كشفت مصادر عراقية مطلعة في العاصمة بغداد لـ"العربي الجديد"، أن قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني، طلب من الفصائل العراقية الحليفة لطهران، عدم تنفيذ أي هجمات ضد الأرتال والمصالح والمنشآت العسكرية الأميركية، خاصة خلال الفترة الحالية التي شهدت عمليات استبدال للقوات الموجودة بالعراق بأخرى، وكشفت عنها واشنطن الأسبوع الماضي.
ووصل قاآني، الثلاثاء الماضي، إلى العاصمة بغداد في زيارة غير معلنة، عقد خلالها لقاءات عدة مع شخصيات سياسية، وأخرى مسلحة. وهذه الزيارة هي الرابعة للمسؤول الإيراني إلى بغداد بعد تشكيل حكومة محمد شياع السوداني نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقال عضو في البرلمان العراقي عن تحالف "الإطار التنسيقي"، الحاكم في البلاد، لـ"العربي الجديد"، إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني طلب من الجنرال إسماعيل قاآني خلال لقاء جمع الجانبين، ضمان عدم قيام الفصائل المسلحة بأي عمليات استهداف للأرتال العسكرية التابعة للقوات الأميركية والتي تعمل ضمن التحالف الدولي بقيادة واشنطن"، مؤكداً أنه على أثر هذا الطلب وجّه قاآني خلال اجتماع مع قادة تلك الفصائل بمنع أي استهداف للأرتال بالوقت الحالي.
وأضاف المسؤول أن "جماعتي النجباء وكتائب حزب الله، وجد رئيس الوزراء صعوبة في التعاطي معهما بالفترة الأخيرة في مسألة عدم التصعيد مع الولايات المتحدة، وكان من المهم تدخل أطراف أخرى لضمان التهدئة".
لكن مصدراً آخر مقرباً من "الحشد الشعبي"، قال لـ"العربي الجديد"، إن "واجهات الظل ما زالت غير مضمونة، وقد يجري استخدامها في أي وقت من تلك الفصائل".
ويُقصد بواجهات الظل، العناوين التي شكلتها الفصائل المسلحة خلال العامين الماضيين مثل "أصحاب الكهف"، و"الثأر" و"المهندس"، والتي تتبنى عمليات ضد القوات الأميركية والتحالف الدولي وكذلك القاعدة التركية في نينوى، لكن حقيقة الأمر أن من ينفذ تلك الهجمات هي الفصائل الرئيسة ذاتها، مثل "كتائب حزب الله"، و"النجباء"، و"عصائب أهل الحق".
وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الاثنين الماضي، إن بلاده لم تعد بحاجة إلى قوات أجنبية في ما يتعلق بضبط الأمن ومواجهة الإرهاب، كاشفاً عن "حوارات متقدمة" لتحديد شكل العلاقة والتعاون المستقبلي مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
من جهته قال الباحث في الشأن الأمني مؤيد الجحيشي لـ"العربي الجديد"، إن زيارة قاآني إلى بغداد، بالتزامن مع زيادة التحركات الأميركية في شوارع المدن العراقية، له علاقة مباشرة بقضية إيقاف أنشطة الفصائل المسلحة ضد قوات التحالف الدولي ككل في العراق.
وبيّن أن "إيران المتحكم بالقرارات المفصلية للفصائل العراقية، وتستخدم تلك الورقة للضغط بملفات داخل وخارج العراق، خاصة مع الجانب الأميركي"، لافتاً إلى أن طهران لا تريد في الوقت الحالي أي تصعيد عسكري ضد الأميركيين في العراق، "ولهذا جاء توجيه إيقاف أي استهداف للأرتال الأميركية".
وأضاف الباحث في الشأن الأمني أن "الإيرانيين يدركون أن أي استهداف عسكري للأميركيين، سيدفع واشنطن إلى ردة فعل عسكرية في العراق أو سورية" مشيراً إلى أن هذا التهديد الأميركي وصل بشكل واضح للمسؤولين العراقيين.
وكان العراق قد أعلن رسمياً عن تحول مهام القوات الأميركية إلى استشارية في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2021 وبعدد لا يتجاوز ألفي عسكري.
وتوجد تلك القوات في ثلاثة مواقع رئيسية بالعراق، هي قاعدة "عين الأسد"، الواقعة على بعد 130 كيلومتراً من مدينة الرمادي، غربي البلاد، وقاعدة "حرير"، شمال أربيل، في إقليم كردستان العراق، إلى جانب معسكر "فيكتوريا"، الملاصق لمطار بغداد، والذي توجد فيه وحدة مهام وتحليل معلومات استخبارية، إضافة إلى السفارة الأميركية في وسط بغداد.
غير أن فصائل مسلحة حليفة لطهران، تنشط في مناطق مختلفة من العراق ما زالت تشكك في طبيعة مهام تلك القوات، وتطالب الحكومة الحالية بالعمل على جدولة الوجود الأجنبي وإخراجه من البلاد خلال سقف زمني واضح.