الشرق الأوسط في خندقٍ واحد

آخر تحديث 2023-10-25 07:55:02 - المصدر: واع

وليد خالد الزيدي 

بتطور الوضع العسكري في فلسطين، تتطور معه ايضا وبشكلٍ متسارع الأوضاع السياسية في منطقة الشرق الأوسط بصورة لم يسبق لها نظير وتحديدا من قبل قادة ما تسمى بدول المواجهة مع إسرائيل وهي مصر والأردن ولبنان، فضلا عن أطراف إقليمية أخرى وبدرجات متفاوتة كتركيا وايران والعراق ودول الخليج واليمن كما برزت إلى سطح الأحداث رؤية جديدة، وهي نظرية الحرب الشاملة في المنطقة وأخذت أبعادا دولية أكثر عصفا في مسرح الأحداث، وبذلك تكون قد سقطت النظرة السابقة للأحداث، التي ترى في أن الصراع داخل فلسطين هو تنافس داخلي ضيق النطاق بين العرب المسلمين من جهة والإسرائليين من جهة أخرى حول الحق الشرعي في امتلاك الأرض وحق تقرير المصير وحل الدولتين، لكن مسار الأحداث حاليا يفرز عدة احتمالات أكبرها الحرب المديدة، التي تشمل كثير من الخسائر وسقوط عدد مهول من الابرياء عطفا على التطور الديناميكي في هذا الصراع والصدامات العسكرية الأخيرة والمباشرة في فلسطين، والتي فتحت الاختيارات على مصراعيها في امكانية نشوب حرب واسعة تشمل عددا من دول المنطقة.
وهنا لا بد من التسليم بأن إسرائيل تواجه اليوم خصوما عدة في المنطقة وبشكل مباشر مثل سوريا وحزب الله في لبنان ومن العمق الفلسطيني حركة حماس، فضلا عن تركيا وإيران والعراق ومصر والأردن ودول الخليج، بينما على الجانب الإسرائيلي تقف الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ومعظم الدول الغربية، التي تسعى إلى ممارسة ضغوطا كبيرة ضد التدخلات المحتملة من ايران وحزب الله اللبناني والأطراف والقوى الأخرى في المنطقة في هذا الصراع، فضلا عن دول أخرى في العالم الإسلامي، وفي تلك الحال سوف تفرز الأحداث حين احتدام الصراع تداخل الخنادق واصطفاف القوى مع بعضها أو إنزياحها، بعيدا عن مسرح العمليات، لكن الشكل الواضح فيها هو شمول منطقة الشرق الأوسط بآثارها وانعكاساتها المدمرة لا محال، لاسيما أن تجارب هذا الصراع، تؤكد لدول المنطقة نظرة التوسع الإسرائيلي على حساب حقوق الآخرين ومستقبل الأحدث فيها. 
وفي كل الاحوال أن موقف شعوب وحكومات الشرق الاوسط لن يجنب إسرائيل وداعميها الخطيئة ومبررات الحرب الحالية، فالعمليات العسكرية المحتدمة، التي شنها الفلسطينيون على إسرائيل تخضع لتدقيق وتقييم على مدى العقود الماضية من داخل وخارج افق الصراع، حيث لم تف حكومة إسرائيل ولا حلفاؤها بالوعود أمام العرب أو المجتمع الدولي، لاسيما في قضية حل الدولتين وإيقاف الاستيطان وتهجير السكان من أراضيهم، كما يبدو أن هجمات حماس جاءت لتدحض اعتقاد الإدارة الأمريكية بأن منطقة الشرق الأوسط، أصبحت أكثر أمنًا وهدوءًا مما سبق، رغم محاولاتها لإنجاز التطبيع بين إسرائيل وبقية الدول العربيَّة كالسعودية وغيرها من الدول العربيَّة، التي ترى نفسها الآن وفي خضم هذا الصراع مضطرة إلى الاهتمام بمشاعر مواطنيها، الذين لا تزال القضية الفلسطينيَّة تعني لهم الكثير، وتعيش في وجدانهم منذ عقود مضت.