الذكاء الاصطناعي أم البشري؟

آخر تحديث 2023-08-24 00:00:00 - المصدر: وحيد عبد المجيد

منافع التقدم السريع في التكنولوجيا الأكثر تقدماً، بما في ذلك تقنيات الذكاء الاصطناعي، واضحةٌ للعيان. لكن هذا التقدم يطرح في الوقت نفسه تحدياتٍ كبيرة، وإشكالياتٍ غير مسبوقة، وينطوي أيضاً على أضرارٍ يُخشى أن تزداد.

وهذا ما دفع إلى دخول الأمم المتحدة مساحةً جديدةً تماماً لم يسبق لها التعاطي معها. فقد بادرت بتنظيم «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي من أجل المصلحة العامة»، وعَقدَ مجلس الأمن جلسةً لمناقشة الموضوع، الشهر الماضي، وتحدث الأمين العام أنطونيو جوتيريش عن خطر استخدام هذا الذكاء من جانب «أصحاب النوايا الخبيثة».

 

ومن أهم أسباب القلق أن تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي بمعدلات فائقة السرعة يثير سؤالاً يصعب تجنُّبُه عما إذا كان ممكناً أن يتفوق هذا الذكاء على ذكاء البشر في وقتٍ ما؟ لم يكن ثمة داعٍ للتفكير في مثل هذا الاحتمال قبل الانتقال إلى مرحلة الذكاء الاصطناعي التوليدي، وابتكار روبوتات محادثة قادرة على التعلم الذاتي، ومواصلة تطويرها بسرعة شديدة. لدينا ثلاثة اتجاهات في هذه المسألة.   في الاتجاه الأول علماءٌ يُنبهون إلى أن الروبوتات يمكن أن تصبح أكثر ذكاءً من البشر بدرجة ما، تأسيساً على دراستهم للآفاق المفتوحة بلا حدود أمام الذكاء الاصطناعي التوليدي. ورغم أن عددهم ليس كبيراً، لكن بينهم العالم الكندي الإنجليزي جيفري هينتون، الذي يُعد أحد «آباء» الذكاء الاصطناعي التوليدي. لقد بدا الأمر مفاجئاً لكثيرين عندما تحدث هينتون في آخر مايو الماضي عن مخاوفه مِن أن يصبح الروبوت أكثر ذكاءً من الإنسان. وجاء حديثه ذاك بعد أسابيع قليلة من استقالته من شركة «جوجل» لكي يتمكن من التحدث بحرية.   وفي الاتجاه الثاني علماءُ يدعون إلى تكثيف البحث العلمي سعياً إلى اختبار فرضية تَفوّق الذكاء الاصطناعي على البشري، فهذه الفرضية، في اعتقادهم، توجد بمنطقةٍ في العلم ما زالت مُعتمةً إلى حدٍ كبير، ويتعين العمل لإضاءتها. غير أن اتجاهاً ثالثاً بين العلماء يجادلُ بأن مفتاح إضاءة هذه المنطقة هو التساؤل عما إذا كان في إمكان الذكاء الاصطناعي أن يخترع شيئاً من دون مساعدة بشرية؟ ويجيبون بأن هذا ليس ممكناً، وقد يبقى كذلك، لأن الروبوتات الأكثر تقدماً لا تستطيع تعلّم شيء لا يوجد له أساس في البرامج التي تُشّغلها. فقدرة الروبوت على التعلم الذاتي تعتمد على تطوير بيانات ومعلومات يُغّذَى بها، والربط بينها وتحليلها.   ويعني هذا أنها لا تستطيع اختراع شيء جديد تماماً، بل إعادة إنتاج أشياء بطريقة مختلفة، سواء أكان المُعاد إنتاجه معرفة نظرية أم أدوات يحتاج توليدها إلى عملٍ بشري لربط الروبوت بطابعةٍ ثلاثية الأبعاد. ويبدو هذا الاتجاه الثالث أقوى وأكثر إقناعاً حتى الآن. ومع ذلك تظل الضوابط المطلوبة ضروريةً لأن الذكاء الاصطناعي التوليدي يتقدم بسرعةٍ كبيرة. وليت هيئة الأمم المتحدة تضع هذا الموضوع في جدول أعمالها بشكلٍ مستمر، مهما كان مُتخماً بقضايا الأزمات والصراعات الإقليمية والدولية.