تقرير: العراق يتطلع لانتاج الكهرباء من الطاقة النووية

آخر تحديث 2023-09-01 00:00:00 - المصدر: ناس نيوز

بغداد - ناس

يتطلع العراق إلى إضافة الطاقة النووية في مزيج الطاقة المتجددة، والتي تسير مشاريعها ببطء، بهدف تغطية العجز الكبير في توفير إمدادات الكهرباء للسكان، وسط تشكيك المحللين في كونه قد يواجه عقبات، خاصة إقناع الشركات بضخ استثمارات لتشييد أي مفاعل.

قناة "ناس" على تلكرام.. آخر تحديثاتنا أولاً بأول  

كشف العراق المنتج الثاني للنفط في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) أنه ينوي إنشاء "مفاعل نووي محدود للأغراض السلمية" لاستخدامه في إنتاج الكهرباء ليلحق بدول عربية بدأت بتشييد محطاتها فعليا بحسب تقرير لصحيفة "العرب" اللندنية تابعه "ناس" (1 أيلول 2023).

ويعد العراق إحدى الدول العربية التي تواجه أزمة نقص كهرباء مزمنة منذ عقود جراء الحصار الغربي والحروب المتتالية وأيضا بسبب فساد المسؤولين.

ووفق بيان صادر عن مجلس الوزراء مساء الأربعاء الماضي "ناقش المجلس إنشاء المفاعل لتقليل اعتماد البلاد على النفط والغاز لإنتاج الكهرباء، في الوقت الذي تسعى فيه البلاد لزيادة إنتاج الوقود الأحفوري لتقليص استيراده من الخارج".

ولم يذكر البيان أي تفاصيل مادية أو كيفية استدراج الشركة المنفذة أو موعد إنشاء هذا المشروع الطموح، الذي قد لا يجد طريقه إلى النور مثل مشاريع سابقة تم الإعلان عنها.

وتأتي هذه الخطوة عقب تحركات مشابهة من دول عربية لتشييد محطات نووية لأغراض سلمية، إذ تسعى السعودية إلى بناء محطتها النووية الأولى، فيما بدأت مصر بتشييد محطة نووية تتولى شركة روس أتوم الروسية عملية إنشائها.

وتعد الإمارات أول دولة عربية تشيد محطة براكة النووية تضم أربعة مفاعلات بقدرة إنتاج تبلغ نحو 5600 ميغاواط، أي ما يعادل ربع احتياجاتها من الكهرباء النظيفة. وبدأت بالفعل بإنتاج الكهرباء منها، لكن لم يتم تشغيلها بالكامل لأن المفاعل الرابع في طور التجارب.

وستساعد الطاقة النووية، التي لا تنتج ثاني أكسيد الكربون، في جهود دول المنطقة لخفض الانبعاثات بينما تتطلع حكومات العالم إلى أن تصبح أكثر اخضرارا. وستسمح لهم التكنولوجيا أيضا بتخصيص المزيد من الهيدروكربونات القيمة للتصدير.

وتحرق السعودية على سبيل المثال ما يصل إلى مليون برميل من النفط الخام يوميا في محطات توليد الكهرباء خلال أشهر الصيف في الخليج عندما ترتفع درجات الحرارة عن 50 درجة مئوية.

وعلى مدار سنوات أثارت الانقطاعات الناتجة عن سوء إدارة الشبكة ونقص الصيانة احتجاجات هددت بإسقاط الحكومات العراقية المتعاقبة، وقد لجأت بغداد إلى إيران طيلة سنوات من أجل تزويدها بشحنات من الوقود لتشغيل المحطات الكهربائية المتهالكة.

وينفق العراق المليارات من الدولارات لاستيراد الغاز لتغذية محطات الكهرباء، وتصل الكميات التي يستوردها من إيران فقط إلى أكثر من مليار قدم مكعبة.

وتظهر التقديرات أن بغداد تستورد الكهرباء والغاز من إيران بما يتراوح بين ثلث و40 في المئة من احتياجاتها من الطاقة، وهو أمر بالغ الأهمية خاصة في أشهر الصيف عندما تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية ويبلغ استهلاك الطاقة ذروته.

وتضطر وزارة الكهرباء إلى العمل وفق نظام القطع المبرمج لساعات يوميا فيما يلجأ الأهالي إلى شراء الطاقة الكهربائية من محطات خاصة لسد النقص في التجهيزات.

ويحتاج العراق، الذي يعاني بالفعل من نقص الطاقة والاستثمارات غير الكافية في المحطات القديمة، إلى تلبية قفزة متوقعة بنسبة 50 في المئة في الطلب بحلول نهاية العقد الحالي.

وكان وزير الكهرباء زياد علي فاضل قد أعلن في يونيو الماضي أن بلده ينتج حاليا 24 ألف ميغاواط من الكهرباء بزيادة قدرها 22 في المئة عن العام الماضي.

ولفت إلى أن تأمين الطاقة الكهربائية في محافظات البلاد على مدار الساعة يتطلب إنتاج 34 ألف ميغاواط يوميا، وفق وكالة أنباء العالم العربي.

وسبق أن أعلن العراق أنه يعمل على خطة لإنتاج الكهرباء من المفاعلات، ففي صيف 2021 كشف الرئيس السابق للهيئة العراقية للسيطرة على المصادر المشعة كمال حسين لطيف أن النية تتجه لاستثمار قرابة 40 مليار دولار في مشاريع للطاقة النووية.

وقال لطيف في مقابلة مع وكالة بلومبرغ في ذلك الوقت إنه “لمواجهة التحدي تخطط البلاد لبناء ثمانية مفاعلات ذرية قادرة على إنتاج حوالي 11 غيغاواط".

وأجرت بغداد محادثات مع المسؤولين الروس والكوريين الجنوبيين وشركات الطاقة النووية الحكومية بشأن العمل معا لبناء محطات نووية خلال العقد المقبل. كما أن الهيئة تحدثت أيضا مع مسؤولين فرنسيين وأميركيين بشأن الخطة.

كما اختارت الهيئة النووية 20 موقعا محتملا للمفاعلات وكان من المفترض أن يتم توقيع العقود الأولى في العام الماضي، لكن لطيف عاد ونفى ذلك في نوفمبر الماضي.

ويشير محللون وأوساط اقتصادية إلى أنه حتى لو قام العراق ببناء العدد المخطط له من محطات الطاقة النووية، فلن يكون ذلك كافيا لتغطية الاستهلاك المستقبلي.

ونسبت وكالة الأنباء العراقية إلى رئيس الهيئة الجديد فاضل حاوي مزيان قوله في مايو الماضي إن "إنشاء مفاعل نووي للأغراض السلمية يحتاج إلى خبرات وتشريعات قانونية، فضلا عن البنية التحتية اللازمة".

وكشف تحقيق برلماني قبل سنوات أن الحكومات المتعاقبة بين 2005 و2019 صرفت على قطاع الكهرباء 80 مليار دولار، من دون أن تلامس ولو من بعيد الحاجة الاستهلاكية للبلاد. وتعرض قطاع الكهرباء الحكومي إلى أضرار بالغة خلال حرب إخراج العراق من الكويت العام 1991، حيث دمر طيران الولايات المتحدة وحلفاؤها محطات التوليد الكبرى وشبكات النقل الرئيسية ومراكز التوزيع الفرعية، مغرقا البلاد في ظلام تام دام شهورا.

وفي وقت سابق هذا العام، وقّع العراق اتفاقية مع شركة سيمنز الألمانية ستضيف بموجبها 6 آلاف ميغاواط للشبكة المحلية، وهي كمية يتوقع أن تسد نحو 85 في المئة من الاستهلاك خلال السنوات الثلاث المقبلة.

كما استنجدت الحكومة بشركة جنرال إلكتريك الأميركية لمساعدتها في إصلاح قطاع الكهرباء، الذي يعاني من فوضى منذ عقود، في ظل فشل رهان الحكومات المتعاقبة على إيران لتأمين حاجة البلد من التيار، وأيضا توريد الغاز لتشغيل المحطات.