المشاريع السكنية في إقليم كوردستان باهظة داخلياً مناسبة خارجياً

آخر تحديث 2024-07-25 12:00:09 - المصدر: شفق نيوز

شفقنيوز/ تتصاعد وتيرة تنفيذ مشاريع الإسكان في إقليم كوردستان بمختلف مستوياتهاالاقتصادية بدءاً من المنخفضة الكلفة وصولاً إلى الباهظة الثمن، لتتصدر أهمالاستثمارات خلال العقدين الماضيين، متفوقة على الاستثمار في القطاع الصناعي.

إلاأن قلة الطلب على شراء الوحدات السكنية يؤدي إلى فائض في العرض، بسبب الأزماتالاقتصادية والسياسية، إلى جانب ارتفاع أسعار أغلب العقارات بشكل كبير، ما أدى إلىعدم الإسهام في حلّ أزمة السكن.

وتقولالناشطة سوزان سورميري، من السليمانية، في حديثها لوكالة شفق نيوز، إن "أسعارالوحدات السكنية داخل مدن الإقليم مرتفعة جداً إذا ما قارنها بالعقارات خارجكوردستان أو في دول الجوار فهي أقل بكثير".

وتضيف"سوق العقارات في السليمانية يختلف عن المدن الأخرى إذ أنه يعتمد على الوضعالاقتصادي العام الذي تأثر بشكل كبير بتأخر صرف رواتب الموظفين، فعلى سبيل المثالفي السنوات السابقة التي شهدت توقفاً في صرف الرواتب انخفضت أسعار العقارات بشكلكبير إلى ما دون أسعارها الحقيقية".

وتشيرإلى أنه "بشكل عام، إذا قمنا بتقدير كلفة المشاريع السكنية فإن سعر المترالمربع يتراوح بين 300 دولار إلى 600 دولار بأعلى تقدير، في حين يتم بيعها من قبلالمستثمر بأسعار تتراوح بين 500 دولار إلى أكثر من 1000 دولار، أما بالنسبةللمنازل التي تسمى الفلل، فيصل سعرها إلى أكثر من 2000 دولار للمتر المربع، ممايعني أرباحاً مضاعفة".

وتبينسورميري أن "سوق العقارات في السليمانية اختلف تماماً عن المدن الأخرى، وخاصةالعاصمة أربيل، لأن نحو 90% من مشتري الوحدات السكنية في مركز محافظة السليمانيةهم من السكان المحليين ويشترون لأنفسهم أو لأقربائهم، وعلى الرغم من تزايد الشركاتالعقارية في السليمانية في السنوات الأخيرة، وهناك أيضاً سكان القرى الذين يشترونوحدات سكنية داخل المدينة وهذا مؤشر سلبي حيث أنه يؤدي إلى الهجرة نحو المدنوإخلاء المناطق الريفية بسبب قلة فرص العمل".

فيماكشفت مديرية الاستثمار في السليمانية في وقت سابق عن منح أكثر من 85 إجازةاستثمارية لإنشاء مجمعات سكنية تسهم في حل أزمة السكن في المحافظة.

ويبينمدير عام هيئة الاستثمار في السليمانية عزيز سعيد، لوكالة شفق نيوز، إن الهيئةعملت خلال السنوات الماضية على تنفيذ نحو 90 ألف وحدة سكنية عن طريق الاستثمار،وما تم إنجازه نحو 60 ألف وحدة سكنية لغاية الآن.

ويشيرإلى أنه "تم منح 86 رخصة استثمارية لإنشاء مجمعات سكنية في حدود السليمانية،وما تم إنجازه لغاية الآن هو 50 مجمعاً سكنياً، والآن هنالك 36 مجمعاً سكنياًاستثمارياً قيد الإنجاز".

وعنحجم الاستثمارات المالية في هذه المشاريع، أكد سعيد أن "نحو 22 مليار دينارهو حجم الاستثمارات فيها، وجميع الرخص منحت لمستثمرين محليين بنسبة 100%".

منجانبه، يوضح الخبير الاقتصادي بلال سعيد، في تصريح لوكالة شفق نيوز، أن "سعرالمتر المربع الواحد للوحدات السكنية في أربيل وتقريباً في عموم كوردستان يتراوحما بين 550 دولاراً إلى 1200 دولار، وهذا يعني أن أي مواطن بسيط يريد شراء وحدةسكنية يجب أن يدخر كامل راتبه لفترة لا تقلّ عن عشر سنوات وهذا شيء غير طبيعي، أوادخار نصف راتبه لفترة لا تقلّ عن عشرين عاماً ليتمكن من شراء وحدة سكنية في أحدالمشاريع الاستثمارية، وهذا يعني أن أي مواطن يعتمد على الراتب الشهري لا يستطيعشراء وحدة سكنية بصورة يسيرة".

وعنتأثير المشاريع الاستثمارية السكنية على واقع الخدمات في مراكز المدن، يلفت سعيدإلى أن "هذه المشاريع كان لها تأثير مباشر على الخدمات المقدمة في مراكزالمدن، فمثلاً في حال تم تنفيذ مجمع سكني فهو يحتاج على الأقل إلى بئرين ارتوازيينمما يعني التأثير على الخزين المائي للمنطقة، وقد قمنا بدراسة ميدانية حول المياهالمتوفر في أحياء أربيل ووجدنا أن كميات المياه قلت بنسبة كبيرة عما كانت عليه فيالسابق".

ويؤكد"بحسب البيانات التي جمعناها من مصادر متنوعة فإن عدد المشاريع السكنية(الشقق، والبيوت، والفلل) التي قد تم إنشاؤها خلال العقدين الماضيين، ويتم التعاملبها الآن في السوق العقاري هو 131 مشروعاً سكنياً تتضمن 128 ألفاً و542 شقة وبيوتوفلل بمساحات مختلفة".

ويتابع"ما تظهره البيانات هو انتهاء أكثر من 50 ألف وحدة سكنية في أربيل خلال هذهالسنة والسنتين المقبلتين، وأيضاً عدد الوحدات التي من المفترض تسليمها لأصحابهاخلال هذه السنة هو 27 ألف وحدة، وهذه السرعة في إنشاء الوحدات السكنية لا تقتصرفقط على أربيل بل أيضاً في السليمانية".

ووفقاًللبيانات اطلعت عليها وكالة شفق نيوز، سيتم بناء 5035 منزلاً و22 ألفاً و4 شققخلال العام الحالي، مما يعني أن 27 ألفاً و39 وحدة سكنية جديدة ستدخل السوقالعقاري في أربيل، على الرغم من أن بعضها تم انتهاء العمل بها في العام الماضي،كما سيتم خلال العامين المقبلين الانتهاء من 25 ألفاً 843 وحدة جديدة، منها 21ألفاً 673 شقة، وهو ما سيغير قطاع الإسكان بأكمله من الأفقي إلى العمودي.

وأعلنالمتحدث باسم هيئة الاستثمار في إقليم كوردستان بركَشت آكريي، في وقت سابق عن منحرخصة استثمارية لـ154 مشروعاً برأسمال يتجاوز أربعة مليارات دولار خلال العام2023.

وقالإنه "تم منح الرخص لـ50 مشروعاً في أربيل، و43 مشروعاً في السليمانية، و29مشروعاً في دهوك، و12 مشروعاً في كرميان، وثمانية في زاخو، وخمسة في رابرين،وأربعة في سوران، وثلاثة في حلبجة".

ولفتإلى أن "معظم الرخص الصادرة في العام 2023، كانت في القطاع السكني، يليهالتجاري، وفي المرتبة الثالثة يأتي القطاع الصناعي، ومن ثم القطاعات الصحيةوالتعليمية والزراعية والفنية والرياضية".

وبحسببيانات هيئة الاستثمار من 1 آب /أغسطس 2006 ولغاية 2 آيار/ مايو 2024، ساهم القطاعالعقاري بنسبة 29.24% من مجموع رأسمال الاستثمارات في إقليم كوردستان، ومجموعالمشاريع الاستثمارية التي حصلت على التصاريح في عموم الإقليم هي 216 مشروعاً، لكنعدد المشاريع في هذا القطاع أكثر بكثير من رقم هيئة الاستثمار، إلا أن غالبيةالمشاريع مؤخراً اخذت التصاريح من الوزارات أو المؤسسات الحكومية الأخرى فيكوردستان وذلك بسبب أن الأراضي كانت ملكاً للمستثمرين أنفسهم.

وعنمنح الإقامات الخاصة بالوافدين للإقليم، أكد المتحدث الرسمي باسم مؤسسة آسايشإقليم كوردستان العقيد سلام عبد الخالق، لوكالة شفق نيوز، أن "الموضوع متعلقبإجراءات أمنية خاصة متضمنة منح من جاء من خارج الإقليم حتى وإن كان كوردي القوميةيمنح استمارة أمنية خاصة به وفي ضوئها يحصل على (كود) خاص به، ويتم تجديد الإقامةكل فترة زمنية لأنها ليست إقامة دائمية بل هي وقتية والحصول عليها سهل جداً ولايوجد أي تعقيد يذكر".

فيماأكد مصدر قانوني في مديرية استثمار السليمانية، فضل عدم الكشف عن هويته، لوكالةشفق نيوز، أن "هيئة الاستثمار تمنح تسهيلات كثير للمستثمرين وفقاً لقانون رقم4 لعام 2006 وهي تختلف وفقاً لطبيعة المشروع، فهناك إعفاءات ضريبية وجمركية لمدةعشر سنوات من البدء بالمشروع وهذه تكون بعد منحه الرخصة الاستثمارية بالإضافة إلىامتيازات تخصيص الأراضي والتي تمنح بالمجان للمستثمر مقابل تنفيذ خدمة عامةللمدينة كتعبيد شارع أو ما يمثله من مشاريع الخدمة العام بدون مقابل إضافة إلىواجبات ألزم القانون المستثمر بها مقابل تلك الامتيازات".

وعنتحديد أسعار الوحدات السكنية، أوضح المصدر أن "القسم الاقتصادي في الهيئة هومن يحدد الأسعار وفقاً لجدول دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع الذي يقدمه المستثمربعد التحقق من نوعية الخدمات المقدمة داخل المشروع والمواد المستخدمة في البناءوبعدها يتم تحديد سعر المتر الواحد من الوحدة".

وعنإيصال الخدمات للمشاريع السكنية، بين المصدر أن "القانون يلزم الحكومة بتوفيرالخدمات للمجمع لكن عملية نقل وإيصال الخدمات للوحدات السكنية تكون من واجبالمستثمر نفسه وهو يتبنى كل التكاليف وكذلك يتعهد بعدم المطالبة بتكاليف تلكالخدمات".

فيمايشدد عضو لجنة الاستثمار السابق في مجلس محافظة السليمانية، كاسترو معروف، فيحديثه لوكالة شفق نيوز، أن "المشاريع التي تمنح للمستثمرين تصب في مصلحةالمستثمر بالدرجة الأولى وليس المواطن المحتاج والفقير والمتوسط الدخل".

ويشيرإلى أن "أغلب الخدمات التي يروج لها في الإعلام بصورة ضخمة لا وجود لها علىأرض الواقع وذلك بسبب قلة متابعة المؤسسات الحكومية لتلك المشاريع، كما أن تلكالمشاريع تمنح للمستثمرين القريبين من السلطة".

ويؤكد"المواطن الفقير لا يستطيع شراء وحدة سكنية يتراوح سعرها ما بين 60 ألف دولارإلى أكثر من 160 ألف دولار، في حين يتم منح الأرض للمستثمر دون مقابل ويستطيعالمستثمر من خلال التسهيلات التي تقدمها له الحكومة منح الوحدات السكنية بأسعارأقل بكثير من تلك المتعامل بها الآن، كما أن سكنة هذه المشاريع يستمرون بدفع مبالغكبيرة للمستثمر كخدمات".

ويوضحمعروف "من الواضح أن بعض تلك المشاريع السكنية يتمتع ساكنيها بتوفر خدمةالكهرباء على مدار 24 ساعة ، وكذلك الماء في حين نجد المواطنين يتظاهرون من أجلتوفير ساعات أكثر من الطاقة الكهربائية أو كميات أكبر من الماء تكفيهم في فصلالصيف".

ويطالبمعروف بـ"تعديل قانون الاستثمار الحالي من قبل برلمان كوردستان ووضع خطططويلة الأمد لأن ما يتم منحه للمستثمرين من الأراضي والتسهيلات الجمركية يؤثر علىأبناء البلد وهذه المشاريع لم تعالج أزمة السكن بل أنها ساهمت في ارتفاع أسعارالعقارات في السليمانية والإقليم عموماً".

وعلىالجانب الآخر، يجد مهتمون بالبيئة أن بعض المشاريع الاستثمارية أثرت بشكل كبير علىالبيئة، ويقول الناشط البيئي آكو شيخ محمد، لوكالة شفق نيوز، إن "بعضالمشاريع تمثل إتجاراً بالبيئة وخصوصاً المشاريع التي ستقام في سفح جبل (كويزا) فيالسليمانية".

ويضيف"هناك مجموعة من الناشطين والمهتمين بالبيئة والحقوقيين يسعون لمنع بعضالمستثمرين والمتنفذين من التلاعب بالطبيعة وسنلجأ لكل الطرق لمنعهم من هذا".

بدورهيؤكد أحد المستثمرين الذي فضل عدم الكشف عن هويته، لوكالة شفق نيوز، أن"القوانين الخاصة في إقليم كوردستان تساعد جداً في الاستثمار، وكذلك الأمن هوواحد من الأمور الأساسية التي يبحث عنها المستثمرون للعمل، وهذا متوفر في الإقليمأيضاً، والبيئة فيه مناسبة للاستثمار فضلاً عن أن الأزمات التي نمر بهامؤقتة".

وحولتأثير تذبذب سعر صرف الدولار على سوق الاستثمار العقاري، يشير إلى أن "صعودونزول أسعار صرف الدولار أمام الدينار العراقي كان له تأثير مباشر على المشاريعحيث أن المواطن يحتار في شراء وحدة سكنية بالدينار أو الدولار بسبب هذا التذبذب،وهذا التأثير ما زال مستمراً لغاية الآن".