شهدت مدن عراقية في الآونة الأخيرة تظاهرات هي الأوسع منذ تشكيل الحكومة الجديدة (Getty)
دعا ناشطون ومتظاهرون عراقيون إلى الاحتجاج في العاصمة بغداد ومدن في وسط وجنوب البلاد، رفضاً لتمرير البرلمان الجزئي قانون الانتخابات المثير للجدل، والذي من المقرر استكمال التصويت على باقي فقراته السبت المقبل، واصفين القانون بأنه "احتيال على الشعب".
وصوّت البرلمان العراقي، فجر الإثنين، على اعتماد آليات محددة لفرز نتائج الانتخابات، وذلك خلال تصويته على قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات الجديد، رغم معارضة القوى المدنية والعلمانية وأطياف شعبية واسعة، بوصفه قانوناً "فصل على مقاس القوى النافذة في البلاد"، حيث يعيد نظام الدائرة الواحدة وفق آلية "سانت ليغو" (طريقة حساب رياضية تُتبع في توزيع أصوات الناخبين بالدول التي تعمل بنظام التمثيل النسبي).
وجرى التصويت على المادة الـ16 من القانون، التي نصت على أن "تعتمد المفوضية أجهزة تسريع النتائج الإلكترونية وتجري عملية العد والفرز اليدوية لجميع مراكز الاقتراع في نفس محطة الاقتراع بعد إرسال النتائج إلى مركز تبويب النتائج، وإصدار تقرير النتائج الإلكترونية من جهاز تسريع النتائج، وتلتزم المفوضية بإعلان النتائج خلال 24 ساعة للتصويت العام والخاص، وأنه في حالة عدم التطابق بين نتائج العد والفرز الإلكترونيين والعد والفرز اليدويين في نفس محطة الاقتراع بنسبة أقل 5%، يتم اعتماد نتائج العد والفرز اليدويين".
وإلى جانب مواد أخرى جرى التصويت عليها، فقد صوت البرلمان العراق على أن "يتكون مجلس النواب المقبل من 329 مقعداً، وهو العدد الحالي نفسه، وأن يتم توزيع المقاعد على 320 مقعداً في المحافظات، وتمنح الأقليات الدينية والعرقية حصة (كوتا) من العدد الكلي للمقاعد العامة لمجلس النواب".
وسرعان ما ظهرت ردود فعل الناشطين والقوى المدنية الرافضة للقانون بصيغته التي يرونها "تُعيد الوجوه القديمة، وتقوي وجود الأحزاب الكبيرة على حساب القوى الصغيرة والمستقلين"، فيما دعا البارزين منهم إلى الاحتجاج لرفض هذا القانون وسحب الشرعية الشعبية منه.
وأصدرت اللجنة المركزية للاحتجاجات العراقية، بياناً جاء فيه، أن "الخاسرين اتفقوا على تمرير قانون سانت ليغو سيئ الصيت (...) دون مبالاة لكل الدماء والتضحيات ورأي المرجعية".
وأضاف البيان أن "عودة القانون القديم بالتعديلات الكارثية المطروحة هي إنعاش للفاسدين والمتورطين بالدم والخراب، بعد فشلهم الكبير في الانتخابات الأخيرة، ومصادرة واضحة لإرادة الجماهير واختياراتهم، وقد شاهدتم بأم أعينكم ما جرى يوم أمس من تأخر انعقاد جلسة مجلس النواب لأكثر من 17 ساعة بسبب رفضكم الجماهيري وموقف النواب المعارضين"، ودعت اللجنة إلى "الاحتجاج ضد القانون والتنديد به".
ويحشد الناشطون المدنيون وقوى شعبية مختلفة للتظاهر وتنظيم وقفات احتجاج ضد القانون قبل عقد جلسة البرلمان، يوم السبت المقبل، في بغداد وعدد من المحافظات العراقية جنوب ووسط البلاد.
من جهته، قال الناشط البارز في محافظة بابل، ضرغام ماجد، إن "اجتماع الأحزاب الأخير في مجلس النواب، نال من طموح العراقيين في التغيير عبر اختيار قانون انتخابي يسمح ويساعد المستقلين والكفاءات العراقية للفوز بمقاعد في مجلس النواب، وإن هذه الأحزاب تريد العودة مرة أخرى للهيمنة على مجالس المحافظات بطريقة لا تختلف عن مشاريعها للسيطرة على الحكم في البلاد".
وأضاف ماجد، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "قرار المحتجين هو النزول إلى الشوارع للضغط من أجل تغيير هذا القانون، وأن تسمع الأحزاب رأي الشعب العراقي"، مؤكداً أن "القوى المدنية جميعها لا تقبل بهذه الصيغة من القانون، بل إنها تمثل حالة احتيال على الإرادة الشعبية".
وكان تحالف "قوى التغيير الديمقراطية"، الذي يجمع عدداً من القوى المدنية العراقية، قد أعلن أخيراً رفضه مساعي تسريع تمرير قانون الانتخابات الجديد من قبل مجلس النواب، معتبراً أن ذلك يؤكد "المنهج المقيت" للقوى السياسية المتنفذة.
وشهدت مدن عراقية، خلال الأيام الماضية، تظاهرات هي الأوسع منذ تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني، نهاية أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، تخللتها عمليات قطع طرق رئيسية وحرق إطارات في العاصمة بغداد ووسط البلاد وجنوبها، نظمتها قوى مدنية مختلفة ضد قانون الانتخابات المطروح حالياً في البرلمان.
وترفض القوى المدنية العراقية، بما فيها الحزب الشيوعي العراقي، القانون الذي يعتمد آلية "سانت ليغو"، من دون التردد في إعلان احتمالية توجهها إلى الساحات والميادين للاحتجاج ضد قانون الانتخابات، فيما يخشى "الإطار التنسيقي" مشاركة "التيار الصدري"، الذي يرفض هذا القانون أيضاً، في الاحتجاجات في المرحلة المقبلة.
يُذكر أن "سانت ليغو" هي طريقة حساب رياضية تتبع في توزيع أصوات الناخبين بالدول التي تعمل بنظام التمثيل النسبي، وتعتمد على تقسيم أصوات التحالفات على الرقم 1.4 تصاعدياً، وفي هذه الحالة، تحصل التحالفات الصغيرة على فرصة للفوز، لكن العراق اعتمد سابقاً القاسم الانتخابي بواقع 1.9، وهو ما جعل حظوظ الكيانات السياسية الكبيرة تتصاعد على حساب المرشحين الأفراد (المستقلين والمدنيين)، وكذلك الكيانات الناشئة والصغيرة.