بغداد تحيي "ساحة الاحتفالات" فهل يعود وجهها الثقافي؟

آخر تحديث 2023-07-09 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

بعد إغلاق دام 20 عاماً، عادت ساحة الاحتفالات في بغداد لتفتح أبوابها للجمهور بقرار حكومي، بعد أن كانت تحولت لما يشبه الثكنة العسكرية، وشمل القرار إعادة تأهيل جميع البنايات التي تضمها وأهمها مسرح المنصور وسينما المنصور وقاعة أكيتو، وإخلاء مبنى المطعم الذي شعلته طيلة المدة الماضية لجنة تابعة لرئاسة الوزراء.

قرار الحكومة أعاد الأمل بعودة الدور الثقافي الذي كانت تلعبه بغداد في الماضي، وتحديداً قبل عام 2003، ويأمل العراقيون، وبخاصة المهتمون بالشأن الثقافي، أن تعود الساحة لاستضافة عديد من المهرجانات والأنشطة الفنية.

بنيت ساحة الاحتفالات في ثمانينيات القرن الماضي بمنطقة الحارثية بجانب الكرخ لتكون أكبر ساحة تقام فيها الاحتفالات والاستعراضات العسكرية، وتضم منصة تسع لـ120 شخصاً وأمامها شارع الاستعراض بعرض 50 متراً لمرور الكراديس والدبابات في أثناء الاستعراضات العسكرية. وعند مدخل الساحة ومخرجها شـيد نصب قوس النصر الذي صممه النحات العراقي الراحل خالد الرحال ليجسد الانتصار العراقي في الحرب الإيرانية.

وانتصر قوس النصر على الحملة التي طالبت بإزالته ونجا مما تعرض له النصب والتماثيل التي بنيت في فترة حكم النظام السابق.

يقول مدير مجمع المنصور، محمد رحيم محمد لـ"اندبندنت عربية " إن "إهمال المكان طيلة هذه السنوات الطويلة أدى إلى تضرر الأبنية والمرافق، وبعد تأهيل السينما بالكامل وإعادة افتتاحها، سيتم تأهيل المسرح، ومن المنتظر افتتاحه بعد شهر".

ذاكرة جيل كامل

يوضح رحيم أن ساحة الاحتفالات اختفت عن أنظار الناس بعد عام 2003، ومن ثم فهناك جيل بكامله لا يعرف هذا المكان وأهميته، مطالباً وزارة الثقافة ودائرة السينما والمسرح باستثمار فرصة جدية الحكومة بإعادة افتتاح الساحة لتكون أحد أبرز الأوجه الثقافية في العاصمة ومتنفساً ترفيهياً لأهالي بغداد.

ومن المنتظر أن تشهد ساحة الاحتفالات الأشهر المقبلة إقامة مهرجانات ثقافية، إذ يوضح مدير مجمع المنصور والاحتفالات أن العاصمة بغداد ستشهد إقامة مهرجان بغداد الدولي في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وسيكون افتتاحه في قاعة مسرح المنصور، كما أن مهرجان الهيئة العربية للمسرح، وهو تابع لإمارة الشارقة ويقام كل عام في مدينة عربية، اختيرت بغداد لكي تحتضنه في عام 2024، مستدركاً "نحن ماضون بجدية تامة لإعادة افتتاح المسرح لكي يتناسب مع الوجه الثقافي لبغداد الذي غاب بفعل الأوضاع الأمنية وعدم الاستقرار السياسي".

رحيم يوضح أن إعادة تأهيل المسرح سيتبعه خطة لوضع جدول خاص للعروض المسرحية الجادة، وهناك اقتراح بإعادة مسرح الطفل الذي سيكون جمهوره من المدارس، قائلاً "خسرنا جيلاً من أجيال المسرح ولا بد من استقطاب الجيل الجديد عن طريق إعادة مسرح الطفل".

سينما المنصور

من ضمن المباني التي تم تأهيلها، وأعيد افتتاحها سينما المنصور، وشهد مبنى السينما عرض الفيلم المصري "تاج" بطولة تامر حسني ودينا الشربيني، وهو أكشن كوميدي. وتم تأهيل السينما بالشراكة بين دائرة السينما والمسرح وشركة السينما العراقية التي تأسست عام 2010، وهي أول شركة متخصصة في بناء وتأهيل صالات السينما في العراق.

في هذا السياق يقول مدير علاقات شركة السينما العراقية، علي الساعدي، إن "إغلاق مبنى السينما منذ عام 2003 أدى إلى تحويل المكان إلى بناية مهجورة تالفة بنسبة 90 في المئة، فعملنا مع ثلاث شركات بشكل مستمر ليلاً ونهاراً لإعادة تأهيل المبنى في فترة 10 أيام، وهو وقت قياسي لا يتناسب مع حجم الأضرار بالمكان".

سينما المنصور بعد تأهيلها (اندبندنت عربية)

 

يضيف الساعدي، "يضم مبنى سينما المنصور شاشة عرض ضخمة، وتتألف من قاعة واحدة تضم 540 مقعداً، وتم تبديل العارضة القديمة بأخرى من نوع (4K) ليزرية، ومن المؤمل أن يتم تبديل الكراسي الخاصة بالقاعة لكي تتماشى في مواصفاتها مع صالات السينما الحديثة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

توسعت دور السينما في العراق وأصبحت تضم مجمعات بقاعات متعددة في المولات التجارية، وعلى ما يبدو أن مفهوم صالة السينما بقاعة واحدة لم يعد له وجود، فالشركات تسعى إلى الربح الذي يتحقق من خلال تعدد الصالات وتعدد عرض الأفلام، وليس بوجود صالة عرض واحدة.

في هذا السياق يوضح مؤسس شركة السينما العراقية، زيد جواد، "صحيح أن افتتاح صالة واحدة هو غير مجد مادياً، لكن افتتاح سينما المنصور له خصوصية، فهذا المكان له ذكرى خاصة في قلوبنا".

يقول الساعدي، مدير علاقات شركة السينما العراقية، إن "وجود الشركة في سينما المنصور هو لغرض تسويقي، فهذا المكان سيكون محطاً لكثير من الزائرين كونه يمثل ذاكرة لكل الأجيال السابقة وهناك فضول من قبل الأجيال الحديثة لمعرفته".

الفن التشكيلي يعلن عن وجوده

ما بين سينما المنصور ومسرح المنصور، توجد قاعة "أكيتو" للفنون التشكيلية التي أعيد تأهيلها وافتتاحها، وشهدت إقامة أول معرض فني. يوضح التشكيلي مازن منذر، مدير معارض الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة، أن "المعرض الحالي الذي يقام بمشاركة 60 فناناً تشكيلياً عراقياً يضم 40 عملاً للرسم و23 عملاً للنحت و10 أعمال للخزف"، مشيراً إلى أن "قاعة أكيتو التي تتكون من طابقين هي قاعة مثالية لعرض الفنون التشكيلة، ففيها تكوينات جميلة من ناحية الإخراج الهندسي والمعماري وهي أفضل مكان لنا كدائرة تشكيلة لعرض نتاجات الفنانين".

 

قاعة الفن التشكيلي بساحة الاحتفالات (اندبندنت عربية)


يرى منذر أن افتتاح قاعات للفن التشكيلي خارج البنايات الحكومية تجعله يكسب مزيداً من الجمهور، موضحاً "قد يتردد جمهور الفن التشكيلي في دخول البنايات الحكومية، لكن هذه القاعة في مكان عام وبالقرب منها نصب الجندي المجهول للنحات الراحل خالد الرحال فأجواء المكان تشكيلية فنية بامتياز".

مخاوف قائمة

وتقع ساحة الاحتفالات ضمن محيط المنطقة الخضراء، وهو ما يثير المخاوف في شأن إعادة إغلاقها مجدداً. ويرى رحيم، مدير مجمع المنصور والاحتفالات أن الساحة تتأثر بالجو العام في حال عادت مرحلة عدم الاستقرار السياسي والأمني، مستدركا، "عسكرة المدن جريمة كبرى، فالبلاد تبنى بوجود المسارح والفنون، ومن الأفضل أبعاد ساحة الاحتفالات عن محيط المنطقة الخضراء لكي لا تصل إليها الأجواء المشحونة سياسياً فتبقى محتفظة بجماليتها وآمنة في الوقت ذاته".

يشار إلى أن هناك خطة أمنية تتعلق بإبعاد البوابة التي توجد فيها عمليات بغداد في شارع الزيتون على أن تبعد بمسافة إلى الخلف لكي تبقى ساحة الاحتفالات مفتوحة أمام الجمهور وتابعة إدارياً لمنطقة الحارثية، خارج المنطقة الخضراء.