ما زال نحو 37 ألف نازح عراقي في المخيمات (علي محمد/ الأناضول)
يثير تكرار تصريحات مسؤولين عراقيين حول انتهاء ملف النزوح وعودة المُهجّرين إلى مناطقهم انتقادات من طرف العائلات المهجرة وجهات حقوقية وإنسانية مختلفة في العراق، تؤكد أن الكلام لا يطابق الواقع، داعية إلى إنصاف النازحين، خاصة في المناطق التي أحدثت فيها الفصائل المسلحة تغييراً ديمغرافياً وفرضت سيطرتها عليها.
وسبق أن أعلنت وزيرة الهجرة إيفان جابرو، في العامين الماضيين، عدة مرات، إغلاق جميع مخيمات النازحين في المحافظات باستثناء التي أقيمت في إقليم كردستان، فيما أكدت العام الجاري أن الملف سينتهي بشكل كامل خلال 6 أشهر ضمن البرنامج الحكومي، إلا أن ذلك لم يتحقق.
ومساء أمس الأربعاء، قال عضو لجنة إعادة النازحين في محافظة ديالى عباس الفريداوي إن "ملف إعادة العائلات النازحة في المحافظة إلى مناطق سكناها انتهى"، متابعاً في تصريح صحافي: "عادت الأسر المشمولة والراغبة بالعودة باستثناء التي كانت تسكن قرى متناثرة غير مؤهلة لاستقبال الأهالي مجدداً بسبب انعدام المقومات الخدمية".
وبين أن "قرى متناثرة في ناحية السعدية وأخرى في حوض الندى، جنوبي قضاء بلدروز، لم تعد العائلات إليها لأسباب أمنية، فيما انتهى ملف قرى شمالي المقدادية مع استكمال عودة القرى الأخرى بعد تهيئة المقومات الخدمية والأمنية بالكامل"، مشيرا إلى أن "نحو 300 - 400 عائلة في ديالى ممنوعة من العودة بسبب مشاكل عشائرية، وخاصة في أطراف ناحيتي كنعان وبهرز شرق وجنوب شرق بعقوبة"، مؤكداً أن "المحافظة تعمل ببرنامج خدمي لإعادة المناطق النازحة المؤمنة والمستقرة".
لكن مسؤولاً رفيعاً في وزارة الهجرة العراقية ببغداد أكد أن "ملف النزوح لم ينته بعد بشكل كامل في أي محافظة من محافظات العراق، والنسب متفاوتة، حيث إن هناك مناطق في كل محافظة، ومنها ديالى، تخضع لسيطرة الفصائل المسلحة، وجرى فيها تغيير ديمغرافي وتمنع الفصائل العائلات من العودة إليها"، موضحا لـ"العربي الجديد"، مشترطا عدم ذكر اسمه، أن "وزارة الهجرة حرصت على حسم الملف من خلال لقاءات أجرتها مع مسؤولين وقيادات في الحشد الشعبي لتسهيل عودة النازحين إلى تلك المناطق، إلا أن تلك المحاولات لم تنجح".
وشدد على أن "الحديث عن حسم للملف في أي محافظة هو مغاير للحقائق على الأرض"، مؤكداً أن "الملف لا يمكن حسمه من دون تدخل حازم من قبل الحكومة وإخراج الفصائل من المناطق الخاضعة لسيطرتها".
وتنتقد العائلات النازحة ما تسميه بـ"الترويج السياسي" لإنهاء ملف النزوح، وقال الحاج أبو زيد، وهو من أهالي بلدة المقدادية في ديالى، إن "أغلب العائلات النازحة من ديالى لا تستطيع العودة إلى مناطقها التي تسيطر عليها الفصائل"، مبينا لـ"العربي الجديد" أن "الترويج لإنهاء الملف هو سياسي فقط، وأن أحوالنا كنازحين في المخيمات وغيرها مأساوية، حيث لا دعم ولا مساعدة حكومية، ولا تحرك حقيقي لإعادتنا".
وشدد على أن "الأطراف السياسية تتاجر بمعاناة النازحين، وتحقق مكاسب سياسية على حسابهم"، داعياً إلى "تدخل أممي دولي لإنهاء هذا الملف".
وما زال نحو 37 ألف نازح عراقي في المخيمات، بحسب إحصاءات رسمية سابقة، على أن هذا الرقم لا يتضمن النازحين خارج المخيمات والذين تزيد أعدادهم عن 750 ألفاً، يقيمون في مجمعات سكنية، على نفقتهم الخاصة، في بلدات عدة بأربيل والسليمانية، فضلا عن بغداد والأنبار وغيرها.
وتسيطر فصائل مسلحة تعمل ضمن "الحشد الشعبي" على بعض المناطق التي نزح أهلها منها في جرف الصخر وفي محافظتي ديالى والأنبار، وقد منعت أهلها من العودة إليها، وكان رئيس هيئة "الحشد الشعبي" فالح الفياض قد تعهد في وقت سابق بتسهيل عودتهم، من دون نتائج تذكر.