عراقيون في تركيا: عدم تجديد الإقامة يدفع الآلاف للعودة إلى الوطن

آخر تحديث 2024-01-04 13:30:04 - المصدر: العربي الجديد

عاد عراقيون بالآلاف إلى الوطن في عام 2023، بعدما كانوا قد استقرّوا في تركيا على مدى أعوام، وذلك بسبب تعقيدات في منح السلطات التركية الإقامة أو تجديدها، على الرغم من أنّ كثيرين منهم يملكون هناك عقارات وأعمالاً تجارية.

وتُقدَّر الجالية العراقية في تركيا، بحسب بيانات سابقة لوزارة الهجرة والمهجرين في العراق، بنحو 700 ألف عراقي يتوزّعون في 12 ولاية تركية من أصل 81، وهي بحسب الترتيب إسطنبول وأنقرة وسامسون وسكاريا ويالوفا وبورصا وأسكي شهير وغازي عنتاب وألانيا وجورم وبولو وكوتاهيا.

العراقي طارق صبار وشقيقه كانا من بين هؤلاء العراقيين الذين عادوا أو أُعيدوا إلى الوطن، في الأشهر الأخيرة، بعد ثمانية أعوام من الاستقرار في مدينة إسطنبول التركية. وهو يقطن حالياً في أحد أحياء مدينة إربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق.
 
يخبر صبار "العربي الجديد": "فوجئت برفض طلب تجديد إقامتي الذي تقدّمت به، وبالتالي لم يكن أمامي من خيارات إلا مغادرة تركيا. وفي أثناء تحضيرات العودة إلى العراق، أوقفتني دورية شرطة وأنا في طريقي إلى منزلي وألقت القبض عليّ وأودعتني سجناً في إسطنبول. وقد بقيت محتجزاً مدّة أربعة أيام، قبل أن أُرحَّل إلى العراق".

يضيف صبار: "مُنعت من دخول تركيا لمدّة ستة أشهر، علماً أنّ السلطات التركية رفضت طلبات تجديد إقامات كثيرة"، مشيراً إلى أنّ "المستغرب هو أنّ الرفض شمل العراقيين الذين أمضوا سنوات طويلة في تركيا، وليس فقط الوافدين الجدد". ويؤكد صبار أنّ "عراقيين كثيرين غادروا تركيا في الأشهر الماضية، بمن فيهم الذين يملكون عقارات في البلاد والحاصلين على إقامات دائمة".

وكان عراقيون كثيرون، يشكّلون عشرات آلاف العائلات، قد اضطروا إلى مغادرة العراق والتوجّه نحو تركيا في خلال فترات العنف التي أعقبت الاحتلال الأميركي للعراق في عام 2003. يُضاف إلى ذلك النزوح الكبير من المناطق التي احتّلها تنظيم داعش في عام 2014.

من جهته، ما زال العراقي رفعت الجنابي مقيماً في إسطنبول منذ عام 2016، وهو يعمل في مجال بيع العقارات وشرائها. يشير لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "مغادرة العراقيين مناطق في تركيا ساهمت في تراجع سوق العقارات"، شارحاً أنّ "عراقيين كثيرين من الذين اضطروا إلى الانتقال إلى تركيا هم من أصحاب رؤوس الأموال، وكانت الإقامة التركية أحد أهدافهم. لكنّ التعقيدات المتعلقة بمنح الإقامات أو بتجديد تلك التي كانوا يستفيدون منها أدّت إلى خروجهم وخروج أموالهم من تركيا".

ويتابع الجنابي: "مصير العراقيين في إسطنبول غير واضح، وكثيرون منهم يواجهون الترحيل"، لافتاً إلى الأمر مرتبط بـ"أعداد الأجانب الكبيرة التي تؤثّر سلباً على الأتراك في مجال فرص العمل".

عراقيون ينتظرون تنفيذ التعهّدات التركية

في سياق متصل، يوضح المحامي العراقي المقيم في تركيا حسين صالح لـ"العربي الجديد" أنّ "القانون التركي الخاص بالأجانب والحماية الدولية ينصّ على ضرورة حصول كلّ أجنبي على إذن بالإقامة من الجهات المختصة حتى يكتسب صفة قانونية. لكنّ ثمّة استثناءات في القانون تعفي الأجنبي من الحصول على الإقامة، من أمثال الدبلوماسيين ومبعوثي المؤسسات الأممية والعاملين في إطارها، وكذلك الأشخاص الخاضعين للحماية الدولية من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".

ويلفت صالح إلى أنّ "الإجراءات الجديدة والصارمة التي تتّبعها إدارة الهجرة التركية مع الأجانب بعد أعوام من التسامح، خصوصاً مع الأشخاص ذوي الظروف الإنسانية، من أمثال السوريين الذين يستفيدون من الحماية المؤقتة والحماية الدولية وحملة الإقامات السياحية والطلاب، والعراقيين المستفيدين من حماية دولية وحملة كلّ أنواع الإقامات باستثناء الإنسانية، واليمنيين حملة كلّ أنواع الإقامات بما فيها الإنسانية، والمصريين حملة كلّ أنواع الإقامات بما فيها الإنسانية".

وسبق لوزارة الداخلية التركية أن حدّدت ضوابط صارمة ووضعت مزيداً من الشروط بخصوص الحصول على الإقامة السياحية والتي يصعب توفيرها في أحيان كثيرة، وكذلك تحديد مدن وأحياء لإقامة الأجانب إلى حين قبول طلبات إقامتهم، وإغلاق عدد كبير من المدن والأحياء خصوصاً في إسطنبول.

ويُعامَل المواطن العراقي في تركيا بحسب بنود القانون التركي الخاص بالأجانب عموماً، في حال دخوله إلى الأراضي التركية بطريقة نظامية، غير أنّ الأمر اختلف في الأشهر الماضية، إذ فرضت السلطات التركية على العراقيين إجراءات إدارية محدّدة.

وفي إبريل/ نيسان 2023، تعهّد وكيل وزير الداخلية التركي طيب صبري أرديل بإعادة النظر في تسهيل إجراءات منح تأشيرات الدخول وتجديد إقامات العراقييّن في تركيا. وجاء ذلك في لقاء جمعه بوكيل وزارة الخارجية العراقية لشؤون التخطيط السياسي هشام العلوي، الذي أشار إلى "مشكلات تواجه المواطنين العراقيين المقيمين في تركيا". ومنذ ذلك الحين، عراقيون كثر يترقّبون ما سوف يأتي، غير أنّ التعهّدات التركية لم تنفَّذ حتى الساعة.