2023-03-26T16:18:54.000000Z
تضغطُ الحكومة القومية اليمينية الإسرائيلية على الإدارة الأمريكية التي يديرها تيار العولمة لإنزال ضربة قاصمة على المنشآت النووية الإيرانية.
تتملّصُ الإدارة الأمريكية من ضغوط الحكومة الإسرائيلية، لأنها لا تتوافق مع استراتيجيتها تجاه إيران، فهي التي مهّدت الطريق لتأسيس نظام فارسي متشيّع في إيران.
إسرائيل لا تخشى النعرة الفارسية، فالتأريخ حافل بتعاونهما، ولا تخشى كذلك معتقد التشيّع، لأنه لم يُؤَسَّسْ على أساس كُرهِ اليهود، بل على كُره بني أمية، وأهلِ السنّة من المسلمين.. إسرائيل تخشى من المشروع الفارسي المتشيّع، القائم على تهيئة الأرضية لظهور المهدي والسيطرة على العالم من قم، لأن هذا المشروع يتعارض مع نفس المشروع لديها، فهي تعتقد بمجيء المسيح المنقذ (ليس عيسى عليه السلام) بعد تهيئة الأرضية له، من خلال تأسيس إسرائيل الكبرى، وعاصمتها القدس التي يظهر فيها المسيح المنقذ-كما تعتقد-، وهما مشروعان متعارضان، ومتنافسان، ومتقاطعان في نفس البقعة من الأرض.
إسرائيل لا تريد، إسقاط النظام الإيراني، بل تسعى إلى تقليم أظافره، ومنعه من التفوق العسكري، وتأخير تحقيق مشروعه، لذلك تضغط على الإدارة الأمريكية للمساهمة في تنفيذ الضربة على المنشآت النووية الإيرانية.
تيار العولمة اليساري الذي يمسك في الوقت الراهن بزمام الإدارة الأمريكية، لا يعير أي اهتمام لمشروعي النظام الإيراني، والحكومة القومية اليمينية الإسرائيلية، ولا يمانع حصول النظام الإيراني على السلاح النووي، بل سيعينه على ذلك، وهو مستعد للتعايش مع نظام إيراني نووي، لذلك سيماطل لتأخير الضربة إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية القادمة، التي ستأتي نتائجها لصالح الحزب الجمهوري، حسب توقعات المراقبين، ذلك الحزب الذي يديره التيار القومي اليميني المحافظ الذي يحمل نفس المعتقد اليهودي بخصوص المسيح المنقذ وإسرائيل الكبرى.
سعت إسرائيل إلى تأسيس تحالف عربي-إسرائيلي ضد إيران، ولكن أمريكا وقفت حجر عثرة أمام مساعيها، بل سمحت للصين أن تتوسط بين السعودية وإيران، وتكللت هذه الوساطة بالنجاح، في هذه المرحلة، التي أرادت الإدارة الأمريكية فيها تخفيف حدة التوترات مع إيران، والالتفاف على الضغوط الإسرائيلية عليها.
أمريكا تريد تأسيس التطبيع بين إسرائيل والسعودية، ولكنها لا تريد أن يرقى هذا التطبيع إلى حلف ضد إيران، لذلك، فهي ترخي الحبل للسعودية أحيانا، وتشده أحيانا أخرى، وهو ما جعل السعودية مترددة في علاقتها مع إسرائيل، لا هي مطبعة، ولا هي في خانة المقاومة.
إذا اضطرت الإدارة الأمريكية الحالية إلى الرضوخ لمطالب إسرائيل في الضربة المزمعة على إيران، فإنها لن تقوم بذلك إلا بعد التأكد من أن الردّ الإيراني سيكون صغير الحجم، ومحدود المدى، إذ تتجنب أمريكا كل ما يتسبب بتصعيد التوترات مع الشرق (الصين، وروسيا)، تفاديا لاحتمال نشوب حرب عالمية نووية.
العلاقة السعودية الإيرانية الجديدة، ليست علاقة أصيلة، وليست مُصمَّمة لتحقيق مصلحة البلدين، وغير قائمة، أصلا، على الثقة والاطمئنان، ولا تهدف إلا لتخفيف التوتر بين إسرائيل وإيران، وسوف لن تدوم طويلا.
الإدارة الأمريكية، بعمقها العولمي اليساري ستراوغ في ملاعب هذه الدول الثلاث، وستسعى إلى كسب الوقت، وتخفيف التوترات، وترحيل الأزمات قدر إمكانها، وإنهاء دورتها في الحكم بحالة اللاحرب واللاسلم.