داخل إحدى جامعات العراق (محمد الشاهد/ فرانس برس)
لا تزال نسبة التحرّش مرتفعة في العراق على الرغم من القوانين الصارمة التي تتحدث عنها السلطات القضائية والأمنية في البلاد. واضطرت أخيراً إلى نشر عناصر من قوات الشرطة المجتمعية على مقربة من الجامعات والمدارس، فيما تعمد الضحايا إلى تصوير هذه الأفعال في الشوارع والأسواق والدوائر الحكومية.
وتحاول السلطات الحدّ من الظاهرة في بغداد وباقي المحافظات من خلال تنفيذ حملات واسعة لاعتقال متحرّشين ومعاقبتهم وفق القوانين المطبقة التي تقضي بسجن مرتكبي هذه الأفعال فترة تتراوح ما بين 3 أشهر وعام كامل.
ويشير الأستاذ الجامعي غالب الدعمي إلى أن ظاهرة التحرش موجودة في الجامعات من قبل الأساتذة، واصفاً إياها بـ "الظاهرة المؤسفة وغير الأخلاقية". وكتب في صفحته على "فيسبوك": "التحرش بالطالبات من قبل الأستاذ أخلاقياً... بعيداً عن موقف الدين من ظاهرة التحرش وعن وصف التحرش قانونياً كظاهرة يجرمها القانون، إلا أنني هنا أتحدث عن ظاهرة تحرش الأستاذ بطالباته أخلاقياً وابتزازهن بوسائل عدة من أجل نيل مراده منهن عبر ممارسة هذا الفعل الدنيء في الحرم الجامعي وللأسف".
وسأل: "كيف لأستاذ أن يمارس هذا الفعل مع طالباته اللواتي ربما يكن بمثابة بناته أو أخواته؟ وكيف نثبت هذا الفعل؟ أعتقد أن هناك عدة مصاديق (وسائل) لإثبات ذلك من ضمنها الرسائل التي يرسلها الأستاذ إليهن أو البصمات الصوتية أو التهديد بالويل والثبور لمن لا تستجيب لرغباته أو الاستقواء بالإدارة ومنظومة علاقاته في الجامعة أو الاعتماد على بعض الأساليب القذرة التي لامجال لذكرها هنا".
تابع: "ماذا تفعل الطالبة حين تجد رئيس القسم العلمي جزءاً من منظومة فقدان الأخلاق، وحين تجد العميد فاقداً للمروءة في التعامل مع هذه الحالات، وحين تجد بعض من يتغاضى عن انتقاد هذا الفعل الدنيء، بل يناصره عبر تشكيل منظومة متكاملة لتهديد والابتزاز لتحقيق الفعل ونشر الرذيلة؟".
واختتم التدوينة "أيها التدريسيون الذين تأتون هذا الفعل مع طالباتكم تذكروا أن عندكم اخوات وزوجات وبنات سيتعرضن لهذا الفعل لو سكتم عن قطع دابر هذه الافعال الدونية. أكرر حافظوا على شرف المهنة ودافعوا عنها ولا تجاملوا من يقوم بهذا الفعل لأجل منافع دنيوية".
من جهتها، قالت الناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل إسراء سلمان: "لاستمرار التحرش بالنساء والأطفال في المدارس والجامعات والأسواق والشوارع أسباب عدة، من بينها عدم وجود مادة قانونية واضحة لمعالجة هذه الظاهرة"، لافتة إلى أن "العقوبة تقتصر على حبس المتحرش لمدة شهر أو شهرين أو تغريمه وهذا في حال تم اعتقال المتحرش أصلاً، لأن الكثير من الحالات يتم حلها بالتراضي بين العوائل".
أضافت سلمان في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "المجتمع العراقي للأسف يجد أحياناً مبررات للمتحرش، بحجة ملابس المرأة أو تجوالها في الأسواق، مع ضعف واضح للقانون وقوة للمجتمع وللعشيرة، بالإضافة إلى النظرة الدونية للمرأة من قبل البعض، وهذه أيضاً تعد من أسباب استشراء التحرش"، مؤكدة أن "المادة الأولى من الدستور العراقي التي تشرح شكل الدولة، تعتمد الديمقراطية كمبدأ أساسي، لكن في العراق هناك ترسيخ لبعض المفاهيم القبلية والدينية".
ولفتت سلمان إلى "وجود عوائق كثيرة تواجه المرأة العراقية في شتى المجالات، ومنها ما تمارسه الأحزاب الدينية التي تعيق عملية تشريع القوانين التي تمنع التحرش وتحمي المرأة".
وكانت الشرطة العراقية قد اعتقلت مئات المتورطين بعمليات التحرش بشكل مؤقت وإحالة عدد منهم للقضاء، موضحة أنّ التجمعات الجماهيرية والأسواق تشهد أكبر عدد من تلك الحالات التي اعتبرتها دخيلة على المجتمع.
وتنص المادة 400 من قانون العقوبات العراقي لسنة 1969 المعدل على أن من ارتكب مع شخص، ذكراً أو أنثى، فعلاً مخلاً بالحياء بغير رضاه أو رضاها، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مائة دينار عراقي (الدولار الواحد يعادل 145 ديناراً) أو بإحدى هاتين العقوبتين.