من أين يحصل "العمال الكردستاني" في العراق على السلاح؟

آخر تحديث 2023-07-16 00:00:00 - المصدر: العربي الجديد

يقود استمرار أنشطة مسلحي "حزب العمال الكردستاني" العسكرية في مناطق شمال العراق، وقدرتهم على المناورة وشن هجمات في بعض الأحيان، إلى فتح مجالات التساؤل حول مصادر التمويل والتسليح التي يحظون بها، خصوصاً في ما يتعلق بكيفية الحصول على السلاح المتوسط والثقيل، وذلك على الرغم من العمليات الجوية والبرية التركية المتواصلة منذ منتصف عام 2012.

وبدا لافتاً، خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين، دخول الطائرات المسيّرة المفخخة ثابتة الجناح كأحد أبرز التغييرات على ساحة المواجهات في الشمال العراقي بين الجيش التركي و"الكردستاني" المصنف تركياً منظمةً إرهابيةً.

تفسيرات متباينة حول سلاح "الكردستاني"

وخلال الفترة الماضية، رصد مسؤولون عراقيون وسياسيون تزايد أنشطة "الكردستاني" في مناطق عدة خارج معاقله التقليدية الرئيسية (قنديل وسوران وسيدكان والزاب وزاخو) شمالي العراق، أبرزها كويسنجق، وآلتون كوبري في ضواحي مدينة كركوك، شمالي العراق، فيما اختلفت التفسيرات حول الإمكانيات العسكرية للمسلحين ومصادر حصولهم على الأسلحة، لا سيما الطائرات المسيّرة المفخخة.


ريبين سلام: يملك الكردستاني المسيّرات نفسها التي يملكها الحشد الشعبي

وقال مسؤول عراقي كردي بارز في إقليم كردستان بمدينة أربيل، لـ"العربي الجديد"، طالباً عدم ذكر اسمه، إن "الكردستاني" تمكّن بعد عام 2014 والمعارك ضد تنظيم "داعش" من بناء شبكة مصادر تمويل مالية تفوق ما كان يحصل عليه من حملات أنصار الحزب في أوروبا التي كان يعتمد عليها طوال العقود الماضية.

وكشف المسؤول ذاته عن إدارة "الكردستاني" عن تجارة واسعة بين سورية والعراق، تمثل مصدراً مالياً مهماً له، عدا استغلاله تركة "داعش" من أسلحة ومتفجرات عبر شرائها من مليشيات وأطراف عراقية بأسعار بخسة، يستخدمها حالياً في مواجهته القوات التركية.

واعتبر المسؤول أن تشبث الحزب بالساحة العراقية حالياً، على الرغم من الضربات المتكررة التي يتلقاها وخسر فيها خلال العام الحالي نحو 40 قيادياً وعضواً بارزاً، جميعهم من أكراد تركيا، يعود إلى أن لا مكان آخر يذهب إليه، في ظل رفض "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) ظهور الحزب في مناطقها أكثر من اللازم.

وأضاف أن الحزب يستغل أيضاً التناقضات الداخلية العراقية، خصوصاً بين الفصائل المسلحة القريبة من إيران وحكومة إقليم كردستان في أربيل التي تعارض وجود الحزب في مناطقها.

وتواصل القوات التركية، منذ منتصف يونيو/حزيران 2021، سلسلة من العمليات العسكرية الجوية والبرية في الشمال العراقي، ضمن نطاق نينوى وإقليم كردستان، تتركز في سنجار، وقنديل، وسيدكان، وسوران، والزاب، وزاخو. وتضمنت العمليات الأخيرة قصفاً جوياً واغتيالات طاولت قيادات بارزة في "الكردستاني".

وكانت آخر الضربات، السبت 8 يوليو/تموز الحالي، بإعلان قيادة الجيش التركي مقتل عدد من مسلحي "الكردستاني" بضربة بطائرة مسيّرة، ومن بين القتلى ظافر أكغون، الملقب بـ"زانا غوفيند"، "وهو متورط في العديد من الهجمات ضد وحدات القوات التركية انطلاقاً من شمال العراق"، وفقاً لبيان رسمي.

قبل ذلك، مدّدت السلطات التركية حظر الطيران المفروض من قبلها على مطار السليمانية الدولي في إقليم كردستان ستة أشهر أخرى، وذلك بعد انتهاء فترة الأولى للحظر الذي فرضته في 3 إبريل/نيسان الماضي على المطار، إثر معلومات بسماح إدارته لعناصر "الكردستاني" بممارسة أنشطتهم من خلاله بالسفر والتنقل.

في السياق، قال السياسي الكردي في إقليم كردستان العراق ريبين سلام إن "مسلحي حزب العمال لديهم تنسيق مع فصائل مسلحة معروفة في الحشد الشعبي، كما أنهم يسيطرون على قضاء سنجار بالكامل ويفرضون الإتاوات والضرائب على سكانها، ويحصلون على الأموال منهم، وعبر ذلك، يقومون بشراء الأسلحة ومنها الثقيلة".

وأضاف سلام، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الكردستاني يمتلك الطائرات المسيّرة ذاتها التي تمتلكها الفصائل المسلحة التابعة للحشد الشعبي، وهذا يُشير إلى أن الجهة المزودة هي واحدة، أو أنهم حصلوا عليها من تلك الفصائل بشكل مباشر"، لافتاً إلى أنه "خلال الفترة الأخيرة، بات مسلحو الكردستاني يمتلكون أسلحة متطورة جداً، تُستخدم لاستهداف منشآت حيوية في إقليم كردستان، وكان آخرها استهداف قاعدة عسكرية لقوات حرس الحدود العراقية".


كاروان محمد: عناصر الكردستاني طوروا مصانع داخلية لإنتاج الأسلحة

من جهته، أشار عضو مجلس العشائر العربية في مدينة سنجار بمحافظة نينوى نوري الشمري إلى أن "الكردستاني يسيطر على منفذ حدودي مع سورية يقع في قرية أم الذيبان في قضاء سنجار، ومن الجهة المقابلة، تسيطر قوات قسد على المنفذ السوري، لذلك، فإن الحزب لديه الحرية الكاملة بالتهريب وممارسة الأنشطة السرية والمحظورة، ومنها تهريب عناصر وقادة داعش وإدخالهم إلى العراق وبالعكس".

وأكمل في حديث مع "العربي الجديد" أن "مسلحي الكردستاني يحصلون جراء هذه العمليات على مبالغ مالية ضخمة، وتحديداً من تهريب المطلوبين بين العراق وسورية، كما يقوم مسلحو العمال بتهريب الأغنام ومواد الحديد والصلب وحتى المخدرات، كل ذلك يمكنهم من شراء الأسلحة المتطورة".

الاستيلاء على أسلحة تابعة لـ"داعش"

بدوره، لفت الخبير الأمني الكردي كاروان محمد إلى أن "مسلحي الكردستاني استولوا على مستودعات كبيرة تعود لتنظيم داعش تحتوي على معدات عسكرية وأسلحة، وكان من المفترض أن يقوموا بتسليمها إلى الحكومة العراقية، إلا أنهم لم يسلموها. وهناك معلومات تفيد بأنهم يشترون الأسلحة من أطراف مسلحة مختلفة، كبعض عناصر داعش المنتشرين في عدد من المناطق السورية ونينوى العراقية القريبة من معقله الرئيسي في قضاء سنجار".

وأكد محمد، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "عناصر الحزب طوروا مصانع داخلية تابعة لهم في جبال قنديل وسنجار وسلسلة جبال كورك، أصبحت تنتج أسلحة متطورة، وبالنسبة للطائرات المسيّرة، فعلى الأغلب أنهم يحصلون عليها من فصائل مقربة من إيران في العراق".

ويمنع "الكردستاني" تطبيق اتفاق مدينة سنجار التابعة لمحافظة نينوى وإعادة أهلها إليها، وهو اتفاق موقّع بين الحكومة العراقية والسلطة المحلية في إقليم كردستان بإشراف بعثة الأمم المتحدة مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2020.

ويقضي الاتفاق بإخراج عناصر "الكردستاني" وفصائل "الحشد الشعبي" من سنجار وإعادة النازحين، والبدء بخطوات إعادة إعمار المدينة بدعم واضح من بعثة الأمم المتحدة في بغداد.

وتستهدف العمليات التركية، منذ منتصف عام 2021، مقار وتحركات عناصر "الكردستاني" في عدة مناطق ضمن إقليم كردستان العراق، يقع أغلبها بمحاذاة الحدود مع تركيا. وأدت تلك العمليات خلال الفترة الماضية إلى قتل المئات من مسلحي "الكردستاني"، وتدمير مقار ومخازن سلاح ضخمة تابعة للحزب، وفقاً لبيانات وزارة الدفاع التركية.