في خطوة جديدة نحو عودة سوريا للحضن العربي وكسر العزلة المفروضة على نظام بشار الأسد، وافقت دمشق على المساعدة في إنهاء تهريب المخدرات عبر حدودها مع الأردن والعراق، بحسب بيان ختامي صدر اليوم الإثنين عقب اجتماع مهم لوزراء خارجية عرب سعى لرسم خارطة طريق لإنهاء الصراع السوري الممتد منذ 12 عاماً.
اجتمع وزراء خارجية السعودية ومصر والعراق والأردن مع نظيرهم السوري فيصل المقداد في العاصمة الأردنية عمَّان لبحث سبل عودة العلاقات مع سوريا في إطار تسوية سياسية للحرب التي تعصف بذلك البلد، وذلك بعد أشهر من زيارات رسمية متبادلة احتضنتها عواصم عدة في المنطقة.
وهذه أول محادثات تجمع الحكومة السورية ومجموعة من الدول العربية منذ قرار تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية عام 2011 بعد قمع الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد.
عودة اللاجئين
كما بحث الاجتماع سبل عودة اللاجئين السوريين من دول الجوار وبسط الدولة السورية سيطرتها على أراضيها، ووفقاً للبيان للختامي اتفق المجتمعون على أن "العودة الطوعية والآمنة للاجئين (السوريين) إلى بلدهم هي أولوية قصوى ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في تنفيذها فورا"
وحضوا على تعزيز التعاون بين سوريا والدول المضيفة للاجئين بالتنسيق مع الأمم المتحدة "لتنظيم عمليات عودة طوعية وآمنة للاجئين وإنهاء معاناتهم، وفق إجراءات محددة وإطار زمني واضح".
شهدت عمّان اجتماعاً لوزراء خارجية السعودية والأردن والعراق ومصر وسوريا (أ ف ب)
ووفقا لأمم المتحدة يعيش نحو 5.5 مليون لاجئ سوري مسجل في لبنان والأردن وتركيا والعراق ومصر.
واتفق المجتمعون في عمّان على أن تبدأ الحكومة السورية "بتحديد احتياجات لازمة لتحسين الخدمات العامة المقدمة في مناطق عودة اللاجئين للنظر في توفير مساهمات عربية ودولية فيها".
كما اتفقوا على أن توضح دمشق "الإجراءات التي ستتخذها لتسهيل عودتهم، بما في ذلك في إطار شمولهم في مراسيم العفو العام"، وعلى "دعم سوريا ومؤسساتها في أية جهود مشروعة لبسط سيطرتها على أراضيها وفرض سيادة القانون، وإنهاء تواجد الجماعات المسلحة والإرهابية ووقف التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري".
لا يمكن أن يستمر
من جهته، قال وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي في تصريحات عقب الاجتماع إن "الوضع الراهن في سوريا لا يمكن أن يستمر، والمنهجية التي اعتمدت على مدار السنوات الماضية في إدارة الأزمة لم تنتج ولن تنتج إلا مزيداً من الخراب والدمار".
وأوضح أن هذا الاجتماع يأتي استكمالا للاجتماع الذي عُقد في جدة منتصف أبريل (نيسان) الماضي، أكد الصفدي أن اجتماع عمّان "كان جيداً وإيجابياً"، وأضاف أنه ركز "على الجانب الإنساني وعلى خطوات قادرة على أن تخفف من معاناة الشعب السوري الشقيق".
وتابع "ركزنا على قضية اللاجئين واتفقنا على آليات لبدء العودة الطوعية للاجئين بالتنسيق مع الأمم المتحدة".
خطوات على الأرض
وقال الصفدي للصحافيين إن الاجتماع كان بداية وإن العملية مستمرة لضمان إنهاء الصراع. وأكد ضرورة وجود خطوات على الأرض تؤدي إلى تحسين الواقع الذي تعيشه سوريا والسوريون.
ورداً على سؤال عما إذا كان الوزراء ناقشوا عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، قال الصفدي "قرار عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية يتم اتخاذه من قبل الجامعة وفق الآليات المتبعة"، من دون أن يذكر ما إذا كان هذا الموضوع سيُدرج على جدول أعمال قمة الجامعة المقبلة في السعودية 19 مايو (أيار).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودعا الأردن سوريا إلى الاشتراك مع الدول العربية في وضع خارطة طريق لإنهاء الصراع ومعالجة قضايا اللاجئين والمعتقلين وتهريب المخدرات والميليشيات المدعومة من إيران هناك، وكلها قضايا تؤثر في الدول المجاورة.
وقالت وزارة الخارجية الأردنية إن الوزير التقى نظيره السوري بشكل ثنائي قبل الاجتماع الأوسع الذي ضم وزراء خارجية سوريا ومصر والعراق والسعودية والأردن في عمان.
وأضافت في بيان أن الوزيرين ناقشا قضايا اللاجئين والمياه ومسألة الأمن على الحدود التي تشمل مكافحة تهريب المخدرات.
وتخوض عمَّان حربا في مواجهة الجماعات المسلحة التي تهرب مخدرات من سوريا، بما في ذلك الكبتاجون الذي يسبب الإدمان. ويعتبر الأردن مقصدا للكبتاجون وكذلك نقطة عبور رئيسية لتهريب المخدر إلى دول الخليج.
وقال التلفزيون الأردني الرسمي اليوم الإثنين إن الجيش أحبط عملية تهريب مخدرات من سوريا، وقُتل أحد المهربين بينما فر الباقون عائدين إلى الأراضي السورية.
وتتهم حكومات عربية والغرب سوريا بإنتاج الكبتاغون المربح للغاية والمسبب للإدمان وتنظيم تهريبه إلى الخليج.
وفي الأشهر الماضية جرى إدراج عدد من كبار المسؤولين السوريين وبعض أقارب الأسد على قوائم العقوبات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي بسبب الاتجار في المخدرات.
اتفق المجتمعون على أن العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين إلى بلدهم "أولوية قصوى" (أ ف ب)
اجتماع جدة
انعقد منتصف أبريل الحالي اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي في جدة وشاركت فيه أيضاً مصر والعراق والأردن للبحث في مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربيّة، قبل نحو شهر من انعقاد قمة عربية في السعودية.
واتفق الوزراء في اجتماع جدة على أهمية تأدية دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة في سوريا.
وعقب الاجتماع بأيام زار وزير الخارجية السعودي دمشق، في أول زيارة رسمية سعودية إلى سوريا منذ القطيعة بين الدولتين مع بدء النزاع في سوريا قبل 12 عاماً.
وكانت دول عربية عدة، على رأسها السعودية، أغلقت سفاراتها وسحبت سفراءها من سوريا، احتجاجاً على تعامل النظام السوري عام 2011 مع "انتفاضة شعبية" تطورت إلى نزاع دامٍ، وعلّقت جامعة الدول العربية عضوية دمشق لديها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011.
لكن خلال السنتين الماضيتين تتالت مؤشرات التقارب بين دمشق وعواصم عدة، بينها أبوظبي التي أعادت علاقاتها الدبلوماسية، والرياض التي أجرت محادثات مع دمشق حول استئناف الخدمات القنصليّة بين البلدين.