وليد خالد الزيدي
شهد العراق أزمات سياسية كثيرة على مستوى محيطه الإقليمي وتراجع مستوى تعاونه الثنائي مع البلدان المجاورة ما تسبب في تراجع مكانته بشكل كبير في المنطقة والمجتمع الدولي، حينما ورث تركة ثقيلة من العداء وانعدام الثقة، نتيجة سياسات النظام السابق غير المسؤولة، تجاه القاصي والداني فتقلصت مساحة علاقاته الخارجية الطبيعية، وتوسعت الفجوة بينه وبين محيطه الخارجي، وأصبح يواجه تحديات على كافة الصعد، والتي لا تزال معالجتها قيد الترميم وفي مرحلة السعي لإعادته إلى موقعه الذي يليق بشعبه الكريم، وبإرثه الحضاري الإنساني المعروف.
الدبلوماسية العراقية تتحرك الآن بعدة اتجاهات منها عربية وأخرى إقليمية، فضلا عن مساهماته على مستوى القضايا الدولية في تحقيق الأمن والسلام العالميين، والعمل بنشاط على إزالة حالة العزلة، التي كان العراق يعاني منها سابقا وتواصله الإنساني مع هموم ومشكلات المحيط الاقليمي لتحقيق أهداف سياسته الخارجية برؤية مسؤولة، وفق أفكار وتوجهات الحكومة المركزية التي أرسلت من خلال تلك الرؤية مضامين الحرص على حماية أمن وتعزيز حالة الاستقرار لدى جميع البلدان المحيطة بالعراق والدول الإقليمية لانعكاساتها الكبيرة على حفظ أمنه واستقراره حاضرا ومستقبلا.
التوجهات العراقية نحو رسم سياسة واضحة تفضي إلى استقرار أمن المنطقة، التي نعيش فيها كمحور أساس برزت بشكل جلي خلال مواصلة العمل على دعم الدور الوطني في الهيئات متعددة الأطراف، ونحو مزيد من النشاط الفاعل لتوسيع مساحة انضمام العراق إلى الهيئات الدولية والمؤتمرات، التي تعمل على إنهاء الأزمات والحروب في المنطقة بما يبرهن على سلمية سياسته الخارجية، وإظهار مراميها لتفعيل علاقاته مع بلدان المنطقة والمجتمع الدولي على أسس التعاون واحترام امن ومصالح كل البلدان ورعايتها، وفق القانون الدولي والوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف على نحو عادل، بما يضمن الأمن الإقليمي للعراق، ودول المنطقة، لا سيما ما يجري من أحداث مأساوية على أرض فلسطين المحتلة.
تأكيد العراق على ثوابت سياسته تجاه محيطه العربي والإقليمي بعدم توسيع رقعة الحرب وإنهاء النزاع وضمان حقوق الشعب الفلسطيني، جاء وفق المقررات الأممية وقوانين المنظمات الدولية المعنية بالأمن والسلم لكل الشعوب، ومنها بلدان المنطقة العربية، التي تشهد أجواء ساخنة من عدم الاستقرار، بما يبرهن سلمية سياسة بلدنا الخارجية ونهجه المناوئ للصراعات الدولية ورغبته في حلها بشكل عادل، وهذا ما تجسد فعلا خلال تأكيد وزير الخارجية فؤاد حسين على التزام العراق بدوره الفعال في دعم أمن واستقرار المنطقة، خلال لقائه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود أثناء مؤتمر قمة السلام في أوكرانيا، الذي عُقد في مدينة لوتسيرن السويسرية مؤخرا، فضلا عن الترحيب بكل مبادرات الدول، التي اعترفت بدولة فلسطين، استنادا للمقررات الأممية واعتبار ذلك منطلقًا لإنهاء الحرب داخل الأراضي المحتلة وإبعاد شبح توسعها إلى أبعد من ذلك، كما يؤكد استثمار العراق لعلاقاته الثنائية مع الدول المجاورة والإقليمية بهدف تعزيز وتوسيع التعاون لإنهاء النزاعات المسلحة في المنطقة ودول العالم عموما.