فضيحة كبرى جرى تسريبها أخيراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأثارت عاصفة من الجدل، وكمّاً هائلاً من التعليقات القاسية. بطلها فنّان سوري معروف في أواخر سبعينياته، يعمل، في الوقت نفسه، عارض أزياء! ويطلّ على الجمهور مرتدياً ملابس غريبة عجيبة لا تناسب عمره، وتشي بصبيانية ومراهقة متأخّرة بائسة، ومحرجة لمن لديه إحساس وقدرة على التمييز. وهذا ما لا ينطبق على صاحبنا، فبالإضافة إلى تاريخه الفني غير المبهر، إذ طالما صُنّف أنه ممثل درجة عاشرة يقدم الأدوار المساندة، وهو، بإجماع الجمهور، عديم الموهبة طارئ على الوسط الفني. ومع ذلك، ظلّ حاضراً في الدراما السورية، كونه، وكما أفاد في غير مناسبة، مدعوماً من الأجهزة الأمنية، لأنه من جماعة "الصبّاط العسكري على راسي". وهو معروف بتمسّحه الذليل بطاغية دمشق وعسكره وتنكّره لقضية الشعب السوري، وبتخوينه أحرار الشعب والشماتة والتشفّي بمعاناته التي لا ينكرها أي صاحب ضمير.
وفي تفاصيل القصة، ابتلع الفنان سيئ الذكر (الدونجوان!)، صاحب أوهام الوسامة والصبا والشباب، طُعم إحداههن، وانخرط في تفاصيل مكالمة هاتفية جنسية متلفزة وثّقت، بالصوت والصورة، الدرك المنحط والابتذال الذي وصل إليه، (من دون أن يستخدم مخّه على فرض وجوده!)، كي يتمكّن من الإدراك والتميّز، ليستنتج أنه ليس أكثر من مادّة للسخرية والتندّر. لم يكتفِ، في مقطع الفيديو، الذي انتشر على نطاق واسع، بالألفاظ والسلوكيات غير اللائقة، بل أساء إلى الشعبين، اللبناني والعراقي، بإطلاق أحكام جائرة وتوجيه شتائم بذيئة. وبدلاً من التواري عن الأنظار خجلاً وخزياً، كما قد يفعل أيّ عاقل، خرج في مقطع فيديو تبريري ينطوي على استهانةٍ واستخفافٍ بذكاء المتلقي، ادّعى فيه أنّه كان ضحية المُعارِضة التي دبّرت المؤامرة، مستعينة بالذكاء الصناعي، عقوبة له على موالاته النظام!
يعني هذا أنّ "الجماعة" تركوا باقي الممثلين المشهورين والموهوبين والوسيمين والموالين واستهدفوه "خصّ نصّ" بهذه الفضيحة! ولشدة عبقريته وفرط دهائه، لم يتمكّن من التمسّك بقصته المتهافتة، فأفصح من خلال جملة غبية عن ذكورية قبيحة، حين قال: "أنا رجل وما بعيبني شي"، فناله ما ناله من الانتقادات والشتائم والتحقير.
لم تكد تمضي أسابيع، حتى وقع من جديد في شر أعماله، حين تمكّن ناشط سوري يُتقن أداء صوت أنثوي من استدراجه إلى مزيد من الاعترافات التي تؤكّد مصداقية ما ورد في مقطع الفيديو الأول من حقائق مشينة عن سلوكه المنحرف، فانطبقت عليه، بكل سهولة ويسر، مقولة "الجاهل عدّو نفسه"، ما جعل التعاطف معه باعتباره ضحية غير ممكن، ما يبرّر طرح السؤال هنا عن سيكولوجيا الكهولة عند بعض الرجال ممن بلغوا من السن عتياً، غير أنّ مرور الزمن لم يزدهم إلا ولدنة وخفّة وتهوّراً لا يليق بمرحلتهم العمرية التي يُفترض بها توفّر الحكمة والرزانه والهيبة. يلطخون شواربهم وما تبقى من شعر فوق رؤوسهم بالصباغ الأسود القاتم، في محاولات يائسة للتشبث بمظاهر شبابٍ ولّى الى غير رجعة، ويرتدون القمصان زاهية الألوان مفتوحة الصدور. ولا يتوانون عن التحرّش بالنساء من عمر حفيداتهم في الأماكن العامة وفي فضاءات الافتراض، من دون خجل أو ذوق أو أدنى إحساس بأهمية التصالح مع الشيخوخة واقعا ومرحلة عمرية لا يمكن تجاهلها.
انكشف الممثل الكهل المتصابي متواضع الموهبة، وبات مفضوحا أمام عائلته وأمام المجتمع. ومهما حاول أن يبرّر ويكذب، فإن صورته كهلاً عابثاً لا يحترم شيبته ستظلّ في الأذهان، على أمل أن يتّعظ أمثاله ممن يعبرون أزمة آخر العمر، فاقدين الاتّزان والرصانة، معرّضين أنفسهم وعائلاتهم للإهانة والتشهير وقلة القيمة من أجل أوهام طفوليةٍ غبية، لا تُغني عن كرامة واحترام للذات قبل الآخر!