سيبحث البارزاني والسوداني المراحل النهائية للاتفاق الخاص بالملف النفطي (فرانس برس)
وقّعت الحكومة العراقية في بغداد، مع حكومة إقليم كردستان شمالي البلاد، اليوم الثلاثاء، على اتفاقية نهائية تقضي بأن تتولى بغداد عملية الإشراف الكامل على تصدير النفط من حقول الإقليم، وهو ما يسمح باستئناف تصدير النفط مجددا عبر ميناء جيهان التركي.
كان التصدير قد توقف فعليا منذ إصدار هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية، حكما لصالح بغداد يقضي بإيقاف تصدير إقليم كردستان النفط عبر تركيا لعدم وجود إذن من بغداد.
وفي مؤتمر صحافي عقده كل من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني، في بغداد اليوم الثلاثاء، عقب توقيع الاتفاق قال السوداني، إن الاتفاق يصب في مصلحة العراقيين جميعاً، مشيراً إلى حرص الحكومة عدم زيادة نسبة العجز في الموازنة العامة".
فيما أوضح البارزاني أن "الاتفاق مهم لجميع العراقيين" مشيرا إلى أن" السوداني راعى جميع العراقيين في الاتفاق الذي سيشكل الأساس لقانون الموازنة وستنعكس أسسه في قانون النفط والغاز".
وشدد البارزاني على أن استئناف تصدير النفط يصب في مصلحة العراقيين جميعاً"، مستطردا أننا "لن نتخلى عن أي من حقوقنا الدستورية".
بدوره أكد حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء العراقي، أن الاتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان "سيُضمّن في مسودة مشروع الموازنة التي ذهبت الى البرلمان"، في إشارة الى موازنة العام الحالي المالية وحصة الإقليم منها.
وأوضح حسين في تصريحات للصحافيين أن "الاتفاق النفطي يتضمن تصدير 400 الف برميل (من حقول الإقليم) ويكون هنالك صندوق للحسابات مراقب من قبل ديوان الرقابة المالية (التابع للحكومة العراقية)، وتجري عملية التصدير من خلال شركة النفط العراقية الرسمية (سومو).
وأضاف أنه "يجري التباحث حول المسارات الفنية بين وزارة النفط الاتحادية ووزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان حول آليات العمل المشترك، سواء في قضية تصدير النفط او مسودة قانون النفط والغاز التي يشرف عليها رئيس الوزراء من جهة، ومن جهة أخرى يعمل على ادارة هذه النقاشات من قبل مجلس الطاقة عبر وزير النفط".
واعتبر علاوي أن "الحوارات تجري لتطبيق مسار الاتفاق السياسي بين الحكومة الاتحادية والقوى السياسية في اقليم كردستان، وهذا بالتالي يضمن لأول مرة بعد عشرين عاماً مسودة أولية لقانون النفط والغاز".
بارزاني في بغداد
ووصل رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور البارزاني، على رأس وفد كردي، إلى العاصمة العراقية بغداد اليوم الثلاثاء، بهدف عقد اجتماعات موسعة مع المسؤولين العراقيين، أبرزهم رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.
وبحسب بيان للمكتب الإعلامي لحكومة إقليم كردستان، فإن الاجتماع للتباحث بشأن حل المشاكل بين إقليم كردستان والحكومة العراقية، ولا سيّما مناقشة المراحل النهائية للاتفاق الخاص بالملف النفطي واستئناف صادرات نفط إقليم كردستان.
وأكدت مصادر مطلعة في وقت سابق لـ"العربي الجديد" أن البارزاني سيوقع اليوم، الاتفاق النهائي مع السوداني، لاستئناف تصدير نفط كردستان عبر ميناء جيهان التركي مجدداً.
وأشارت المصادر لـ"العربي الجديد" إلى أنه جرى الاتفاق النهائي بشأن إعادة استئناف تصدير نفط إقليم كردستان بداية من اليوم الثلاثاء، على أن يكون تحت إشراف شركة تسويق النفط الوطنية "سومو".
وكانت تركيا أوقفت استيراد النفط من إقليم كردستان على خلفية قرار هيئة التحكيم في غرفة التجارة الدولية في باريس التي حكمت لصالح العراق في نزاعه مع تركيا بشأن صادرات النفط من إقليم كردستان.
مضمون الاتفاق
ويتضمن التفاهم الجديد بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، بحسب مسؤول في حكومة الإقليم تحدث لـ"العربي الجديد"، الاتفاق على إناطة منصب نائب مدير شركة التسويق الوطنية العراقية القابضة (سومو) بشخصية كردية، وأيضاً "عودة شركات النفط الأجنبية العاملة في إقليم كردستان لاستخراج النفط من الحقول المختلفة في الإقليم، كون حكومة كردستان قد وقّعت معها سلسلة عقود، ولا يمكن إلغاؤها، لتفادي تعرض الإقليم لعقوبات جزائية".
وأكدت المصادر أن الحكومة العراقية ستقوم بإرسال الكميات التي يحتاجها الإقليم من الوقود المخصصة للاستهلاك المحلي، على أن يتم بيعها بالسعر المشابه للأسعار الموجودة في المحافظات العراقية الأخرى، وهو 450 ديناراً للتر الواحد من البنزين والمشتقات الأخرى.
في السياق، تحدث الخبير في الشأن الاقتصادي نبيل جبار النعيمي عن مضمون الاتفاق النفطي بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان، مؤكدا، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "الاتفاق بين بغداد وأربيل يتضمن، حسب التسريبات، الإدارة المشتركة لمبيعات النفط بين شركة سومو (شركة تسويق النفط التابعة لوزارة النفط العراقية) ووزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان".
وبحسب الخبير الاقتصادي، فإن "الطرفين أبلغا الشركات المشترية للنفط العراقي بإلغاء عقودها، وتنظيم عقود جديدة لشراء النفط المصدّر من إقليم كردستان بالأسعار الجديدة دون تفضيلات". وأشار إلى أن "قرار هيئة التحكيم في غرفة التجارة الدولية لصالح الحكومة العراقية حول تصدير النفط مكّن الحكومة من تعزيز موقفها في المفاوضات مع إقليم كردستان".
ضغوطٌ أميركية
ويؤكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء كريم، أن الضغوط الدولية التي مارستها الولايات المتحدة الأميركية نجحت في توصل بغداد وأربيل لاتفاق يتم من خلال استئناف الصادرات النفطية.
ولفت كريم، في اتصال مع "العربي الجديد"، إلى أن "وزارة الخارجية الأميركية لعبت دور الوساطة وأجرت سلسلة اتصالات مع تركيا والحكومة العراقية، لشعورها بأن استمرار وقف تصدير النفط من كردستان يعني عودة المشاكل بين بغداد وأربيل إلى المربع الأول".
كما أشار عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى أن "جميع الشركات النفطية العاملة في إقليم كردستان وصلتها تطمينات، وبالتالي ستستمر بالعمل داخل الإقليم، وحتى التي انسحبت ستعاود العمل مجدداً".
في هذا الصدد، أوضح المستشار والخبير المختص بالشؤون النفطية كوفند شيرواني أن التوصل لاتفاق بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان كان متوقعاً.
وأشار شيرواني، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "التفاهمات بين الطرفين وصلت إلى مراحل متقدمة في ما يتعلق بإقرار قانون النفط والغاز، والذي يتضمن إدارة الثروة النفطية في العراق بشكل عام".
وأضاف الخبير المختص بالشؤون النفطية أن "التفاهمات قطعت أشواطاً جيدة، وبغداد وأربيل تدركان أن توقف تصدير النفط يضر بهما، وهنالك خسائر يومية تقدر بنحو 40 مليون دولار، وهذا الأمر يزيد من نسبة العجز في الموازنة المالية للعراق".
وأوضح المتحدث ذاته أن "الاتفاق الجديد يكون الدور الأكبر فيه لشركة "سومو"، والعوائد المالية توضع في حسابٍ خاص يخضع للمراجعة القانونية، ويتوقف الهدر بعد عودة استئناف تصدير النفط لرفد العراق بملايين الدولارات".