مأزق إعمار مصفاة بيجي بعد استرداد المعدات المسروقة

آخر تحديث 2023-12-18 07:30:09 - المصدر: العربي الجديد

 

لم يحصل رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني على الدعم الإعلامي أو الشعبي عقب إعلان استعادة المعدات المسروقة من مصفاة بيجي، كبرى مصافي النفط العراقية في محافظة صلاح الدين، شمالي البلاد، في أغسطس/ آب الماضي، بعد أكثر من 6 سنوات على تفكيكها وسرقتها من قبل مليشيات مسلحة عقب استعادة السيطرة على المدينة في العام 2015، بسبب التندر والسخرية الذي تلقته الحكومة، والأسئلة العديدة التي صدرت عن الحراك الشعبي والاجتماعي والسياسي أيضاً عن هوية الجهة المتورطة بسرقة المعدات وكيفية عودتها.

وأعلن السوداني، قبل أكثر من ثلاثة أشهر، عن استعادة المواد والمعدات المسروقة من مصفاة بيجي (التي أنشئت في العام 1975)، ما أدى إلى تعطيل هذه المنشأة المهمة طيلة السنوات الماضية.
وبحسب البيانات العراقية الرسمية، فإن المواد المستعادة متنوعة وكثيرة، ويمكن تداولها في الأسواق المحلية، واشتملت أبرز القطع المستعادة على "كابسات لوحدة تحسين البنزين ألمانية الصنع، وكابسات هيدروجينية، وغيرها".

وتُوجه الاتهامات لمليشيا "عصائب أهل الحق"، التي يتزعمها قيس الخزعلي، بسرقة معدات المصفاة، وهو ما تنفيه المليشيا التي كانت تسيطر على المصفاة خلال فترة سرقة معداته، كما أن أنصار التيار الصدري وجهوا اتهامات مباشرة لها بالتورط بتفكيك المصفاة ونقلها خارج العراق، وذلك خلال الأزمة السياسية التي أعقبت انتخابات 2021 وما رافقها من توترات أمنية كبيرة بين الجانبين، في حين أن حركة العصائب اتهمت جماعات تتبع تيار "الحكمة" بزعامة عمار الحكيم بسرقة المصفاة.

في السياق، قال مصدر قريب من مكتب رئيس الوزراء العراقي إن "العمل في مصفاة بيجي متواصل منذ أغسطس الماضي، في سبيل استئناف العمل بها، وهناك معدات كثيرة لا تزال مفقودة، وتعمل الحكومة على شرائها من دول عربية وأجنبية". مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "الحكومة العراقية كانت تعتقد أنها ستحقق ثناء شعبيا بالإعلان عن استعادة المعدات المسروقة، إلا أنها فوجئت بالهجمة التي تعرضت لها بسبب عدم تقديم معلومات كافية للصحافة والشعب العراقي بشأن هوية الجهات التي سرقت المعدات ثم باعتها إلى مقاول خردة في أربيل".

وأضاف المصدر أن "عودة عمل مصفاة بيجي ستساعد على تقليل الاعتماد على إيران وبعض الدول الأخرى لاستيراد المشتقات النفطية، لكنها لن تغني نهائياً عن الاستيراد من الخارج، لأن المصفاة قد تبقى مدة طويلة تنتج نصف ما كانت تنتجه قبل احتلال تنظيم "داعش" محافظة صلاح الدين"، مبيناً أن "الطاقة الإنتاجية المؤمل الوصول إليها هي 150 ألف برميل يومياً، بعد أن كانت الطاقة الانتاجية تصل إلى 300 ألف برميل".
من جهته، قال عضو لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي علي شداد إن "أعضاء اللجنة (النفط والغاز) يتابعون عمليات الإعمار التي تجرى في مصفاة بيجي بعد التخريب، وصولاً إلى إعادتها إلى الخدمة"، معتبراً في حديثٍ مع "العربي الجديد" أن "حكومة السوداني تولي اهتماماً بالغاً بمصفاة بيجي، لما ستقدم من خدمة كبيرة للاقتصاد العراقي، وقطاع الطاقة، وهناك حاجة لاستمرار العمل بشأن تطويره".

وكان النائب السابق عن محافظة صلاح الدين مشعان الجبوري قد أكد أن "نسبة الدمار في مصفاة بيجي عند تحريرها كانت 20 في المائة فقط"، معتبراً خلال مقابلة تلفزيونية أن "نسبة الضرر ارتفعت إلى نحو 85 في المائة بسبب عمليات النهب".
من جانبه، أشار الناشط السياسي من محافظة صلاح الدين عبد العزيز المعماري إلى أن "الجهود مستمرة لإعادة إعمار المصفاة بأيدٍ عراقية، وقد خصصت الحكومة نحو 500 مليون دولار لهذا الغرض، لكن هناك مخاوف من استغلال هذا المبلغ من قبل بعض الأحزاب الفاسدة والمتنفذة"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "المصفاة لم تتوقف عن العمل، لكن طاقتها الإنتاجية تراجعت كثيراً حتى وصلت إلى 75 ألف برميل يومياً، وفي الحقيقة فإن المعدات التي استُعيدت كانت خردة بالأساس، وكانت مركونة في مخازن المصفاة قبل سرقتها".
وبالنسبة للجهات المتورطة بسرقة معدات المصفاة، فإن "رئاسة الحكومة والسلطات العراقية كان عليها أن تجيب وتكشف هوية هذه الجهات، وتشرح للرأي العام كيف وصلت المعدات إلى أربيل".