العراق: الضربات الأميركية تهدد بأزمة بين حكومة السوداني وفصائل مسلحة

آخر تحديث 2024-01-24 14:00:05 - المصدر: العربي الجديد

تُعمّق الضربات الأميركية الجديدة التي طاولت، فجر اليوم الأربعاء، مواقع لجماعة "كتائب حزب الله العراقي" وأوقعت قتلى وجرحى، دائرة الخلافات بين المليشيات التي تتبنى التصعيد ضد الأميركيين وتنضوي ضمن ما يسمى "فصائل المقاومة العراقية"، ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني، الذي وعد بجدولة زمنية لإخراج قوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن من العراق. 

وبينما طالبت قيادات الفصائل بحراك جدي من الحكومة لإخراج قوات التحالف الدولي، أكد سياسيون أن الموقف بات حرجا بين الفصائل والحكومة وقد يتأزم.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية، استهداف مواقع تابعة للفصائل المسلّحة المرتبطة بإيران جنوب العراق وغربه، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.

قيادة عمليات "الحشد الشعبي"، أكدت صباح اليوم الأربعاء، تعرض مقارها في محافظتي الأنبار وبابل إلى قصف جوي أميركي خلفا قتيلا وإصابات بين صفوف المقاتلين، وقالت في بيان إن "القوات الأميركية تستمر في ارتكاب جرائمها بحق أبناء الحشد الشعبي، إذ تعرضت مواقع تابعة لقيادة عمليات الجزيرة لعدوان إجرامي جديد باستهداف مقر لمقاتلينا والإضرار بالمقرات المجاورة له في منطقة السكك التابعة لقضاء القائم غربي الأنبار أثناء أداء واجبهم لحماية حدودنا من الجهة السورية".

وأضافت أن القصف أدى إلى "مقتل المقاتل علي أنور صبيح الساعدي، وإصابة اثنين من رفاقه بجروح"، مشيرة إلى أنه "في الساعة 00:30 ارتكبت القوات الأميركية اعتداء إجراميا آخر باستهداف مبنى تدريب مقاتلينا (الكلية العسكرية) في قاطع جرف النصر (جرف الصخر)، ما أدى إلى  تدميره والإضرار بالمقرات المجاورة له".

الفصائل تشكك بنوايا إنهاء الوجود الأجنبي

الأمين العام لجماعة "كتائب الإمام علي" شبل الزيدي، شكك بوعود الحكومة و"الإطار التنسيقي" بإنهاء وجود التحالف الدولي في البلاد. وقال في تدوينة له على "إكس"، "ماذا ينتظر قادة الإطار ولماذا لا يتبنون أو يصدرون قرارا واضحا بضرورة إنهاء الوجود الأجنبي وطي صفحة الاحتلال الأميركي (...)"، مشددا على أن "تقاذف المسؤولية لا يعفي أحدا من التزاماته الوطنية، آن الأوان لكلمة موحدة ومشروع وطني واضح يطرح للحكومي كي تتبنى عملية جلاء حقيقية وليس كما حدث عام 2010 حين أبرمت اتفاقية أخرجتهم من الباب وأدخلتهم من الشباك، أخرجتهم كقوة احتلال تشرعن بقاءهم كقوة تحمل اسم تحالف دولي وهو في حقيقة الأمر ترسيخ للاحتلال ولوجوده".

الحكومة العراقية: الهجوم اعتداء على سيادة العراق

وفي موقف حكومي بدا ضعيفاً، أكد مستشار الأمن القومي العراق قاسم الأعرجي، في تدوينة له، أن "استهداف مقرات الحشد في القائم وجرف الصخر هو اعتداء وانتهاك صارخ للسيادة العراقية، ولا يساعد على التهدئة، وعلى الجانب الأميركي الضغط لإيقاف استمرار العدوان على غزة بدلاً من استهداف وقصف مقرات مؤسسة وطنية عراقية".

 اجتماع قريب لقيادات الفصائل بشأن الموقف الحكومي

من جهته، قال سياسي عراقي مطلع، إن "الموقف بدأ يتعقد في العراق، وإن الضربات الأميركية زعزعت الثقة بين الحكومة والفصائل"، مبينا لـ"العربي الجديد"، مشترطا عدم ذكر اسمه، أنه "في الوقت الذي تعد الحكومة العراقية بجدولة زمنية لإخراج التحالف الدولي إرضاء للفصائل، تجدد واشنطن ضرباتها الجوية وتوقع قتلى من تلك الفصائل، وهو ما يضعف بشكل واضح الموقف الحكومي".

وأوضح، أن "قيادات الفصائل ستجتمع اليوم أو غدا لبحث الملف، وأنها بدت غير واثقة بالوعود الحكومية، وستحملها النتائج المترتبة على أي تأخير بإنهاء وجود التحالف الدولي من العراق"، مبينا أن "بعضا من قيادات الفصائل وخاصة كتائب حزب الله والنجباء وقيادات أخرى تريد تحديد الحكومة بموعد لإصدار قرار رسمي ينهي وجود التحالف الدولي في البلاد"، مشددا على أن "الموقف قد يتأزم بين الحكومة والفصائل في حال عدم حسم الملف".

حكومة السوداني محرجة

الباحث في الشأن السياسي العراقي مهند سلوم، أكد صعوبة موقف حكومة السوداني إزاء الأحداث. وقال في تدوينة: "الحكومة العراقية في وضع محرج داخليا وخارجيا.. توجد حلول وسط لكنها بحاجة إلى حنكة سياسية وأمنية وإرادة سيادية لديها رؤية تكتيكية واستراتيجية"، مشيرا إلى أنه "من الواضح أن الأعرجي (مستشار الأمن القومي العراقي) مطلع ويعي صعوبة الموقف وتداعياته المستقبلية على أمن واستقرار ومستقبل الفاعلين السياسيين في العراق".

وكان رئيس الوزراء العراقي قد جدد الخميس الماضي، دعوته لإنهاء وجود التحالف الدولي في العراق، مؤكداً سعي حكومته لترتيب جدول زمني بشأن ذلك.

ومنذ منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، استهدفت عشرات الهجمات القوات الأميركية وقوات التحالف المنتشرة في العراق وسورية، وأعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق"، وهي شبكة من الفصائل المسلحة الموالية لإيران، مسؤوليتها عن غالبية الضربات التي نفذت بصواريخ وطائرات مسيّرة.

ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تعرّض الجيش الأميركي لأكثر من 120 هجوماً في العراق وسورية، كان معظمها بصواريخ وطائرات مسيّرة هجومية.