في شارع مزدحم بجوار دار الأيتام، التي كانوا يقيمون فيها سابقا، تتجمع مجموعة من الشبان والفتيات العراقيين خلف أكشاك تبيع أشياء كثيرة من الشطائر وحتى اللوحات.
ذلك الشارع، الذي يعج بالمطاعم على وجه الخصوص، جزء من مشروع "باب بغداد"، وهو مبادرة تستهدف مساعدة الأيتام ومن كانوا يعيشون في دور للأيتام بأنحاء بغداد للاعتماد على أنفسهم.
ويوضح هشام الذهبي رئيس مؤسسة البيت العراقي للإبداع وصاحب مشروع باب بغداد الأمر قائلا لتلفزيون رويترز "مشروع باب بغداد، هو مشروع عبارة عن مجموعة من البوتات (الأكشاك) للأكلات السريعة، يديرونها أولادنا اللي عاشوا عندنا بالدار، الغاية منه هو إيجاد فرص لكتير من الشباب خصوصا اللي خريجين من دور الأيتام التابعة للحكومة ودور الأيتام الخاصة بينا حتى لا ينتظرون التعيين ولا يقعدون ينتظرون راتب الرعاية الاجتماعية. إحنا اليوم وجدنا لهم فرص حتى يكون عمله الخاص اللي يقدر من خلاله يعيش ويعتمد على نفسه وبنفس الوقت يخدم المجتمع".
ومؤسسة البيت العراقي للإبداع هي هيئة غير حكومية تأسست عام 2004 بهدف إيواء بعض الأطفال المشردين والأيتام في بغداد.
وعن عمله الجديد قال سامر حمادة، وهو يتيم ومستفيد من المشروع، "طبعا هاي الوظيفة تمثل لي شيء حلم، إنه 12 سنة بابا هشام هو اللي يصرف علي وهو اللي كبرني وهو اللي وداني وهو اللي..، فهذا الحلم باعتباره حلم كله كبير إنه آني قاعد أشتغل وأعتمد على نفسي وأعين نفسي، وهمي أساعد أخوتي وبابا هشام، فد شيء، كلش حلو".
كما قال أحمد هشام، وهو يتيم ومستفيد آخر من المشروع "أني كنت طفل بالألفين وستة دخلت يم الأب هشام الذهبي، كنت لا أعرف اسمه ولا طالب دراسة، دخلت يعني صفر، وهسا الحمد لله وصلت لطالب جامعي مرحلة تانية هندسة أدرس، وطباخ شيف، طبعا هذا المشروع هو أفضل مشروع حسيته بحياتي، ليش، لأني شاب ويعين بعده ببدايته عنده مصلحة وعنده فد شي إنه يقدر يكون به نفسه ويوصل ويحقق اللي يريده بحياته".
ولا يقتصر دور هذه المبادرة فقط على إتاحة فرصة الاعتماد على الذات لهؤلاء الشباب لكنها تمكن أيضا المشاركين من رد الجميل لدار الأيتام.
فبينما تذهب جميع الأموال التي يجنيها أصحاب الأكشاك لهم، يتم التبرع بنسبة 10 بالمئة من العوائد لصندوق يدعم تعليم الفتيات اليتيمات.
https://www.tiktok.com/@akr054/video/7241980514200980741
وأوضح الذهبي ذلك قائلا "اليوم عندنا 14 بوت، اللي يشتغلون بهم مع الخدمات والعربات الصغيرة والمشاريع الصغيرة، وصل عدد اللي يشتغلون هنا حوالي 53 شابا، اللي يستحصلون عليه هو كله لهم ما عدا 10 بالمئة يخلونها في صندوق التبرعات تروح دعم للفتيات حصرا اليتيمات كفالات دراسية. وهيك يعني شوف إيش قد صار أكو تفاعل بالموضوع، إنه شاب من طفل يتيم إلى شاب يافع يشتغل وهذا الشاب يدعم الحالات الفقراء والأيتام والمتعففين".
وتلقى المبادرة قبولا ومباركة من الشارع العراقي الذي يثمنها ويقدر ما يفعله هؤلاء الشبان الذين تحدوا ظروفهم وحققوا نجاحا ملموسا بينما يتعثر كثيرون ممن يعيشون ظروفا طبيعية تماما.
ومن بين الزبائن الذين يترددون على تلك الأكشاك ويشترون منها المواطن غيث ضرغام الذي قال "شباب... أنا أشوفهم ناجحين لأنه هم بعد كل الظروف اللي مروا بها هم بعدهم، خلينا نقول، مقاومين هاي الأشياء وحابين الحياة، كلهم ينطون (يقدمون) طاقة، كلهم ينطون حافز، اليوم أنت تشوف شخص ممكن يكون هو مو بالظروف اللي هم مروا بها وتشوفه كسلان وما يشتغل وما يطلع، فأنا أحييهم على هاي الطاقة اللي عندهم، وإن شاء الله، الله يوفقهم في حياتهم الباقية".