لبنان: اشتباكات في الكحالة بعد انقلاب شاحنة تابعة لحزب الله

آخر تحديث 2023-08-09 00:00:00 - المصدر: العربي الجديد

شهدت بلدة الكحالة في قضاء عاليه بمحافظة جبل لبنان، مساء اليوم الأربعاء، اشتباكات بين مسلحين ومواطنين، بعد انقلاب شاحنة يُعتقد أنها تابعة لحزب الله وتحمل أسلحة وذخائر. في حين، يطوق الجيش اللبناني المكان ويمنع الاقتراب من الشاحنة وكشف محتوياتها.

تسببت هذه الاشتباكات حسب شهادات سكان البلدة في سقوط قتيلين وعدد من الجرحى، ورفض سكان البلدة فتح الطريق أو السماح للشاحنة بالمغادرة قبل الكشف عن محتوياتها. يُشتبه بأن الشاحنة تحمل أسلحة تابعة لحزب الله. ويُطالب الأهالي بتوقيف من أطلق النار ومعاقبتهم بأشد العقوبات، كما يتحدثون عن تورط جيش لبنان في تهريب سائق الشاحنة.

وتبادلت الاتهامات حول هوية من قاموا بإطلاق النار، حيث اتهمت بعض الشخصيات السياسية حزب الله بالوقوف وراء هذه الاشتباكات، بينما اتهم موقع "العهد" التابع لحزب الله حزب "الكتائب اللبنانية" بإطلاق النار. وكان هناك تباين في الآراء حول هوية المسلحين المتورطين.

من جهته، أصدر حزب الله بياناً أكد فيه ملكيته للشاحنة، دون الكشف عن محتوياتها. ووفقاً للبيان، فإنه "أثناء قدوم شاحنة لحزب الله من البقاع إلى بيروت، انقلبت في منطقة الكحالة، وفي ما كان الاخوة المعنيون بإيصالها يقومون بإجراء الاتصالات لطلب المساعدة ورفعها من الطريق لمتابعة سيرها إلى مقصدها، تجمّع عددٌ من المسلحين من المليشيات الموجودة في المنطقة وقاموا بالاعتداء على أفراد الشاحنة في محاولة للسيطرة عليها".

وأضاف البيان، "بدأ هؤلاء برمي الحجارة أولاً ثم إطلاق النار مما أسفر عن إصابة أحد الأخوة المولجين بحماية الشاحنة وتم نقله بحالة الخطر إلى المستشفى حيث استشهد لاحقاً، وقد حصل تبادل لإطلاق النار مع المسلحين المعتدين، في هذه الأثناء تدخلت قوة من الجيش اللبناني ومنعت هؤلاء المسلحين من الاقتراب من الشاحنة أو السيطرة عليها، ولا تزال الاتصالات جارية حتى الآن لمعالجة الإشكال القائم".

وتربط طريق الكحالة بيروت بالحدود السورية اللبنانية، ويتهم أهالي البلدة حزب الله بنقله السلاح بشكل مستمرّ على هذه الطريق سواء إلى البقاع أو سورية أو كذلك العراق.

الحادثة زادت من التوترات السياسية والأمنية في لبنان، حيث طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، بسرعة التحقيق وكشف الحقائق واتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط الوضع. 

وتابع رئيس الحكومة مع قائد الجيش العماد جوزيف عون ملابسات الحادثة، داعياً إلى التحلي بالحكمة والهدوء وعدم الانجرار وراء الانفعالات وانتظار نتيجة التحقيقات الجارية. وأكد وفق بيان وزعه مكتبه الإعلامي، أن الجيش مستمر في جهوده لإعادة ضبط الوضع ومنع تطوّر الأمور بشكل سلبي.

وتوالت المواقف السياسية خصوصاً من جانب نواب وشخصيات سياسية في "حزب القوات اللبنانية" (يرأسه سمير جعجع) و"حزب الكتائب اللبنانية"(يرأسه النائب سامي الجميّل)، ويعتبران من أشد المعارضين لحزب الله، التي تدين ما حصل، وتؤكد أن الشاحنة تحمل أسلحة تابعة لحزب الله، وأن من أطلق النار على السكان هم عناصر في الحزب، كما وضعوا ما حصل في إطار سلسلة الأحداث الأمنية المرتكبة والمفتعلة في سياق زعزعة الوضع الأمني، وجرّ البلد إلى الفتنة والأحداث الأمنية، بهدف فرض مرشحهم لرئاسة الجمهورية، رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية.

وقال حزب القوات في بيان إنه "مرة جديدة يدفع اللبنانيون ثمن التفلت الأمني وانتشار السلاح غير الشرعي، وهذه المرة كانت الكحالة الأبية مسرحاً لاستعراض فائض القوة وإطلاق النار المباشر باتجاه المدنيين الذين تجمعوا على إثر انقلاب شاحنة يعتقد أنها تحمل السلاح ليتبين أن مجموعة مسلحة ترافقها وقد قامت المجموعة بإطلاق النار المباشر على المدنيين ما أدى إلى استشهاد يوسف البجاني الذي كان يحاول إنقاذ السائق".

ودعا حزب القوات "القوى الأمنية وبخاصة الجيش اللبناني للقيام بدورهم عبر توقيف مطلقي النار واحتجاز الشاحنة وإجراء التحقيقات اللازمة ومنع أي مظهر من مظاهر التفلت الميليشياوي"، مؤكداً أن "الكحالة لم ولن تكون مكسر عصا لعصابات السلاح المتفلت والمشاريع العابرة للحدود".

بدوره، اتهم النائب في "حزب الكتائب"، نديم الجميل، "الجيش اللبناني بالتواطؤ مع حزب الله في منع الاقتراب من الشاحنة والتصادم مع المواطنين"، معتبراً أن "ما قام به الجيش اليوم جريمة بحق الدولة وسيادتها وكرامتها، جريمة بحق الكحالة وكل لبنان". وأشار أن "الجيش ممنوع أن يكون حارس شاحنة مليشيات إرهابية، شاحنة سلاح أو كبتاغون، وعلى الجيش تحمّل مسؤولياته أو التخلي عنها كاملة".

ويسود الترقب حالياً البلدة، على وقع قرع أجراس الكنائس، وذلك، في ظلّ غضب عارم في صفوف الأهالي، واحتقان محلّي واسع، مع رفض المواطنين المغادرة ومنع إزالة الشاحنة قبل الكشف على حمولتها، وقد سجلت مناوشات متفرقة بينهم وبين عناصر الجيش الذين يفرضون طوقاً أمنياً حول الشاحنة ويمنعون الجميع من الاقتراب بما في ذلك وسائل الإعلام.

ويؤكد أهالي البلدة أن دماء الشاب فادي البجاني، لن تذهب هدراً، وسيكون لديهم موقف أيضاً غداً الخميس بخصوص ما حصل، مذكّرين بما حصل مع المصوّر جو بجاني، ابن الكحالة، الذي قتل في ديسمبر/كانون الأول 2020، في وضح النهار أمام منزله، بمسدس كاتم للصوت على يد مجهولين، وقد وجهت أصابع الاتهام المحلية، إلى حزب الله، على اعتبار أنه كان يملك صوراً مرتبطة بملف انفجار مرفأ بيروت، مع العلم، أن غالبية الجرائم التي ترتكب في لبنان، وتتصل بالطابع السياسي، تطمس الحقيقة فيها، ولا يكشف مرتكبوها.