عبد الزهرة محمد الهنداوي
تتعامد الطرق، وتتقاطع وتتوازى، ولكنها في نهاية المطاف تؤدي إلى نتيجة واحدة، وهي اننا نسلكها مع تقاطعاتها وتعامداتها وتوازياتها، للوصول إلى المكان الذي نريد الوصول اليه، وبالتالي فإن إي طريق، مهما كان بسيطا فانه يشترك في اداء تلك المهمة، فلعل طريقا زراعيا، يمتد بين حقول احدى القرى النائية، كفيل بايصال احد افرادها إلى اقصى نقطة في هذا الكون المترامي..
هذه المقدمة لاعلاقة لها بالطرق ولا الشوارع، سواء المبلط منها أو الترابي، بل لعلني نزلت على الترابي!!، لأني ابتعدت كثيرا عن الفكرة الاساسية للموضوع، فالمقاربة هنا كنت اريد من خلالها متابعة عربة التعداد العام للسكان والمساكن الذي تنوي الحكومة اجراؤه قبل نهاية العام الحالي، اذ تشير نقاط المراقبة والمتابعة، إلى ان تلك المركبة، قطعت نصف الطريق، وهي الان في بداية النصف الثاني في طريق الوصول إلى الهدف، ولعلها واجهت في المرحلة الاولى بعضا من المطبات التي تسببت في تأخيرها عن قطع تلك المسافة وفقا لما كان مقررا أن تصل إلى نقطة المنتصف في توقيت محدد لذلك، فان الحال يتطلب من القائمين على قيادة المركبة، زيادة السرعة، شريطة المحافظة عن السلامة والامان، لضمان الوصول باللحظة الزمنية المحددة.
وبالعودة إلى الشطر الاول من العنوان، الذي بدا غير متناغم مع شطره الثاني، فان الحديث عن علاقة التعداد بالسيادة، ربما يبدو للكثيرين حديث هلامي الابعاد!، ولكن في حقيقة الامر، ان التعداد العام للسكان يمثل مرتكزا مهما من مرتكزات سيادة وقدرة الدولة - اي دولة- على أن تختط لنفسها نهجا تنمويا سليما.
ذلك لان ارتباط التعداد بالسيادة يتصل بعدة عوامل، فاذا ماعلمنا ان الدولة تتكون من ثلاثة اركان، هي الارض والشعب والسلطات بجميع اشكالها، فان التعداد السكاني يرتبط بهذه الاركان الثلاث،،ويمثل حلقة الوصل بين ثلاثتها، فهو يشمل عد السكان جميعا الموجودين ضمن حدود البلد، المواطنين والاجانب، ومعرفة خصائص وتفاصيل حياتهم، وهو بهذا يؤشر إلى سيادة الدولة وقدرتها على القيام بمهامها وصلاحيتها وواجباتها فوق اراضيها، وهنا ارتبطت الاركان الثلاثة بقوة، فضلا عن ذلك فان اجراء التعداد يُعد فعلا دستوريا، والالتزام بالدستور يمثل علامة مهمة من علامات السيادة، ومن هنا تأتي اهمية اجراء التعداد، لان الجميع ومن دون استثناء سيشترك في هذا المشروع، والمقصود بالجميع هنا، الحكومة أولا، بصفتها الجهة التنفيذية للمشروع، والمواطنين وهذه تشمل ابناء البلد كافة بصرف النظر عن عناوينهم وصفاتهم والوانهم، وما بين الحكومة والمواطن تأتي باقي الفعاليات، وفي المقدمة منها الاعلام الذي سيكون دوره فعالا، في ارشاد المواطنين وتعريفهم وتنويرهم باهمية هذا المشروع، وضرورة الادلاء بالبيانات الصحيحة عندما يزورهم الباحث الميداني إلى بيوتهم، فهناك الكثير من المعلومات المهمة التي ينبغي على المواطن الادلاء بها تتعلق بخصائص حياته، في جوانب الصحة والتعليم والعمل والسكن والخدمات وسواها، فهذه البيانات من شأنها رسم صورة واضحة عن واقعنا الحياتي وتشخيص مواطن الخلل والضعف ليتسنى للحكومة التخطيط لمعالجتها، ثم تأتي ادوار الفعاليات الاخرى متوازية ومكملة لبعضها البعض، وهنا يتحقق ركن مهم من اركان السيادة.