بغداد: محمد الأنصاري
وقّع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في بغداد أمس الاثنين، اتفاق إطار ستراتيجي بين البلدين و25 مذكرة تفاهم في مختلف المجالات أبرزها مذكرة تفاهم رباعية بين العراق وتركيا وقطر والإمارات، تهدف إلى التعاون المشترك بشأن مشروع (طريق التنمية) الستراتيجي.
واستقبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، صباح أمس الاثنين، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يزور العراق على رأس وفد رسمي رفيع المستوى، وشهدت أرض مطار بغداد الدولي، استقبالاً رسمياً للرئيس الضيف، عُزف فيه السلامان الوطنيان، العراقي والتركي، وجرى استعراض حرس الشرف الذي يمثل مختلف صنوف قواتنا المسلحة، كما أطلقت المدفعية 21 إطلاقة تحية في مراسم الاستقبال.
لقاء رئاسي
وعقب مراسم مطار بغداد الدولي، استقبل رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، في قصر بغداد، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والوفد المرافق له.
وعقد الجانبان، مباحثات ثنائية تناولت تعزيز العلاقات بين البلدين وآليات تطوير التعاون في شتى المجالات، كما جرى التأكيد على ضرورة التنسيق والعمل المشترك من أجل التوصل إلى حلول مرضية للقضايا المتعلقة بالأمن والاقتصاد والمياه وبما يخدم تطلعات الشعبين الجارين العراقي والتركي.
وشدد الرئيسان، خلال اللقاء، على أهمية تكثيف الجهود لتدعيم أمن الحدود، ومواجهة تحديات التغيرات المناخية والبيئية وأزمة المياه والاستفادة من الخبرات والتجارب التركية في هذا المجال.
وتطرق رشيد، إلى ملف المياه والأزمة التي يعاني منها العراق جرَّاء انخفاض التدفقات المائية عبر نهري دجلة والفرات وأثرها في مجمل الفعاليات الحياتية، مؤكداً ضرورة معالجة ملف المياه وضمان حصة عادلة للعراق لسد احتياجاته، والاستفادة من الخبرات في إدارة ملف المياه وبناء السدود، والتنسيق والتشاور بشأن المشاريع والمنشآت التي تقام على نهري دجلة والفرات.
وأضاف، أن العراق حريص على استكمال مشروع «طريق التنمية» الذي سيربط دول الخليج مع أوروبا عبر تركيا والذي ستكون له مردودات اقتصادية كبيرة، ويوسع حركة التبادل التجاري.
اتفاقيات ومذكرات
إلى ذلك، وقع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اتفاق الإطار الستراتيجي بين البلدين الذي يعد خارطة طريق نحو شراكة اقتصادية شاملة، كما رعيا مراسم توقيع مذكرة تفاهم رباعية بين العراق وتركيا وقطر والإمارات، تهدف إلى التعاون المشترك بشأن مشروع (طريق التنمية) الستراتيجي.
ووقع المذكرة عن الجانب العراقي وزير النقل رزاق محيبس، وعن الجانب التركي وزير النقل والبنية التحتية عبد القادر أورال أوغلو، فيما وقع عن الجانب القطري وزير المواصلات جاسم بن سيف السليطي، ووقع عن الجانب الإماراتي وزير الطاقة والبنية التحتية سهيل محمد المزروعي، وتتضمن المذكرة قيام الدول الموقعة بوضع الأطر اللازمة لتنفيذ المشروع الدولي الستراتيجي الكبير.
كما رعى السوداني وأردوغان، مراسم توقيع 24 مذكرة تفاهم واتفاقية أخرى، وكالتالي: مذكرة اتفاق إطاري للتعاون في مجال المياه بين العراق وتركيا، مذكرة تفاهم لتشكيل لجنة تجارية اقتصادية مشتركة (JETCO) بين وزارتي التجارة العراقية والتركية، اتفاقية تشجيع وحماية وتبادل الاستثمارات، مذكرة تفاهم بين اتحاد الغرف التجارية العراقية، ومجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، مذكرة تفاهم للتعاون الفني والعلمي والاقتصادي في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
كما تضمنت المراسم، توقيع مذكرة تفاهم في مجال التدريب العسكري، ومذكرة تفاهم بشأن التدريب والتعاون في مجال الصحة العسكرية، مذكرة تفاهم للتعاون الستراتيجي بين هيأة التصنيع الحربي وسكرتارية الصناعات الدفاعية التركية، مذكرة تفاهم للتعاون الأمني، مذكرة تفاهم بين معهد الخدمة الخارجية ومعهد الدراسات الستراتيجي التركي، وبين وزارتي الخارجية العراقية والتركية، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الشباب والرياضة.
وجرى التوقيع أيضاً على: مذكرة تفاهم للتعاون في مجال العلوم الصحية والطبية، وخطة مجموعة العمل الزراعية للفترة 2024 - 2025، بين وزارتي الزراعة العراقية والتركية، مذكرة تفاهم بشأن البحث العلمي والتكنولوجي، مذكرة تفاهم للتعاون في المجال التربوي، مذكرة تفاهم في مجال التعاون السياحي، مذكرة تفاهم في مجال التشغيل والضمان الاجتماعي، مذكرة تفاهم في مجال الشأن الاجتماعي والأسرة، مذكرة تفاهم بشأن الوثائق والأرشيف الحكومي، مذكرة تفاهم في مجال أمن المنتجات والحواجز الفنية أمام التجارة، مذكرة تفاهم في الشؤون الدينية، بين ديوان الوقف السني ورئاسة الشؤون الدينية التركية، مذكرة تفاهم حول التعاون في مجال التدريب القضائي للطلاب والقضاة والمساعدين والمدعين العامين، مذكرة تفاهم في مجال الكهرباء، ومذكرة تفاهم في مجال الإعلام والاتصالات.
جلسة رسمية
وترأس رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وفدي البلدين في المباحثات الموسعة التي عقدت في القصر الحكومي ببغداد، أمس الاثنين.
وبحثت جلسة المباحثات اتفاق الإطار الستراتيجي الذي سيمثل خارطة طريق لبناء تعاون ستراتيجي مستدام، والتأكيد على أهمية «طريق التنمية» في الجانب الاقتصادي وتعزيز التكامل الاقتصادي.
وشهدت المباحثات التباحث في تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية وزيادة التجارة وتشجيع الاستثمار، على المستوى الرسمي عبر اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين، والسعي لتفعيل مجلس الأعمال العراقي التركي، وجعله منصة يتبادل الطرفان من خلالها خبراتهما العملية، والمشاركة في تعزيز التعاون وتنمية المشاريع في البلدين.
كما جرى، خلال المباحثات، التأكيد على تعزيز الأمن المشترك بين البلدين، وعدم السماح بأن تكون أراضي البلدين منطلقاً للاعتداء بينهما.
كما تم التأكيد على وجود حاجة حقيقية لتأسيس مؤسسات صناعية عراقية – تركية مشتركة داخل العراق، برأس مال مشترك، والعمل على تسهيل إجراءات منح سمات الدخول للمواطنين العراقيين لغرض السياحة والتجارة والاستثمار والعلاج والدراسة.
واتفق الجانبان في الجانب الثقافي على اتخاذ خطوات لتنفيذ مشاريع مشتركة تهدف إلى تعزيز العلاقات الاجتماعية والإنسانية وتطوير تعاون شامل في مجال التعليم العالي وتبادل الدورات والاعتراف المتبادل بالجامعات، وإنشاء المدارس، والتبادل الثقافي في جميع المجالات.
وجرى، خلال المباحثات، الاتفاق على التعاون في مجال المياه، وصياغة مشاركة ورؤية جامعة لمصالح الجانبين في مشاريع البنى التحتية للري وإدارة المياه، فضلاً عن عرض ملفات التنسيق المشترك، التي تخصّ الزراعة والكهرباء والجوانب الصحية والرياضية والشبابية.
واستبق جلسة المباحثات الموسعة لقاء ثنائي بين السوداني وأردوغان، تناول مجمل العلاقات بين البلدين وسبل تطويرها في مختلف القطاعات والملفات ذات الاهتمام المشترك، كما تناول تطورات الأحداث في المنطقة، والتأكيد على أهمية تنسيق المواقف في سبيل وقف العدوان الذي يتعرض له الفلسطينيون في غزّة، وسبل منع انتشار الصراع والتوترات في المنطقة.
مؤتمر مشترك
وعقب المباحثات، عقد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في القصر الحكومي مؤتمراً صحفياً مشتركاً.
وقال السوداني، خلال المؤتمر: إن «سياستنا تعتمد على التوازن، ولدينا مبادئ تقوم على أساس المصالح المشتركة وحسن الجوار»، مضيفاً، أنه «تم توقيع اتفاقات مختلفة مع الجانب التركي، على مستوى المياه، كما تم توقيع اتفاقات من شأنها تحديث منظومات الري، لمدة 10 سنوات، وسيلمس أثر ذلك بشكل واضح ولاسيما ما يتعلق بحصة العراق المائية».
وأضاف، أنه «جرى توقيع مذكرة تفاهم رباعية، تتضمن المبادئ الخاصة بطريق التنمية»، مؤكداً، أن «طريق التنمية سينقل المنطقة اقتصادياً»، فيما أشار إلى، أن «طريق التنمية ليس لاختصار المسافات فقط، بل سيتحول إلى جسر رابط بين شعوب المنطقة وثقافاتها»، مؤكداً في الوقت نفسه، أن «طريق التنمية سيدعم الأمن والاستقرار بالمنطقة».
وأوضح رئيس الوزراء، أنه تم «التطرق إلى الأمن الثنائي بين البلدين»، مؤكداً، أن «أمن تركيا والعراق وحدة واحدة لا تتجزأ».
وأكد السوداني: «ننطلق من الدستور العراقي ونتمسك بعدم السماح لأي قوة بأن تستخدم أرض العراق منطلقاً للاعتداء على الجوار»، فيما شدد على، أن «القدس رمز إسلامي وإهانة المقدسات الفلسطينية أمر غير مقبول».
من جانبه، قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، خلال المؤتمر الصحفي المشترك: إن «العراق بلد جار وتربطنا به قواسم مشتركة عديدة»، مبيناً: «لدينا إرادة سياسية لدفع علاقات العراق وتركيا إلى الأمام».
وأضاف، أن «المذكرات التي وقعت تمثل نقطة تحول في علاقاتنا مع العراق»، موضحاً أنه «سيتم توفير التنسيق اللازم لضمان تنفيذ الاتفاقات الموقّعة مع العراق بالكامل».
وبيّن الرئيس التركي، أنه «تمت المناقشة مع رئيس الوزراء التعاون في ملفي الأمن ومكافحة الإرهاب»، مؤكداً «استعداد بلاده لتقديم الدعم إلى الحكومة العراقية في مكافحة الإرهاب».
وأشار، إلى أن «حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا ارتفع إلى 20 مليار دولار»، مستدركاً بالقول: «مصممون على المشاركة بطريق التنمية لتحقيق التنمية التجارية»، وأوضح أردوغان: «أنشأنا لجنة تركية عراقية لحل مشكلة المياه على أساس علمي وعقلاني».
بنود ملف المياه
في الأثناء، كشف المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، عن أبرز بنود الاتفاق العراقي التركي بخصوص ملف المياه، وهي: التعاون عبر مشاريع مشتركة لتحسين إدارة المياه في حوضي دجلة والفرات، دعوة شركات تركية للتعاون في البنى التحتية لمشاريع الري مثل؛ أنظمة وسدود حصاد المياه، وتبطين القنوات، ونصب محطات التصفية والتحلية، ومشاريع معالجة المياه، تنفيذ مشاريع تبادل الخبرات واستخدام أنظمة وتقنيات الرّي الحديثة والمغلفة، يستمر تنفيذ الاتفاق لـ 10 سنوات، ويمدد تلقائياً لسنة واحدة في كل مرة بعد اتفاق الطرفين.
ملتقى اقتصادي
بموازاة زيارة أردوغان، اتفق الجانبان العراقي والتركي خلال الملتقى الاقتصادي المشترك الذي عقد أمس الاثنين في بغداد، على تعزيز التعاون التجاري والاستثماري.
وقال رئيس اتحاد الغرف التجارية العراقية عبد الرزاق الزهيري خلال انطلاق الملتقى بمشاركة وزير التجارة أثير الغريري ونظيره التركي عمر بولات: إن «زيارة الرئيس التركي وانعقاد الملتقى الاقتصادي مع العراق يمثلان حدثاً نوعياً مهماً خاصة مع وجود المستثمرين الأتراك، وهذا اليوم حافل وتاريخي للشعبين العراقي والتركي إذ شهد توقيع اتفاقيات في جميع القطاعات بين البلدين وهنالك اتفاق ثنائي على تعزيز التعاون التجاري والاستثماري».
وأضاف، أن «القطاع التجاري بين البلدين قوي وعميق والباب مفتوح أمام الشراكات الاقتصادية الثنائية والعراق من جانبه ذلل جميع الصعوبات أمام المستثمرين الأتراك».