عقد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في ساعة متأخرة من ليل أمس الاثنين، اجتماعاً مغلقاً مع قادة التحالف الحاكم في البلاد "الإطار التنسيقي"، بمشاركة عدد من قادة الفصائل المسلّحة الحليفة لإيران، أبرزهم زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، وزعيم "كتائب سيد الشهداء" أبو آلاء الولائي، ركز على مناقشة التحذيرات الأميركية التي نقلها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارته إلى بغداد.
ويأتي الاجتماع أيضاً بعد ساعات من عودة السوداني من زيارة سريعة دامت ساعات عدة إلى طهران، والتقى خلالها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، والمرشد الإيراني علي خامنئي.
ولم يصدر عن "الإطار التنسيقي"، أو مكتب رئيس الوزراء العراقي أي بيان أو تعليق حول الاجتماع، كما جرت العادة في كل اجتماع يعقد لهم في العاصمة بغداد.
وقال قيادي بارز في "الإطار التنسيقي" لـ"العربي الجديد"، إن تحالفه عقد اجتماعاً بحضور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فور عودته من طهران، وذلك في منزل رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي في المنطقة الخضراء، وناقش المجتمعون التحذيرات الأميركية بشأن مواصلة الفصائل المسلحة عمليات استهداف الجيش الأميركي في القواعد العراقية.
وبيّن القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "السوداني شرح لقادة الإطار، والذين كان من ضمنهم الخزعلي وأبو آلاء الولائي، اللذان يمثلان الفصائل المسلحة سياسياً داخل الإطار، خطورة التحذيرات الأميركية التي نقلها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارته إلى بغداد، وكيف يمكن أن يؤدي تطبيق تلك التحذيرات إلى أزمات داخلية خطيرة على الوضع العراقي".
وأضاف أن "السوداني أكد لقادة الإطار جدية واشنطن في تهديداتها بالرد على عمليات استهداف قواتها في العراق، وأكد أن هذا الأمر ناقشه بشكل مفصل مع الجانب الإيراني خلال زيارته إلى طهران، وطلب من القيادة الإيرانية السياسية والدينية التدخل للضغط على بعض الفصائل لإيقاف الهجمات، لمنع أي تداعيات على الوضع العراقي الداخلي، ومنع تحويل العراق إلى ساحة قتال".
وتابع القيادي في الإطار التنسيقي أن "السوداني طلب من قادة الإطار التنسيقي الضغط على الفصائل المسلحة لإيقاف الهجمات ضد الأميركيين، كونه أعطى تعهدات إلى الجانب الأميركي بإيقاف تلك الهجمات خلال المرحلة المقبلة، وبخلاف ذلك، سيكون هناك رد أميركي ليس عسكرياً فقط على بعض الفصائل، بل ربما يشمل عقوبات اقتصادية وإجراءات قد تصل إلى تأزيم العلاقات السياسية والدبلوماسية ما بين بغداد وواشنطن، فالتحذيرات الأميركية كانت على مستوى عالٍ من الخطورة".
من جهته، قال الباحث في الشأن الأمني والسياسي أحمد الشريفي، لـ"العربي الجديد"، إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يدرك خطورة الوضع الداخلي العراقي بعد التحذيرات والتهديدات التي تلقاها من قبل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ولهذا هو يعمل بشكل سريع على تهدئة الأوضاع لمنع خروجها عن السيطرة".
وبيّن الشريفي أن "زيارة السوداني السريعة إلى إيران بعد ساعات من انتهاء اجتماعه مع بلينكن، وعقده اجتماعاً فور عودته من طهران، يؤكدان أن العراق يمرّ بمرحلة حساسة، وممكن أن تكون الأراضي العراقية أرضاً للاشتباك المباشر بين القوات الأميركية وبعض الفصائل المسلحة العراقية".
وحذر الباحث في الشأن الأمني والسياسي من أن "إخفاق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وكذلك قادة الإطار التنسيقي، في إيقاف الهجمات ضد القوات الأميركية، سيدفع الإدارة الأميركية إلى تنفيذ التهديدات والتحذيرات، مما سيدخل العراق في مشاكل أمنية واقتصادية، سيكون لها أثر على المواطن، بما لا يقبل الشك".
ولوّحت ما تُسمّى "المقاومة الإسلامية في العراق"، بالبدء بمرحلة جديدة في "مواجهة الأعداء، نصرة لفلسطين"، مؤكدة أن المرحلة ستكون الأوسع على قواعدهم في المنطقة.
وخلال الأيام الماضية، شنّت الفصائل المسلحة العراقية هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ كاتيوشا، على قاعدتي "حرير" و"عين الأسد"، ومعسكر فيكتوريا، الملاصق لمطار بغداد غربيّ العاصمة العراقية، رداً على الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة، والدعم الأميركي لها.
وتضم تلك المواقع الثلاثة المئات من العسكريين الأميركيين وقوات تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، أبرزها البريطانية والفرنسية.
وتضع الهجمات الأخيرة على القواعد والمصالح الأميركية في العراق، حكومة السوداني أمام وضع مُعقّد وغير مريح، خصوصاً بعد فشل حراكه الهادف إلى إقناع الفصائل المسلحة الحليفة لإيران.