أعلنت وزارة التربية العراقية، اليوم الأحد، أنها تحتاج إلى مليون مدرّس وآلاف المباني لمعالجة النقص في الكوادر والمنشآت، وجعل التعليم يتناسب مع الزيادة السكانية الحالية. وشكل ذلك مؤشراً واضحاً إلى تراجع إمكانات المؤسسات التعليمية، في وقت يؤكد مطلعون صعوبة معالجة الملف من دون وضع خطط طويلة الأمد لسد النقص وتطوير المؤسسات.
وفي السنوات الأخيرة، طبقت إدارات المدارس الرسمية أنظمة تقسيم الدوام إلى ثنائي وثلاثي وحتى رباعي من أجل استيعاب أكبر عدد من الطلاب، بسبب النقص الكبير في المباني الذي لا يتماشى مع عدد الطلاب.
وقال المتحدث باسم وزارة التربية كريم السيد، لصحيفة "الصباح" الرسمية: "تراجع الوزارة بعد التعيينات الأخيرة للمدرسين الاحتياجات الفعلية على المستويين التربوي والإداري، وتتابع توزيع الموظفين الذين أورد مجلس الخدمة الاتحادي أسماءهم. وقطاع التربية يحتاج إلى ملاكٍ واسعٍ، لأن خدماته تشمل كل مناطق البلاد، ويحتاج إلى كوادر في التخصصات العلمية".
وأشار إلى أن "400 مدرسة افتتحت هذا العام ستساهم في تخفيف ضغط عدد الطلاب، لكن الوزارة تحتاج فعلياً إلى نحو 8 آلاف مبنى مدرسي، علماً أنها ستتسلم أكثر من ألف مدرسة نهاية العام الحالي".
من جهته، أكد مدير الإشراف في تربية الرصافة الأولى محمد الركابي الحاجة إلى عدد من التخصصات لتغطية النقص، وقال: "لدينا 25 ألف مدرسة تحتاج كل منها إلى عدد يتراوح بين 15 و20 معلماً، ويجب تشييد 15 ألف مبنى مدرسي على المدى البعيد، في وقت يتوقع تسليم 8 آلاف بحسب عقد صيني".
وقال عضو نقابة المعلمين العراقيين شاكر العلكاوي، لـ"العربي الجديد"، إن "ملف المدارس متراكم منذ عام 2003، وتتطلب معالجته تنفيذ خطة طويلة الأمد، إذ لا يمكن أن يتحقق ذلك قريباً بخلاف ما تقول وزارة التربية، علماً أن حديثها عن الحاجة الى مليون مدرس يشير إلى نقص خطير في كوادر التعليم".
وشدد العلكاوي على ضرورة وضع الوزارة خطة طويلة الأمد لتطوير الواقع التعليمي، وسدّ الاحتياجات، فـ"تدابير المعالجة التي تتحدث عنها لن تفك الاختناق والاكتظاظ في عدد الطلاب".
ويعاني القطاع التعليمي في العراق من إهمال حكومي وضعف كبير في استحداث مدارس جديدة وترميم تلك القديمة، ما يؤثر سلباً في مسيرة التعليم بالبلاد.
وسجل العراق خلال السنوات الأخيرة ارتفاعاً كبيراً في مستوى الأمية بنسبة تجاوزت 47 في المائة من عدد السكان، بحسب التصنيف الأخير الذي أصدرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، علماً أنه كان يتبوأ مراتب عالمية في جودة التعليم ومحو الأمية خلال سبعينيات القرن الماضي.
ويُعد الفساد المستشري في غالبية مؤسسات الدولة العراقية أحد أهم التحديات التي تواجهها المؤسسة التعليمية، إذ بدأت تأثيراته تتفاقم بتأثير النقص الكبير في عدد المدارس، والاضطرار إلى اعتماد نظام دوام مزدوج فيها، وعدم تجهيزها بمستلزمات الكتب والمقاعد وغيرها، ما اضطر الكثير من الأهالي إلى تحمّل هذه الأعباء.