هذا ما يجري في وزارة الداخلية؟

آخر تحديث 2023-08-09 00:00:00 - المصدر: ليث الصندوق

في ضوء الإجراءات الإدارية المعقدة والمرهقة التي تفرضها أغلب دوائر الدولة على المواطنين بات من المؤكد أن تلك الدوائر تستمتع بإرهاق المواطنين وتعذيبهم لإبقائهم في دوامة لا يخرجون منها إلى التفكير بحقوقهم المهضومة وحاجاتهم المفقودة ، والمثال الأكثر مرارة على ذلك هو ما يجري في دائرة البطاقة الوطنية في الكرخ التابعة لوزارة الداخلية ، والتي يتقاطر لمراجعتها المواطنون بدءاً من الساعة السادسة صباحاً ليأخذوا موقعاً متقدماً في طابور المراجعين الطويل ‘ فإذا ما فُتحت ألأبواب ، دخلوا ، وتوزّعوا ما بين القاعات والغرف والممرات والشبابيك ينتقلون من موقع لآخر ، وينتظرون الساعات الطوال لتلبية المتطلبات المرهقة والمفاجئة للموظفين . وفي دورة الضياع الإداري هذه يستغرق المراجعون المتعبون أياماً وأسابيع لإكمال معاملاتهم ، وهم يُجرّرون من ورائهم أفراد أسرهم صغاراً وشيوخاً ، أصحاء ومعاقين . وفي هذه الدوّامة ليس من الغريب أن يقضي المواطن قرابة خمس عشرة ساعة ( من السادسة صباحاً حتى التاسعة ليلاً ) واقفاً في طابور المراجعات ، ثمّ يُفاجأ أن معاملته لم تكتمل ، وعليه المراجعة في الأسبوع المقبل ..

وفي دوامة الضياع هذه لا بدّ من الإقرار بأن الخلل ليس في موظفي الدائرة المدنيين منهم والعسكريين ، فجميعهم – والحق يُقال – يعملون بدأب وإخلاص قدر استطاعتهم لمساعدة المراجعين ، والتعامل معهم باحترام وتفهّم . لكن الخلل هو في الروتين القاتل الذي فُرض على الموظفين كما فُرض على المراجعين ، فالطرفان ضحاياه .

إنّ معالجة هذا النمط من الإجراءات الإدارية المعقدة ليس بالمستحيل ، وكل ما يتطلبه هو استعانة وزارة الداخلية بخبرات إدارية من وزارة التعليم العالي ومن وزارة التخطيط ممن سبق لهم العمل أو تلقي التدريب في المركز القومي للاستشارات والتطوير الإداري لدراسة المعوقات الإدارية ووضع خيارات لتقليص الإجراءات الفائضة ، وتلافي الحلقات الروتينية والمكررة.

وبهذا الصدد اليس من الحق التساؤل عن دور الإدارة المتقدمة في الوزارة بدءاً بالوزير ووكلائه والمدراء العامين لمعالجة هذا التجاوز على حقوق المواطن وتحميله ما لا يطيق داخل حدود دوائرهم ، وكلهم يعرف كيف أن المواطن العربي في الدول المجاورة يُنجز كافة ارتباطاته مع حكومته عبر البريد الألكتروني وهو جالس في بيته . ترى أزاء هذه المقارنة غير المتكافئة ألم يُفكّر الوزراء ووكلاؤهم والمدراء العامون ومدراء الأقسام في كل الوزارات العراقية بمغادرة غرفهم المؤثثة والمُبرّدة والمريحة ومعايشة مواطنيهم في دوائر التعذيب الإداري من أجل إيجاد حلول لمسببات التعذيب .

{ كاتب وشاعر عراقي