أهوار الجبايش بعدما استعادت بعض الحياة بعد موجة جفاف (أسعد نيازي/فرانس برس)
ساهمت موجة الأمطار الشديدة الأخيرة التي ضربت معظم مدن العراق، واستمرت يومين (الثلاثاء والأربعاء)، في إنعاش منطقة الأهوار، جنوب البلاد.
وسجَّلت أهوار محافظة ميسان، زيادة نسبية في الغمر المائي بفعل الأمطار الأخيرة، بعدما شهدت موجة جفاف غير اعتيادية، دفعت السكان في تلك المنطقة إلى الهجرة منها باتجاه مركز المدينة والمحافظات الأخرى، مع بدء البحث عن فرص عمل جديدة بعد نفوق المواشي وتحديداً حيوان الجاموس الذي يمثل رمز تلك المناطق.
وقال مدير إنعاش الأهوار والأراضي الرطبة في المحافظة سلام سعدون إن "كميات كبيرة من سيول الأمطار (الشماشير) القادمة من شرق المحافظة وصلت إلى أهوار السناف مروراً بهور الحويزة والعظيم وأم النعاج والأهوار الشرقية المتاخمة للحدود الإدارية للمحافظة".
وأشار سعدون في حديثٍ صحافي، مساء أمس الخميس، إلى أن "مساحة الأهوار الشرقية التي وصلتها السيول تقدّر بنحو (1055) كيلومتراً"، موضحاً أن "كمية الأمطار التي سقطت على المحافظة إلى جانب السيول القادمة من إيران ساهمت بتغطية مساحات واسعة من الأهوار الشرقية والغربية بالمياه، كما أنعشت ستة مغذيات نهرية في الأهوار وهو ما سينعكس مستقبلاً على تحسين بيئة الأهوار".
والأهوار العراقية التي تتفرّد بها طبيعة هذه البلاد، هي مسطّحات مائية ضخمة تستمدّ مياهها من نهرَي دجلة والفرات بصورة رئيسية، وتمتدّ في محافظات ذي قار وميسان والبصرة والمثنّى ومناطق حدودية مع إيران، جنوبي البلاد وجنوب شرقيها. أمّا أبرزها، فهي أهوار الجبايش والحمّار والشيب والدجيلة، وهي تضمّ أنواعاً عديدة من الطيور والأسماك والنباتات المائية ونبات القصب والبردي، فيما تعيش حولها آلاف الأسر العراقية على الزراعة وصيد السمك وتربية المواشي.
من جهته، بيَّن عضو منظمة "طبيعة العراق" مهدي حسين أن "الغمر المائي الذي تسببت به الأمطار الأخيرة، أدى إلى إنعاش جديد للمنطقة، لكنه في الوقت نفسه أدى إلى خسائر في بعض المزارع في مدن الجنوب"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الاعتماد على مياه الأمطار من أجل معادلة الخسائر الكبيرة في المياه، يمثل حالة تحد كبيرة، وهو يجعل الأهوار والبساتين في مناطق جنوب العراق تنتظر الرحمة الإلهية وليس الحصص المائية التي من المفترض أن تصلها".
من جانبه، بيَّن ميثم سلام، وهو عضو جمعية "حماة دجلة" في بغداد، أن "الانتعاش الأخير الذي حصل في أهوار محافظة ميسان والمناطق الشمالية من البصرة، لا يعدو كونه حالة مؤقتة، لأن موسم الجفاف الصيفي لم يبدأ بعد"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "الجفاف سيضرب الأهوار بشكلٍ شبه كامل، وسيؤدي إلى إنهاء الحياة في تلك المناطق وهروب ما تبقى من الأهالي فيها".
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، قد وافقت في السابع عشر من يوليو/ تموز 2016 على إدراج الأهوار في قائمة التراث العالمي محميّة طبيعية دولية، بالإضافة إلى مدن أثرية قديمة قريبة منها، مثل أور وأريدو والوركاء.
ومن أهم الأهوار في ذي قار أهوار الجبايش، شرق مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار (350 كم جنوب العراق)، وتعد امتداداً لهور أبو زرك وهور الحمّار، وتتغذى أهوار من نهر الفرات ونهر دجلة، وتوجد فيها أنواع عديدة من الطيور والأسماك، والنباتات المائية، ونبات القصب، والبردي.
لكن منذ نحو عامين يضرب الجفاف البلاد، وقد تسبّ فيه تراجع مستويات المياه الواصلة عبر نهرَي دجلة والفرات نتيجة سياسات مائية لإيران وتركيا، من خلال بناء سدود وتحويل مجرى أنهار فرعية ومنع دخولها إلى العراق، إذ تراجعت مناسيب المياه في المسطّحات المائية التي تغطّي مساحات كبيرة من محافظات عدّة، وتُعَدّ مصدر حياة بيئية خصبة تكوّنت حولها تجمّعات سكنية كثيرة من قرى وقصبات مختلفة تضمّ عشرات آلاف العراقيين.