طالبت السلطات الإيرانية، أمس الأربعاء، الحكومة العراقية بتسليم 38 شخصاً من المعارضين للنظام الإيراني الذين ينشطون في إقليم كردستان شمالي البلاد، مؤكدة أنها إحدى أكبر ضحايا الإرهاب، وتعتقد أنّ المعارضة الكردية الإيرانية في شمال العراق تؤثر على المكون الكردي العراقي.
ونقلت وسائل إعلام عراقية عن مساعد رئيس السلطة القضائية للشؤون الدولية في إيران كاظم غريب أبادي قوله إن "إيران من أكبر ضحايا الإرهاب، وقد استشهد حتى الآن 23 ألف شخص بريء نتيجة الأعمال الإرهابية، 17 ألفاً منهم استشهدوا على أيدي زمرة خلق الإرهابية"، حسب قوله.
وأضاف، على هامش الجلسة الرابعة لمحاكمة العناصر والقيادات الرئيسية لمنظمة "خلق"، أنّ "الغرض من إنشاء هذه المحكمة هو تحقيق العدالة، وأنه يجب اتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية للتعامل مع أعمال الجماعات الإرهابية، لأن هذه الجماعات تتظاهر بجرائمها الإرهابية تحت ستار العمل السياسي وكأنها أنشطة حقوقية، والتي ينبغي فضحها".
وأكمل غريب أبادي أن "ملاحقة ومحاكمة الجماعات الإرهابية لا تقتصر فقط على زمرة خلق، إنما ملاحقة الجماعات الإرهابية الانفصالية المتمركزة في إقليم كردستان العراق، والتي تنسب نفسها الآن إلى الشعب الكردي الشريف"، لافتاً إلى أنه "جرت مطالبة الحكومة العراقية بتسليم 38 عضواً منهم".
ونهاية أغسطس/ آب الماضي، أعلنت كل من بغداد وطهران توقيع اتفاقية أمنية بين البلدين تقضي بتفكيك معسكرات المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان على الحدود مع إيران، شمالي العراق. وتقضي الاتفاقية بإيقاف طهران عملياتها العسكرية داخل البلدات الحدودية العراقية، مقابل قيام بغداد بتفكيك تجمعات تلك المعارضة وإبعادها عن الحدود مع إيران، وتسليمها المطلوبين منهم.
وبموجب الاتفاق، تطالب طهران حكومة بغداد بنزع سلاح التنظيمات المعارضة والنشطة شمالي العراق حتى 19 سبتمبر/ أيلول. وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلن العراق إخلاء المنطقة الحدودية مع إيران من الجماعات الكردية الإيرانية، ونزع أسلحتها.
من جهته، قال عضو بارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، إن "الطلب الإيراني الأخير بشأن تسليم أفراد من المعارضة الكردية الإيرانية لم يكن ضمن البنود التحريرية في الاتفاق الأمني الأخير"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "طهران طالبت بغداد وأربيل أكثر من مرة بهذا الخصوص".
وأضاف العضو، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن "أربيل لن تتعامل مع هذا الطلب جدياً، لأنه لا يتناسب مع الوضع الكردي، ولن تسلم أي كردي إيراني إلى إيران، لأننا نعرف أن مصيرهم الإعدام والتنكيل"، موضحاً أنّ "أربيل وبغداد حققتا رغبة طهران في التقليل من الحراك المعارض لإيران من داخل أربيل، ونقل معسكراتهم من الحدود مع إيران إلى مناطق أخرى".
من جانبه، بيَّن المحلل السياسي العراقي محمد الجبوري أن "الفكرة من مطالبة إيران بالمعارضين الكرد في أربيل لا ترتبط بأعدادهم، بل إنها تريد أن تؤسس علاقات أمنية جديدة، من خلال الضغط والإحراج مع أربيل أو أي جار آخر، ولو أن أربيل طالبت طهران بتسليم عدد من المعارضين لكردستان، لرفضت الحكومة الإيرانية هذا الطلب".
ولفت الجبوري إلى أن "إيران حصلت على أكثر مما كانت تتوقع في الاتفاق الأمني مع أربيل وبغداد، حيث نُقل نحو 9 آلاف كردي إيراني، وهم من عناصر الجماعات المعارضة، وعائلاتهم إلى أماكن أخرى بعيدة عن الحدود الإيرانية بدرجة كافية، مع سحب أسلحة مدفعية وقذائف ومدافع هاون من عيار 120 و82 ملم"، مستكملاً حديثه مع "العربي الجديد" بأن "إيران تسعى لمكاسب أخرى، ومنها استلام معارضين بالمجان من أربيل".
ومنذ تنفيذ الاتفاق الأمني بين إيران والعراق، توقفت الهجمات الإيرانية على بلدات ومناطق حدودية عراقية في إقليم كردستان، كانت تقول طهران إنها تؤوي مجموعات كردية تصنفها "إرهابية"، من أبرزها الحزب "الديمقراطي الكردستاني الإيراني" (حدكا)، حزب "كوملة" الكردي اليساري، حزب "الحياة الحرة" (بيجاك)، إضافة إلى منظمة "خبات" القومية الكردية.