البرلمان العراقي يمرر قانون "سانت ليغو" بالقوة على رغم الاعتراضات

آخر تحديث 2023-03-27 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

على أسوار المنطقة الخضراء تجمع المحتجون من جميع المحافظات العراقية لمطالبة مجلس النواب بالعدول عن التصويت على القانون الخاص بالتعديل الثالث لقانون مجالس المحافظات والأقضية رقم 12 لسنة 2018، والمعروف بقانون "سانت ليغو".

الحراك الشعبي الذي اتسع مداه مع جلسة مجلس النواب طالب فيه المحتجون "برفض القوانين غير المنصفة وغير العادلة التي تقف ضد توصيات المرجعية"، ودعوا في بيان "سكان العاصمة بغداد إلى الالتحاق بركب المعتصمين"، وطالبوا مجلس النواب برفع فقرة تعديل قانون مجالس المحافظات، مهددين بخطوات تصعيدية في حال إقرار القانون.

أصوات المحتجين والمعتصمين بالقرب من بوابة المنطقة الخضراء لم تجد صدى لها داخل قبة البرلمان الذي شهد في جلسة أمس الأحد حراكاً من نوع آخر بين المستقلين الرافضين للتصويت على القانون والمؤيدين له، وشهدت الجلسة مشادات كلامية واعتداءً بالضرب على النواب المستقلين، بحسب ما أظهرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي.

نائب عراقي يستخدم صافرة تعبيراً عن احتجاجه (الصورة تخضع لحقوق الملكية الفكرية - مواقع التواصل الاجتماعي)

 

صافرة للرفض 

عقدت الجلسة مساء أمس الأحد الساعة 20:30 بالتوقيت المحلي، وقد دون في جدول أعمالها التصويت على القانون الخاص بالتعديل الثالث لقانون مجالس المحافظات والأقضية رقم 12 لسنة 2018، ولم يكتمل النصاب، لتمتد الجلسة، وتعقد في الساعة 23:00، وما إن بدأت المناقشات حول تفاصيل القانون حتى بدأ النواب المستقلون برفض مناقشة القانون، وقد احتج النائب فلاح الهلالي عن "حركة امتداد" من محافظة ذي قار عن طريق إطلاق صافرة للتشويش على سير أعمال جلسة مجلس النواب. 

طرد المستقلين 

مع كثرة الخلافات والفوضى وهتافات المستقلين بعبارة (كلا كلا سانت ليغو) طالب رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بحفظ النظام الداخلي، ومع استمرار الاحتجاج طالب الحلبوسي حرس مجلس النواب من قوات البيشمركة بالتدخل لإخراج المستقلين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وطالب رئيس "كتلة الفتح" النيابية عباس الزاملي، وبحسب النائب عامر عبدالجبار، بإنهاء عضوية كل الأعضاء الذين اعترضوا على القانون، فيما تعرض النائب محمد نوري لاعتداء بالضرب من قبل قوات البيشمركة المكلفة حماية مجلس النواب، مما تسبب له في جروج طفيفة. 

التصديق على القانون 

على رغم الحراك الشعبي خارج البرلمان واحتجاجات المستقلين داخله، فإن القانون تم تمريره والتصويت عليه في حضور 189 نائباً، وتم التصويت على اعتماد القاسم الانتخابي (1.7) من نظام "سانت ليغو" المعدل، فيما لوحت "حركة امتداد" بتقديم دعوى إلى المحكمة الاتحادية للطعن بالقرارات التي صدرت عن جلسة أمس الأحد.

يعيد هيمنة القوى الكبرى

يكرس اعتماد نظام "سانت ليغو" بالاعتماد على القاسم الانتخابي 1.7 هيمنة زعامات السلطة التقليدية، ويجعلها متحكمة أكثر بالقوائم، وهو يعتمد على توزيع الأصوات داخل القائمة الانتخابية، وليس على الفائز الأعلى، كما يعتمد القانون أن المحافظة هي دائرة انتخابية واحدة، ويلغي عدالة المنافسة في الانتخابات، وستبقى الكتل التقليدية هي المهيمنة، وهي صاحبة الحظ الأوفر للدخول مجدداً إلى قبة البرلمان.

حراك أكتوبر يخسر منجزاته 

مع اندلاع حراك أكتوبر (تشرين الأول) 2019 واستقالة حكومة عادل عبدالمهدي أقر البرلمان قانون الانتخاب رقم 9 لسنة 2020، تم فيه تبني نظام الغالبية بدلاً من نظام النسبية الذي كان قائماً في كل الانتخابات التي سبقت انتخابات عام 2021، كما أقر القانون رقم 9 لسنة 2020 الترشح الفردي حصراً، بعد أن كان ترشيح القوائم الانتخابية الحزبية هو السائد سابقاً، مع تقليل عمر المرشح المسموح به من 30 إلى 28 سنة لإتاحة فرصة أكبر للشباب في الانتخابات. 

ومن التغيرات المهمة في القانون إجازته آلية جديدة في تقسيم الدوائر تتمثل في تقسيم المحافظة الواحدة إلى عدة دوائر انتخابية، بدلاً من أن تكون المحافظة دائرة واحدة، وعالج نظام توزيع المقاعد، إذ قضى بتخصيص مقاعد كل دائرة للفائزين بأعلى الأصوات، وعلى التوالي، بغض النظر عن جنس المرشح، بعد أن يتم احتساب عدد الأصوات المُدلى بها لكل واحد ضمن الدائرة في جولة واحدة.

اعتبر القانون الذي جاء بعد حراك أكتوبر نصراً للقوى الصغيرة التي تحاول المنافسة والدخول للبرلمان، وبالفعل تمكنت القوى المستقلة في انتخابات 10 أكتوبر 2021 من دخول البرلمان، إذ تمكنت القوى الصغيرة التي أفرزها الحراك من الظفر بمقاعد في البرلمان، فـ"حركة امتداد" حصلت على 9 مقاعد، كما حصلت "حركة إشراقة كانون" على 6 مقاعد.

ولكن، بعد إقرار مجلس النواب قانون "سانت ليغو" لن تبقى الخريطة السياسية للمجلس كما هي، فالانتخابات القادمة وفقاً للقانون الجديد لن تفسح المجال للقوى المستقلة والصغيرة برجحان كفتها في البرلمان، بل سيعاد سيناريو انتخابات ما قبل 2021، والمتمثل بعودة القوى التقليدية وإدارتها وفقاً لصالحها.