر ترسخ المحاصصة الطائفية، ولا تجد بعض القوى حرجاً في بقائه، أبرزهم نوري المالكي وقيس الخزعلي وهادي العامري".
وشكل مجلس النواب العراقي في عام 2019 لجنة لتعديل الدستور على خلفية الاحتجاجات الشعبية، إلا أن اللجنة لم تحقق أي تقدم باتجاه التعديلات، بسبب وجود رفض سياسي لذلك.
وتختلف وجهات النظر السياسية من ناحية المواد التي تحتاج إلى تعديل، مثل قانون المحكمة الاتحادية، وهي أعلى محكمة في العراق، وتتخصص في الفصل في النزاعات الدستورية، إضافة إلى تعديل فقرة "نظام الحكم" في الدستور، وتحويله إلى "رئاسي أو شبه رئاسي"، وكذلك "قانون المساءلة والعدالة"، فضلاً عن الفقرات المرتبطة بالمحافظات، ومنها إنهاء الجدل حول عدد أعضاء مجلس النواب، فهناك مطالبات سياسية بخفض العدد، فضلاً عن قوانين النفط والغاز، والمادة الـ140 من الدستور، المتعلقة بملف المناطق المتنازع عليها بين سلطتي بغداد وإقليم كردستان العراق، وقانون الهيئات المستقلة، والصلاحيات الممنوحة لرئيس الوزراء باختيار وزرائه وإقالتهم والمحافظين.