أكد تقرير أميركي بأن أعداد الموظفين في العراق قد تضاعفت ثلاث مرات منذ تغيير النظام السابق، مشدداً على أن القطاع العام أصبح غير منتج، ونصح بتخصيص أموال للذين لم يحصلوا على وظيفة حكومية او الكسبة والفقراء.
وذكر تقرير صادر عن مركز دراسات البحوث الاقتصادية الأميركي (Economics Research Forum) أن “العراق فشل بتوظيف الثروة النفطية الهائلة في استثمارات لتطوير البنى التحتية وقطاع التربية والرعاية الصحية وتوفير فرص عمل خارج نطاق القطاع العام”.
وأضاف التقرير، أن “ذلك في وقت تحول نظام الحكم في العراق بعد العام 2003 من نظام دكتاتوري الى نظام تعددية حزبية وتوافق سياسي وحرية”.
وأشار، إلى أن “نظام الحكم السياسي الذي اتبع في البلد بعد العام 2003 سمح لكيانات سياسية متنفذة باستخدام موارد النفط لخلق شبكات دعم والمحافظة عليها للبقاء بالسلطة في بعض الأحيان”.
وشدد، على أن “هذا حصل من خلال عقود حكومية وهمية وكذلك تأمين وظائف حكومية مفضلة، هذا يعني انه لم يتبق شيء على سبيل المثال للاستثمار في مجال قطاع الصحة والتربية بالنسبة للمواطن”.
ولفت التقرير، إلى أن “الهيكلية الاقتصادية الحالية التي تمنح محفزات لاستخدام المؤسسات العامة لمكاسب سياسية خاصة وضعف سلطة القانون قد سمحت للفساد بالتفشي وأصبح متوغلا في كل المؤسسات”.
ورأى، “ضمن هذا المنطق فان الأشخاص العفيفين والذين لا يرتشون قد لا يسمح لهم بالبقاء في مناصبهم”.
وتحدث التقرير، عن “جانب المحسوبية لدى الأحزاب السياسية المتنفذة والذي تسبب بجلب موظفين للقطاع العام هم غير اهل لمناصبهم وغير اكفاء”.
وأكد، “ازدياد عدد موظفي القطاع العام منذ العام 2003 أكثر من ثلاث اضعاف ما كان عليه سابقا، وهذا ما جعل القطاع العام قطاعا غير منتج وليس كما كان يفترض ان يكون”.
ونوه، إلى أن “التنافس الحاد على ضمان وظيفة في القطاع العام هو مرتبط بنظام الرعاية العامة الضعيف للعراق”.
وأكد التقرير، أن “هذا النظام، وصفه صندوق النقد الدولي في تقرير له عام 2021 بأنه هش وغير كفوء”.
وأوضح، أن “النظام يفتقر الى قاعدة معلومات رصينة عن الفقراء والذين يجب ان يستهدفون بالرعاية مثل ارامل الحرب وربات البيوت اللائي لديهن أولاد ايتام والنساء المطلقات، وهو نظام لا يضع الفقراء في أولوياته”.
ويستند التقرير، إلى “صندوق النقد الذي بين قبل 2020، أن 1.4 مليون عائلة، ليسوا كلهم فقراء، تلقوا رواتب بنسبة 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي”.
ويجد التقرير، أنه “ضمن هذه الظروف فان التعيين في القطاع العام هو المحرك الرئيسي لضمان مورد مالي للذي يستطيع ان يحصل على وظيفة”.
وذكر، وفي الوقت نفسه، فان “ذلك يعدّ آلية مكلفة جدا للدولة، في العام 2017، على سبيل المثال، استنزفت مرتبات القطاع العام من خمسي الانفاق العام الإجمالي مرتفعا بذلك بنسبة 14% عن قيمة الإنفاق في العام 2005”.
ويواصل، “وبحلول العام 2020 كانت الدولة تخصص 24% من حجم الناتج المحلي لتغطية مرتبات القطاع العام، وفي الوقت نفسه فانه ليس هناك تنظيم لخلق فرص عمل في القطاع الخاص وليس هناك ضمان تقاعدي لمن ليس له عمل”.
وأشار التقرير، إلى “عدم خلق فرص عمل في القطاع الخاص، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على سوق العمل العراقية لخلق وظائف ذات مردود مالي جيد”.
وزاد، أن “دور القطاع الخاص، وكما هو الحال مع بلدان أخرى في الشرق الأوسط، بزيادة الناتج المحلي الإجمالي في العراق هو متدني وحتى اقل من بقية البلدان”.
وتابع التقرير، أن “هناك أسبابا هيكلية ومؤسساتية لهذه النتائج ومن بين تلك الأسباب هو اقتصاد العراق المعتمد على النفط بشكل كلي وهو قطاع يولد المال ويعمل فيه عدد محدود من الموظفين نسبيا”.
وشدد، على “عدم وجود مؤسسات تربوية تجهز السوق بعمال مهرة، أضف الى ذلك هجرة العقول وقوانين عمل وتشغيل غير كفؤة”.
ويسترسل التقرير، أن “كل هذه الأمور تحتاج الى حلول جذرية طويلة الاجل”، موضحاً أن “الحصيلة هي ان سوق العمالة العراقية لا يمكنها توفير فرص عمل كافية اليوم لامتصاص الداخلين الجدد لسوق العمل”.
وأوصى، بأن “يكون هناك تعديل في ميزانية الإنفاق العام للدولة يستهدف الذين لم يحصلوا على وظيفة حكومية او الكسبة والفقراء”.
ومضى التقرير، إلى “ضرورة تخصيص أموال أيضا من الانفاق العام لإنجاز تطويرات في البنى التحتية واستثمارات أكثر في لتحسين قطاع التربية والتعليم والرعاية الصحية”.
يشار إلى أن العراق يناقش حالياً موازنة لثلاثة أعوام تم تخصيص 75% منها إلى الشق التشغيلي، وأغلبها رواتب للموظفين والمتقاعدين وشبكة الرعاية الاجتماعية، فيما تؤكد اللجنة المالية أن الموازنة تتضمن 729 ألف درجة وظيفية جديدة تذهب إلى الوزارات والمؤسسات والمحافظات.