ذهب رائدُ فضاءٍ متحمّس، في الثلاثينيات من عمره، في رحلة عمل بمحطة "مير" الفضائية التابعة للاتحاد السوفياتي السابق في أيار عام 1991.
على الرغم من أن الخطة كانت تقتضي عودة سيرغي كريكاليف بعد خمسة أشهر، إلا أنه لم يتمكن أحد من السماح للرائد المنسي في الفضاء بالعودة.
عندما انهار الاتحاد السوفيتي في 26 كانون الأول 1991، أصبح كريكاليف غير قادر على العودة إلى الأرض، وانتهى به الأمر إلى قضاء مدة كانت أطول مرتين مما كان مخططاً له في المدار.
وفيما كانت الدبابات تنتشر في الميدان الأحمر بموسكو، تم بناء الحواجز على الجسور، وانتهى عهد ميخائيل غورباتشوف والاتحاد السوفياتي في ذلك التاريخ.
كان كريكاليف في هذه الأثناء عالقاً في الفضاء، على بُعد 350 كيلومتراً من الأرض.
عندما تفكّك الاتحاد السوفياتي، قيل لكريكاليف إنه لا يستطيع العودة إلى وطنه، لأن البلد الذي وعد بإعادته إلى الوطن، ببساطة، قد تبخر.
"مركز التحكّم في المهمة يطلب منك البقاء هناك لفترة أطول قليلاً، لأنه لا يوجد جهة تستطيع حالياً تهيئةً عودتك"... كان هذا آخر ما يتلقاه كريكاليف من اتصالات من الأرض.
مرت شهور على هذه الحال حيث كان كريكاليف مهدداً مع مرور كل يوم بمخاطر ضمور العضلات، والتعرُّض للإشعاع، وارتفاع خطر الإصابة بالسرطان وغيرها من الأمراض.
وبعد 3 أشهر إضافية، تمكنت مهمة فضائية روسية ألمانية مشتركة من إعادة كريكاليف إلى الأرض.
عاد كريكاليف أخيراً إلى الأرض في 25 مارس آذار 1992، بعدما دفعت ألمانيا 24 مليون دولار لكازاخستان لشراء تذكرة لاستبداله، برائدها الفضائي كلاوس ديتريش فلايد.
عند الهبوط، ظهر أمام الكاميرات رجل يحمل الأحرف الأربعة "اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية" على بزته المزدانة بالعلم السوفياتي الأحمر، لا يقوى على الوقوف، وبالكاد يستطيع الخروج من الكبسولة الفضائية التي هبطت بالقرب من مدينة أركاليك الكازاخية.
وأخيراً، عاد المواطن "السوفياتي الأخير" للأرض، وهو ضعيف وشاحب يعاني هشاشة العظام والتبعات الصحية الأخرى،
لكنه كان سعيداً بحسب تصريحاته الإعلامية حينها، لكونه أصبح أخيراً "يقف على أرض صلبة".