مشاغبون في الملاعب العراقية

آخر تحديث 2023-05-24 00:00:00 - المصدر: شفق نيوز

2023-05-22T19:15:48.000000Z

يُعرف الجمهور الرياضي العراقي بمزاجيته وتعصبه وقسوته على من يشجع في حال لم يحقق فريقه النتائج المرجوة، هذه حقيقة يجب أن نعترف بها ولا ننكرها مكابرةً، وفي الوقت نفسه يعود لجمهورنا الفضل والميزة بأن لديه القدرة والمطاولة على التشجيع لمدة 90 دقيقة وأكثر لذلك نعلم جيداً أن الكثير من الفرق والمنتخبات غير العراقية تخشى اللعب على الأراضي العراقية خوفاً من هذا الجمهور.

لكن يجب أن نشهد أيضاً أن هذا الجمهور المتعصب لم يصل يوماً إلى ما وصل إليه حال الجمهور الحالي وما يصدر عنه من تصرفات وأفعال وأقوال حقيقة أنا كمشجع أخجل منها، حتى أنني حين يلعب فريقي المفضل مع بعض الفرق وتحديداً ثلاثة فرق في منافسات الدوري الممتاز لكرة القدم، أحاول قدر الإمكان إبعاد أطفالي عن مشاهدة المباراة لما يتخللها من ألفاظ خادشة للحياء تصدر عن بعض هؤلاء المشاغبين عديمي الذوق والأدب.

ما يحدث في ملاعبنا بات شيئاً مخجلاً حقيقة ودعونا لا نجامل في هذا الأمر، أنا لا أنكر أن باقي الجماهير الرياضية في كل العالم يصدر منها ما هو أسوأ مما يصدر من الجمهور العراقي، حتى أن البعض منهم لجأ إلى العنف والسلاح وسقط عشرات الضحايا نتيجة الانفعالات العاطفية، لكن ذلك لا يبرر لجمهورنا الحالي السكوت عما يصدر من بعض المشاغبين الذين على ما يبدو أنهم يتجاهلون أن الملاعب العراقية محظور اللعب فيها من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم ويجب علينا أن نعكس صورة مغايرة لمساعدة فرقنا ومنتخباتنا للعب بين جماهيرها لمآزرتها ودعمها لتحقيق الألقاب، أو على أقل تقدير لتقديم أداءً جيداً.

على مدى المواسم الثلاثة الأخيرة من الدوري الممتاز لكرة القدم، ولأن طبيعة عملي من المنزل "أونلاين" فالساحرة المستديرة كانت تسليتي الأهم لذلك شاهدت أغلب مباريات الدوري في هذه المواسم الثلاثة والتي شهدت في معظم جولاتها شغباً من الجمهور فيما بينهم وتجاه الحكام والكوادر التدريبية واللاعبين وقد أصدرت لجنة الانضباط في الاتحاد العراقي لكرة القدم عقوبات على لاعبين وإدارات أندية لكن المعاقب الأبرز كان الجماهير وتم حرمانهم من حضور مباريات فرقهم، هذه العقوبات طالت جميع الفرق الجماهيرية البغدادية وغيرها، والموسم الحالي 2022-2023 كانت له حصة الأسد من هذه العقوبات.

سابقاً في العهد الأسود للنظام السابق كان حضور العوائل والنساء في الملاعب نادراً جداً بل يكاد يكون معدوماً ورغم ذلك لم نسمع في ملاعبنا هتافات مبتذلة وخادشة كالتي نسمعها اليوم رغم الحضور المميز للعوائل والنساء، فأي أخلاق يتمتع بها هؤلاء المشاغبون؟!.

لم يقتصر الأمر على الألفاظ النابية والهتافات المسيئة بل وصل إلى مرحلة تحطيم مقاعد الملاعب وتهشيم أجزاء من أرضية المدرجات لرمي الحكام أو الإداريين أو اللاعبين بالحجارة لنرى لأول مرة دماء تسيل على العشب ليس جراء تصادم مقصود أو غير مقصود بين لاعبين، بل بأسلحة بيضاء من على المدرجات، وتطور الأمر إلى نزول بعض الجمهور إلى أرضية الملعب والاعتداء على أمن الملاعب وليس فقط على اللاعبين والحكام والإداريين، فإلى أين يريد هؤلاء الذهاب بالرياضة العراقية؟.

حقيقة الأمر بات أشبه بالظاهرة التي على لجنة الانضباط واتحاد الكرة وحتى الأجهزة الأمنية أن تتخذ موقفاً صارماً لمكافحة هذه الظاهرة المخجلة والمخزية والتي تعكس صورة مغايرة تماماً للصورة الجميلة الرائعة التي عكسها جمهورنا في خليجي 25.

لا أظنني أبالغ إن قلت أن هذا الأمر بات يمثل تهديداً لأمن الدولة الاقتصادي إذ أنني أرى أن كرة القدم في العراق بإمكانها أن تتحول إلى مورد مالي يرفد خزينة الدولة أو على أقل تقدير خزائن الأندية.