من آخر انتخابات لبرلمان الإقليم في 2018 (صافين حامد/فرانس برس)
توصلت الأحزاب الكردية في إقليم كردستان العراق شمالي البلاد، إلى اتفاق بشأن أزمة انتخابات برلمان الإقليم، بعد أكثر من عام على الخلافات السياسية، التي دفعت الأمم المتحدة وأطرافا دولية إلى التدخّل، لكنها لم تتوصل إلى نتائج، مع تمسك كل طرفٍ برأيه الخاص، في ظل تركز الخلاف حول آلية الانتخابات وتوزيع الدوائر الانتخابية بين مدن الإقليم.
إلا أن اتفاق التسوية الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي، أفضى إلى تفاهم على إجراء الانتخابات وفق أربع دوائر انتخابية، هي أربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة، واعتماد وثائق الناخبين الموجودة لدى مفوضية الانتخابات الرئيسة في بغداد، وتفعيل مفوضية الانتخابات الخاصة في الإقليم.
اتفاق الأحزاب الكردية الكبرى
وحصل الاتفاق بين سبعة أحزاب، تعتبر الأكثر نفوذاً في الإقليم، يتقدمها "الاتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة بافل الطالباني، و"الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، إلى جانب "حركة التغيير"، و"الاتحاد الإسلامي"، و"جماعة العدل"، و"الحزب الشيوعي الكردستاني"، وحزب "العمال والكادحين".
وأعلنت الأحزاب في بيان مشترك منتصف الشهر الحالي، أنها اتفقت على "اتّباع نظام أربع دوائر انتخابية حسب محافظات الإقليم، واعتماد السجل البايومتري للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، مع جميع مستلزماته، إضافة إلى الاستناد إلى بيانات وزارة التخطيط في الحكومة الاتحادية، لتحديد نسبة مقاعد المحافظات". وأضاف البيان، أنه تم الاتفاق أيضاً على تفعيل المفوضية العليا للانتخابات في الإقليم، المجمّدة منذ فترة بسبب انتهاء ولايتها البالغة 4 سنوات.
اتفقت الأحزاب السبعة الكبرى على اعتماد نظام انتخابي وفق أربع دوائر حسب محافظات الإقليم
وطيلة الأشهر الماضية، تمسك "الاتحاد الوطني الكردستاني" الذي تُديره فعلياً أسرة الرئيس العراقي الأسبق جلال الطالباني، بأن يتم اعتماد نظام الدوائر المتعددة للانتخابات التشريعية للإقليم، والذي يهدف إلى تقسيم المدينة الواحدة إلى أكثر من دائرة. لكن "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني، كان يصر على اعتماد نظام "الدائرة الواحدة"، أي اعتبار المحافظة أو المدينة بأكملها دائرة بمفردها.
اتجاه لتسريع انتخابات كردستان
وتتجه رئاسة برلمان الإقليم لتعويض خسارة الوقت السابق جرّاء الخلافات السياسية حول القانون، عبر تسريع إجراء الانتخابات، وعدم تمديد فترة عمله، فيما أعلنت حكومة الإقليم، أنها "اتخذت كافة الاستعدادات لإجراء الانتخابات البرلمانية".
وقال المتحدث باسم الحكومة الكردستانية، جوتيار عادل، الأسبوع الماضي، إنه "تم التحضير من الناحيتين المالية والأمنية وتوفير جو ايجابي لإجراء الانتخابات، وأن الحكومة مستعدة لدعم هذه العملية الانتخابية وتوفير كل الاحتياجات اللوجستية والمالية، وأن هناك إجراءات أخرى ستُتخذ بعد تحديد موعد الانتخابات". لكن لم يُحدد لغاية الآن أي موعد لإجراء الانتخابات.
في السياق، قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في الإقليم، وفاء محمد كريم، إن "الاتفاق جاء بعد أشهر من المباحثات والتفاوض بين الأحزاب الكردية، ويمثل بداية خير بالنسبة للإقليم، في سبيل إنهاء حالة الجدل بشأن إجراء الانتخابات".
عضو في "الديمقراطي الكردستاني": جميع الأحزاب اتفقت على عدم الانتظار طويلاً لإجراء الانتخابات
وبيّن كريم لـ"العربي الجديد"، أن "الاجتماعات حالياً تجرى داخل الأحزاب من أجل الاتفاق النهائي بشأن آلية الدخول للانتخابات، وتفعيل التنظيمات، وجميع الأحزاب اتفقت على عدم الانتظار طويلاً لإجراء الانتخابات".
وأضاف أن "الخلافات السياسية بين الأحزاب الكردية بشأن شكل قانون الانتخابات، أدت إلى تعطيل بعض مشاريع القوانين في البرلمان الكردستاني، ولعل هذا التأخير لا يؤثر على الأحزاب، بل على المواطن الكردي"، مؤكداً أن "موعد انتخابات الإقليم سيُحدد خلال الأيام المقبلة، لتبدأ مرحلة جديدة من حالات العمل السياسي".
من جهته، أشار عضو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي، إلى أن "القانون الانتخابي الجديد، يضمن وجود أربع دوائر انتخابية، وذلك بعدد المدن الكبيرة في الإقليم، وهي أربيل ودهوك والسليمانية وحلبجة، بحيث تكون كل محافظة دائرة انتخابية".
ولفت في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الحوارات بين الأحزاب الكردية، بدأت بتشنج، لكن مع وجود التطمينات التي طرحها كل طرف للآخر، تم التوصل إلى هذه النتائج".
اعتراضات على الاتفاق الانتخابي
في المقابل، بيَّن عضو حراك "الجيل الجديد" في مدينة السليمانية، محمد عثمان، أن "الاتفاق على قانون الانتخابات الذي تبنته الأحزاب الكردية لا ينسجم مع تطلعات شعب إقليم كردستان، لأنه تكرار للتجارب السابقة التي أثبتت فشلها وحصول الأحزاب الكبيرة على أعلى الأصوات وإهمال المرشحين المستقلين".
وأضاف عثمان لـ"العربي الجديد"، أن "حراك الجيل الجديد قاطع جميع الاجتماعات الخاصة بالأحزاب الكردية، لأنها تمثل أحزاب السلطة، ولا تسمح بأي مجال لتغيير الوجوه في إقليم كردستان، وإنهاء ظاهرة حكم العوائل في شمال العراق".
عضو في حراك "الجيل الجديد": الاتفاق على قانون الانتخابات لا ينسجم مع تطلعات شعب إقليم كردستان
بدوره، رأى الصحافي والباحث العراقي علي الحياني، أن "الاتفاق الذي جرى بين الأحزاب الكردستانية بشأن قانون الانتخابات، هو اتفاق حزبي، ولم يصوّت عليه لغاية الآن في برلمان الإقليم، كما أن رئاسة الإقليم لم تُصدر أي توجيهات بشأن تعديل قانون الانتخابات، فيما لم تحدد موعد إجراء الانتخابات". وأضاف أنه من غير المعلوم إذا كانت مفوضية الانتخابات في الإقليم ستدير الانتخابات أم لا، باعتبار أن مدة عملها انتهت وفق القانون.
وأشار الحياني في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن "بعض الأحزاب المعارضة، ومن ضمنها الجيل الجديد، إلى جانب عدد من الشخصيات السياسية المستقلة، طالبوا بضمانات ورعاية من قبل الأمم المتحدة، وهذا قد يفضي إلى حوارات وتفاهمات جديدة".
وكانت آخر انتخابات أجريت في الإقليم في عام 2018 قد تمخضت عن فوز "الديمقراطي الكردستاني" بالأغلبية، بواقع 45 مقعداً من أصل 111 مقعداً هي مجموع مقاعد برلمان الإقليم، بينما حصل غريمه التقليدي "الاتحاد الوطني الكردستاني" على 21 مقعداً. وتوزّعت المقاعد المتبقية على "حركة التغيير" بواقع مقعد، و8 مقاعد لحركة "الجيل الجديد"، و7 مقاعد للجماعة الإسلامية. وحصل "الشيوعي الكردستاني" وكتل أخرى على ما بين مقعد وخمسة مقاعد.
وينصّ قانون الانتخابات في الإقليم على تسمية رئيس الإقليم الجديد وتشكيل الحكومة من قبل الكتلة التي تحصل على أكبر عدد من مقاعد البرلمان خلال الانتخابات التي تشرف عليها مفوضية الانتخابات العراقية الاتحادية في بغداد، ومراقبة من بعثة الأمم المتحدة.