شهدت المحافظة منتصف الشهر الماضي تحطم مروحية تقل عناصر من "قسد" (Getty)
مع استمرار إغلاق تركيا مجالها الجوي من مطار السليمانية في إقليم كردستان، شمالي العراق، وإليه، في خطوة جاءت رداً على نشاط مسلحي حزب العمال الكردستاني في المحافظة التي تخضع لسلطة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، تصاعدت حدة التحذيرات من خطورة ذلك على أمن المحافظة.
في الثالث من إبريل/ نيسان الجاري، أوقفت تركيا جميع الرحلات الجوية مع مطار السليمانية الدولي، وأكدت خارجيتها أنّ القرار جاء بسبب تكثيف أنشطة حزب العمال الكردستاني في مدينة السليمانية، وتغلغله في مطار السليمانية، ما يؤدي إلى تهديد أمن الطيران.
وأول من أمس الجمعة، تعرض مطار السليمانية لهجوم بطائرة مسيّرة استهدفت قائد قوات "قسد" السورية مظلوم عبدي.
وبحسب مصدر أمني مطلع، فإنّ مظلوم عبدي كان موجوداً في السليمانية لمدة 3 أيام، وأجرى سلسلة اجتماعات مع مسؤولين وقيادات في التحالف الدولي، وتعرضت طائرته للقصف الذي استهدف مقر الشحن في مطار السليمانية، من دون أي إصابات.
وتخضع مدينة السليمانية لسلطة الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل طالباني، وهو ثاني أكبر الأحزاب الكردية في إقليم كردستان، وتوجه اتهامات للسليمانية بأنها تؤوي مقار تابعة لحزب العمال الكردستاني، تمارس نشاطاً "عدائياً" في مدن إقليم كردستان وضد تركيا أيضاً.
وأمس السبت، وصل وفد أمني وعسكري عراقي برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي إلى السليمانية، وعقد الوفد مباحثات أمنية داخل المطار المستهدف، من دون أنّ يكشف أي من الجانبين عن فحوى ومخرجات اللقاء.
مطار السليمانية لا يخضع لسلطة الطيران العراقية
يقول وفاء محمد كريم، عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان بزعامة مسعود البارزاني، إنّ السليمانية أصبحت غير خاضعة للمؤسسات الحكومية في إقليم كردستان، وتدار من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني حصراً، ولا يسمح لحكومة الإقليم بممارسة دورها في المدينة.
وأكد لـ"العربي الجديد" أنّ "مطار السليمانية أصبح مقراً لنشاطات مشبوهة لقيادات حزب العمال الكردستاني، كما أنّ هنالك تنقلات مع مطار قامشلي في شمال سورية ومطارات أخرى، من دون علم وزارة النقل في حكومة الإقليم أو حتى سلطة الطيران العراقية".
وأضاف المتحدث أنّ "المطارات تابعة للسلطة العراقية ولا يمكن هبوط طائرة واحدة عسكرية أو مدنية من دون علم الحكومة العراقية وإشرافها، لكن مطار السليمانية لا يلتزم بهذه الإجراءات إطلاقاً"، مشيراً إلى أنّ "السليمانية تضم عشرات المقار لحزب العمال الكردستاني ممثلة بشركات ومنظمات مجتمع مدني ومدارس وقنوات فضائية، وهذه النشاطات تحرج الحكومة العراقية وحكومة الإقليم مع الحكومة التركية أيضاً".
الاتحاد الوطني ينفي وجود "العمال الكردستاني" بالسليمانية
في المقابل، يواصل الاتحاد الوطني الكردستاني نفيه وجود مقار لحزب العمال في المدينة، ويقول عضو الحزب صالح فقي، في حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "جميع منظمات المجتمع المدني التي كانت على صلة أو مقربة فكرياً من حزب العمال تم إغلاق مقارها في السليمانية منذ عام 2019".
وأضاف أنّ "الادعاء بأن مطار المدينة فيه نشاطات لحزب العمال والفصائل الموالية له هو تضليل هدفه فرض الحصار على المدينة بمساعدة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحديداً جناح رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور البارزاني".
وأشار إلى أنّ "الاتحاد الوطني لديه علاقات مع (قسد)، ولديها مقار في السليمانية، كما أن رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل الطالباني زار شمال سورية قبل مدة، والتقى بقائد (قسد) مظلوم عبدي، وأنّ علاقتنا معهم واضحة وغير مخفية، ولكنها قوة غير محظورة، وهي مدعومة من التحالف الدولي، وهي تختلف عن حزب العمال إطلاقاً، وتعاملنا معها بشكل رسمي ومعلن"، وفقاً لقوله.
تحذيرات من خطورة نشاط حزب العمال على أمن السليمانية
في هذا السياق، حذر الباحث في الشأن الكردي بيار محمد من خطورة نشاط مسلحي العمال على أمن السليمانية، مؤكداً أنّ "السليمانية أصبحت خلال الفترة الأخيرة مقراً لنشاطات حزب العمال الكردستاني والفصائل الموالية له، سواء قوات (قسد) الكردية أو الفصائل الإيزيدية المسلحة"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أنّ "تصرفات الاتحاد الوطني الكردستاني تحرج أربيل وبغداد أمام الحكومة التركية والمجتمع الدولي بشكل عام، كون حزب العمال يقوم بأعمال وممارسات إرهابية وإجرامية تستهدف منشآت اقتصادية في الإقليم والقوات الأمنية وتعتدي على دول الجوار".
وأكد الباحث أنّ "حزب العمال لديه نشاطات عسكرية في مناطق قنديل ورانيا وسيد صادق وجمجمال، وجميعها مناطق تابعة لمحافظة السليمانية، كما أن لديه منظمات مجتمع مدني وشركات تجارية وتصل إليه تحويلات مالية عبر بنوك السليمانية، كما يستثمر الحزب في مدارس أهلية وشركات، ويمتلك قنوات فضائية لديها مكاتب في السليمانية".
وأوضح المتحدث أنّ "مطار السليمانية بات يشكل تهديداً حقيقياً على أمن السليمانية، كونه يسمح بتنقل قيادات حزب العمال الكردستاني والمنظمات التابعة له داخل وخارج العراق"، مشدداً على أنّه "يجب أنّ يخضع للرقابة الصارمة من سلطة الطيران العراقية".
وشهدت المحافظة، منتصف الشهر الماضي، تحطم مروحية تقل عناصر من قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، والتي كانت في طريقها إلى الحسكة قادمة من السليمانية.