ضرورة الالتزام بالمعاملة الإنسانية للمحتجزين ومكافحة أشكال التعذيب (Getty)
كشفت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، السبت، عن وضع خطة لتحسين ظروف الاحتجاز داخل السجون العراقية، وإلغاء جميع أشكال التعذيب التي تجري خلال التحقيق لانتزاع الاعترافات، وسط تأكيدات على أهمية تفعيل الدور الرقابي على السجون، وعدم منع الجهات الرقابية من لعب دورها.
وكانت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي قد أعلنت، في مارس/آذار الماضي، تسلّم الحكومة 5 آلاف شكوى عن حالات تعذيب وانتهاكات داخل السجون، مؤكدة أن عدد الشكاوى في زيادة، وسط دعوات إلى معالجة الملف.
وقال مدير قسم العلاقات والإعلام في المكتب الوطني للمفوضية، سرمد البدري، إن "وفداً من المفوضية في بغداد شارك في أعمال إطلاق فعاليات مشروع المحاكمة العادلة وتحسين ظروف الاحتجاز وإلغاء التعذيب"، مبينا في تصريح لصحيفة الصباح الرسمية، اليوم السبت، أن "المشروع تضمّن اتخاذ الآليات اللازمة للقضاء على جميع صور التعذيب، والالتزام بالمعاملة الإنسانية للمحتجزين والنزلاء من كلا الجنسين".
وأوضح أن "الفعاليات تضمنت أيضا تفاهما واتفاقا بين ممثلين عن حكومتي بغداد وأربيل وبين دائرة الإصلاح العراقية في وزارة العدل ودائرة السجون في الإقليم، لتحسين ظروف الاحتجاز وإلغاء جميع أشكال التعذيب، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع انتزاع الاعترافات باستخدام وسائل التعذيب ضد المتهمين أثناء التحقيق"، مضيفا أن "التفاهمات نصت أيضا على الاهتمام بأماكن الاحتجاز وتجهيزها بكاميرات مراقبة لضمان حقوق الجميع".
وأشار إلى أنه "تم الاتفاق أيضا على التنسيق مع ممثلي حقوق الإنسان، لتكرار زيارة أماكن الاحتجاز لإجراء التقييم العادل، والعمل على إعداد ضباط تحقيق يعملون بأسلوب فني حديث أثناء التحقيق مع المتهمين، واللجوء إلى الدليل والمضبوطات التي تدل على التهمة، إلى جانب العمل بنظام السجلات في أماكن الاحتجاز، فيما يخص المواجهات وتوفير أدوات الاتصال، فضلا عن الإعاشة".
وخلال السنوات الماضية، زُج بآلاف العراقيين داخل السجون، بسبب "التهم الكيدية" أو ما يعرف بـ"المخبر السري"، إذ اندرجت أغلب تلك القضايا التي أثيرت ضدهم تحت العداوات الشخصية والتصفيات السياسية، وسط أجواء غير صحية داخل السجون وانتزاع "اعترافات تحت التعذيب".
من جهته، أكد عضو نقابة المحامين العراقيين، فالح العقابي، ضرورة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإنهاء حالة الفوضى والتعذيب داخل السجون ومراكز الاحتجاز، والتي تنافي دور العدالة التي يجب أن تتمتع بها المؤسسة القضائية في البلاد، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، "نثني على أي خطوة من شأنها تحجيم حالات التعذيب وانتزاع الاعترافات بالإكراه. يجب أن تكون هناك خطوات عملية في هذا الاتجاه، لا مجرد وعود وتحركات من دون عمل".
وشدد على أن "غياب الدور الرقابي على السجون ومراكز الاحتجاز، وعدم وجود عقوبات تطاول المخالفين، تسببا في فوضى خلال فترات التحقيق مع المتهمين، انعكست سلبا على مجريات تحقيق العدالة، إذ إن الكثير ممن صدرت بحقهم أحكام قضائية، انتزعت منهم اعترافات تحت سياط التعذيب"، مؤكدا أن "الحكومات السابقة لم تهتم بهذا الملف، ونأمل من الحكومة الحالية أن يكون لها دور في إنهاء هذه الحالات غير الإنسانية وغير القانونية".
وتعاني السجون العراقية إهمالا كبيرا وغيابا للدور الرقابي من قبل الجهات الحكومية والجهات المسؤولة عن حقوق الإنسان، في وقت يجري الحديث فيه عن سيطرة بعض الجهات السياسية على السجون.
وكان رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، النائب أرشد الصالحي، قد قلّل في وقت سابق من إمكانية حلّ ملف السجون وما تضمه من انتهاكات، معتبرا أن "أي رئيس للوزراء لا يستطيع حل هذا الملف"، وأن لجنة حقوق الإنسان البرلمانية خلال زياراتها إلى السجون كشفت الكثير من الانتهاكات، لكن عند إثارة الملف تقف في وجهنا قوى سياسية.