نجاح العلي
العاصمة بغداد تشهد نهضة عمرانية كبيرة، سواء في مشاريع البنى التحتية من جسور وانفاق وطرق مواصلات وماء ومجارٍ ومجمعات سكنية وترفيهية وتجارية وتعليمية، فضلا عن التوسع الافقي المستمر لمدينة بغداد، لكن مع هذه المشاريع والتوسعات تم اهمال بقصد أو دونه للجانب البيئي والمساحات الخضراء، اذ تعاني المدينة التي تعد اصغر المحافظات العراقية بمساحة 5169 كيلومترا ويقطنها اكثر من تسعة ملايين نسمة من انحسار المساحات الخضراء.
وتشير الاحصاءات الرسمية إلى أن 90 % من الحدائق المنزلية فيها تمت ازالتها بسبب التوسع السكاني و70 % من الاراضي الزراعية في المدينة، تحولت إلى سكنية وباتت المساحات الخضراء لاتشكل سوى 12 % من مجموع مساحتها وحتى هذه النسبة قابلة للانخفاض لو لم يتم اتخاذ تدابير واجراءات لزيادة المساحات الخضراء وفق التخطيط العمراني للمدن العصرية، فبعض المدن الاوربية التي لا تعاني اصلا من تلوث أو مخاطر بيئية صممت مدنها لتشكل المساحات الخضراء فيها 40 % وبعض البلدات في اسطنبول على سبيل المثال لا الحصر خصصت 70 % منها كمساحات خضراء محمية بحكم القانون، خاصة اذا ما علمنا أن منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن 88 % من السكان في المناطق الحضرية معرضون إلى تلوث الهواء الخارجي.
حسنا فعلت الجهات التنفيذية باتخاذ قرار بتحويل معسكر رشيد شرقي بغداد الذي تبلغ مساحته 12 مليون مترمربع إلى غابة ومساحات خضراء مستدامة وهناك خطوة مماثلة لإشاء غابة في شمالي بغداد على ان ترافق هذه الخطوات مشاريع أخرى مثل انشاء حزام اخضر حول العاصمة، التي تعاني من ثقل بيئي متمثلا بالارتفاع المفرط في درجات الحرارة وزيادة مناسيب تلوث الهواء والماء والعواصف الترابية القادمة في الغالب من غرب بغداد وتحويل جنس الاراضي الزراعية إلى سكنية، ناهيك عن الضوضاء والتلوث البصري.
وثيقة المساهمة الوطنية العراقية الخاصة في الملف البيئي، التي أعدت عام 2015 تضمنت التزام جميع الدول ومن ضمنها العراق على تخصيص 17 % من مساحتها كمحميات طبيعية، ومن المتوقع ان ترتفع المطالبات لجعلها30 % لمواجهة تاثيرات التغيرات المناخية الذي يعد العراق في مقدمة الدول الاكثر هشاشة في القدرة على مواجهتها، وهذا يتطلب جهودا وخطوات وقرارات تسهم في زيادة المساحات الخضراء وادامتها وحمايتها لتكون بمثابة رئة تعمل على تحسين الواقع البيئي.