في رمضان الماضي، انطلقت ببغداد النُّسخة الأُولى من مهرجان "ليالي القشلة الرمضانية"، والذي أُقيم في حدائق القِشلة بجوارِ شارع المتنبّي، على ضفاف دجلة. وضمَّ مجموعة فعالياتٍ ثقافيَّةٍ وفنيَّةٍ، ومعرضاً مصغَّراً للكتاب؛ جاء ذلك بعد إعادة إعمار الشارع، وتأهيل معالِمه ومكتباته، وإضاءته بالكامل، بعد أن كانت تقتصر أوقات افتتاحه على الفترة الصباحيّة.
يعود المهرجان بموسمه الثاني، بعد إعادة تأهيل حدائق القِشلة، حيث انطلقت فعالياتُه مساء أمس الجمعة، في حفلٍ افتتحه المنظّمون وسطَ مشاركةٍ جماهيرية واسعة. إذ قدَّمت فرقة "صنجات"، عرضَ الافتتاح من خلال مقطوعاتٍ على آلات الإيقاع مع مجموعة من الأناشيد الصوفيّة، بينما قدَّمت فرقة "الجالغي البغدادي"، بعض الأغاني التراثيَّة التي يستحضرها العراقيون خلال رمضان.
كما شهدت أمسية الجمعة افتتاح معرضٍ للكتاب أقامته دار "المأمون للترجمة والنشر"، إلى جانب مشاركة العديد من "البازارات" التي تُعرَض فيها الأعمال اليدوية والنحتية، وأعمال الحِياكة والنقش على الخشب؛ واختَتم الحفل عازفو "معهد الموسيقى العراقي" الذين قدَّموا مقطوعات موسيقية عراقيّة وعربية.
هذا وتشهد الأيام المُقبلة فعاليات ثقافيّة متعدِّدة، منها جلسات نقاشيّة فكريّة وسياسيّة، وأمسيات شعريّة وغنائيّة، إلى جانب معارض الرسم الشخصيّة، حيث تستمرّ الأنشطة حتى منتصف الليل طيلة أيام شهر رمضان.
يُشار إلى أنّ شارع المتنبّي يشهد منذ ما يقارب العام، حضوراً لافتاً للقرّاء والمثقّفين خلال الفترة المسائيّة، بعد أن كانت زيارته تقتصر على الفترة الصباحية؛ حيث يعدّ الشارع سوق الكتب الأشهر في العراق، وتنتشر على أرصفته "بسطيّات" الكتب؛ إلى جانب المكتبات الكبيرة ودُور النشر المعروفة، على امتداد ما يقرب من كيلو مترٍ واحد.
يُذكر أنَّ "القشلة" يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1861، إذ كانت مقرّاً للدوائر الرسمية وثكنة عسكرية للجيش العثماني، حيث تقع وسط المنطقة المركزية القديمة لبغداد، نهاية شارع المتنبي؛ كما تتميّز بمساحتها الخضراء المُطلّة على النهر، وإيواناتها التراثيّة، وساعتها الكبيرة التي تُشبه المنارة.