النظام السوري يعتقل لاجئين عائدين من العراق

آخر تحديث 2023-08-02 00:00:00 - المصدر: العربي الجديد

 

اعتقلت سلطات النظام السوري، اليوم الأربعاء، أربعة أشخاص لدى وصولهم إلى مطار دمشق الدولي آتين من العراق، فيما وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها صادر اليوم ما لا يقلّ عن 197 حالة اعتقال في كلّ أنحاء سورية في خلال شهر يوليو/ تموز المنصرم.

ونقل موقع "نورث برس" المحلي، في إقليم كردستان العراق، عن رئيس منظمة "جاني روج" الإنسانية رشيد علي جان قوله إنّ 13 شاباً سورياً رُحّلوا قسراً قبل ثلاثة أيام من مطار بغداد الدولي إلى مطار دمشق، وقد أُوقف أربعة منهم واقتيدوا إلى مراكز أمنية سورية.

وبحسب ما أشار إليه علي جان، فإنّ السلطات العراقية تحتجز عشرات اللاجئين السوريين في بغداد، منذ نحو شهر، وتعتزم ترحيلهم إلى دمشق على الرغم من أنّ هؤلاء يحملون إقامات رسمية صادرة عن حكومة إقليم كردستان العراق وكذلك وثائق من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إربيل عاصمة الإقليم.

أضاف علي جان الذي تتّخذ منظمته من إربيل مقراً لها، أنّه سمح للشبان السوريين الباقين، وعددهم تسعة، بمغادرة مطار دمشق إلى مدينة القامشلي (شمال شرق) حيث هم اليوم، علماً أنّ هؤلاء يحملون إقامات حكومة إقليم كردستان العراق. ولفت إلى أنّ عائلات الشبان الذين وصلوا إلى مدينة القامشلي، ما زالت في إربيل، تنتظر عودتهم.

وتعدّ حكومة بغداد الوثائق والإقامات التي يحملها اللاجئون السوريون، والصادرة عن حكومة إقليم كردستان العراق غير قانونية، ولا تخوّلهم دخول باقي أنحاء البلاد، لذا عليهم استخراج إقامات صادرة عن بغداد.

وتعيش آلاف العائلات السورية في إقليم كردستان العراق منذ عام 2011، لكن وسط تدهور الوضع الاقتصادي، بدأ عدد منها بالانتقال إلى بغداد بطرق غير نظامية، لأنّ ذلك يتطلّب استخراج إقامة سنوية صادرة عن الحكومة الاتحادية، علماً أنّ قيمتها تتراوح بين 1200 و1700 دولار أميركي.

197 معتقلاً في يوليو 2023

من جهة أخرى، ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير صادر اليوم الأربعاء، أنّ ما لا يقلّ عن 197 حالة اعتقال تعسفي وقعت في شهر يوليو/تموز المنصرم في كلّ أنحاء سورية، على يد مختلف السلطات الحاكمة، وفي مقدّمتها النظام السوري. وأوضح التقرير أنّ من بين المعتقلين 11 طفلاً وثلاث نساء، مشيراً إلى أنّ النظام السوري يستهدف بالاعتقال التعسفي المدنيين الذين انتقدوا وتحدّثوا عن تدهور الواقع الخدمي وكذلك الاقتصادي والفساد في مناطق سيطرته.

وبيّن التقرير الحقوقي أنّ حوادث الاعتقال في سورية تتمّ بمعظمها من دون مذكّرة قضائية، لدى مرور الضحية عند نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات مداهمة. وفي الغالب، تكون قوات الأمن في أجهزة الاستخبارات الأربعة الرئيسة التابعة للنظام السوري هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال.

وكشف تقرير الشبكة وقوع وفيات بسبب التعذيب في معتقلات النظام، مشيراً إلى أنّ أجهزة عدّة تابعة للنظام السوري منخرطة في التعذيب وفي الوفيات بسبب التعذيب.

ورأت الشبكة في تقريرها أنّ القانون رقم 16 لعام 2022 الذي أصدره رئيس النظام السوري بشار الأسد لتجريم التعذيب مجرّد حبر على ورق، ولم يسهم في ردع الأجهزة الأمنية عن ممارسة التعذيب ما دامت القوانين القمعية الأخرى سارية وهي التي يقوم عليها النظام. وشرحت الشبكة أنّ من بين تلك القوانين، النصوص التي تمنح الحصانة لأفراد الأجهزة الأمنية في وجه الملاحقة القضائية والمتعارضة مع مواد عدّة من قانون العقوبات العام والدستور الحالي، بالإضافة إلى بقاء المحاكم الجزائية الاستثنائية في دمشق، وتخويل الأجهزة الأمنية سلطة التحقيق مع المواطنين لمدّة تتجاوز شهرَين في أحيان كثيرة، وعدم إخضاع السجون للإشراف القضائي.

وذكر تقرير الشبكة أنّ مراسيم العفو التي أصدرها النظام في السنوات الماضية، تمّ بموجبها كلها الإفراج عن 7351 معتقلاً فقط، في حين أنّ أكثر من 135 ألف شخص ما زالوا رهن الاعتقال.

وحول أسباب الاعتقال في شهر يوليو المنصرم، أفادت الشبكة في تقريرها أنّ قوات النظام السوري استمرّت في ملاحقة واعتقال الأشخاص الذين أجروا تسوية لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي سبق لها أن وقّعت اتفاقيات تسوية معه، وتركّزت في محافظات ريف دمشق ودرعا ودير الزور، علماً أنّها بمعظمها حصلت في إطار حملات دهم واعتقال جماعية وعند نقاط التفتيش. كذلك أشارت إلى عمليات اعتقال لفرع الأمن الجنائي في محافظات اللاذقية وطرطوس ودمشق، استهدفت عدداً من المدنيين والإعلاميين على خلفية انتقادهم الفساد والأوضاع المعيشية الصعبة في مناطق سيطرة النظام السوري، وقد وُجّهت إليهم تهم عامة مرتبطة بقانون مكافحة الجريمة المعلوماتية، والذي يقوم النظام السوري بموجبه باعتقال مواطنين وعاملين في مؤسساته على خلفية انتقادهم الفساد والأوضاع المعيشية الصعبة في مناطق سيطرته.

وسجّلت الشبكة، في التقرير نفسه، عمليات اعتقال عشوائية بحقّ مدنيين، من بينهم أطفال ونساء في محافظات ريف دمشق ودمشق وحمص وحماة، بناءً على تقارير أمنية كيدية، مع العلم أنّ شباناً من بينهم اعتقلوا بدعوى التخلف عن الخدمة العسكرية الاحتياطية.

كذلك سجّلت عمليات اعتقال نفّذتها عناصر قوات النظام السوري استهدفت عدداً من المدنيين في أثناء محاولتهم التوجّه إلى الحدود السورية-اللبنانية للعبور إلى الجانب اللبناني بطريقة غير نظامية، وذلك من جرّاء تدهور الأوضاع الخدمية والمعيشية في مناطق سيطرة النظام السوري، خصوصاً في محافظة حمص.

وفي سياق متصل، تحدّثت الشبكة في تقريرها عن استمرار "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في سياسة الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري في الشهر الماضي، عبر حملات دهم واحتجاز جماعية استهدفت بها مدنيّين، بذريعة محاربة خلايا تنظيم داعش أو بهدف التجنيد القسري في صفوفها.

وتابعت الشبكة أنّ "هيئة تحرير الشام" نفّذت اعتقالات في محافظة إدلب، شملت ناشطين إعلاميين وسياسيين، وقد أتت بمعظمها على خلفية التعبير عن آرائهم التي تنتقد إدارة الهيئة لمناطق سيطرتها.

وأكملت الشبكة أنّ فصائل المعارضة المسلحة والجيش الوطني نفّذت عمليات احتجاز تعسفي استهدفت وافدين من مناطق سيطرة النظام السوري ومناطق سيطرة "قسد". ورصدت حالات احتجاز تمّت على خلفية عرقية، وتركّزت في مناطق سيطرتها في محافظة حلب، علماً أنّها حدثت بمعظمها من دون إذن قضائي ومن دون مشاركة جهاز الشرطة، وهو الجهة الإدارية المخوّلة تنفيذ عمليات الاعتقال والتوقيف من دون توجيه تهم واضحة إلى المعتقلين.