"كابوس الانتظار".. تأخير الرواتب يضرب الاستقرار الأسري في كوردستان

آخر تحديث 2024-08-29 13:10:08 - المصدر: شفق نيوز

شفق نيوز/ يُعد تأخير صرف الرواتب في إقليم كوردستان مشكلة مزمنة تؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للسكان، فمع اعتماد الكثيرين على هذه الرواتب لتلبية احتياجاتهم الأساسية، أصبحت حالات التأخير المتكررة مصدر قلق كبير، تؤدي إلى مشكلات نفسية واجتماعية تهدد استقرار الأفراد والمجتمع ككل.

إحباط واكتئاب وتوتر نفسي

أمير محمد، باحث اجتماعي، يؤكد في حديثه لوكالة شفق نيوز، أن تأخير الرواتب يؤثر سلباً على الصحة النفسية للموظفين، ويشير إلى أن القلق الناتج عن عدم انتظام صرف الرواتب يزيد من مستويات التوتر، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في النوم وأمراض قلبية، فضلاً عن التأثير السلبي على الصحة النفسية العامة للأفراد.

وأضاف أمير أن التأخير المستمر في صرف الرواتب يولد شعوراً بالإحباط وفقدان الأمل في تحسين الأوضاع المالية، مما قد يتطور إلى اكتئاب يؤثر على الأداء الوظيفي والتفاعل الاجتماعي، ويزيد من العزلة الاجتماعية.

ويوضح فاخر عز الدين، مراقب للشأن في كوردستان، أن تأخير الرواتب يؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسات الحكومية وأرباب العمل، مبينا لوكالة شفق نيوز، أن من شأن ذلك أن يضعف الروح المعنوية ويقلل من الحافز للعمل، ويؤثر على الإنتاجية العامة.

التوترات الأسرية والجريمة 

تشير هوراس أحمد، ناشطة اجتماعية، إلى أن الضغوط المالية الناجمة عن تأخير الرواتب تؤدي إلى توترات وخلافات داخل الأسر، مما يهدد استقرارها. 

كما تحذر، خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، من أن بعض الأفراد قد يلجأون إلى اتخاذ خطوات غير قانونية لتأمين احتياجاتهم المالية، مما يزيد من معدلات الجريمة ويؤثر سلباً على الأمن المجتمعي.

وتضيف هوراس، أن الشعور العام بعدم الاستقرار الناجم عن تأخير الرواتب قد يؤدي إلى تصاعد الاحتجاجات والمظاهرات، مما يعكس حدة النزاعات الاجتماعية داخل المجتمع.

نائب عن السليمانية يطالب بمحاكمة الجهات المسؤولة

النائب عن محافظة السليمانية، كاروان يارويس، بدوره انتقد قرارات بغداد بشأن تأخير صرف رواتب موظفي إقليم كوردستان، موجهًا اللوم إلى وزارتي المالية في الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم. 

وطالب يارويس المحكمة الاتحادية باتخاذ موقف حازم من عدم تنفيذ قراراتها بهذا الشأن، مضيفا خلال مؤتمر صحفي، حضرته وكالة شفق نيوز، إن تأخير الرواتب، سواء كان لأسباب فنية أو غيرها، يجب أن تتحمله الوزارتين المعنيتين، كما دعا المحكمة الاتحادية إلى تحديد الجهات المسؤولة عن عدم تنفيذ قراراتها.

وأشار النائب إلى أن وزيرة المالية، خلال اجتماع اللجنة المالية النيابية قبل ثلاثة أسابيع، أكدت أن وزارة المالية العراقية سترسل الرواتب الخاصة بالموظفين المدنيين خلال يومين، مما يعني عدم وجود مشاكل في قائمة الرواتب، ومع ذلك، فوجئ بقرار وزارة المالية العراقية بأن صرف رواتب شهر تموز مرتبط بإجراءات تسوية الحسابات مع الإقليم.

ورأى يارويس أن ربط صرف الرواتب بتلك الإجراءات هو عمل غير دستوري وغير إنساني، ويخالف قرارات المحكمة الاتحادية. وأضاف أن المشكلات بين بغداد وأربيل يجب أن تُحل بعيدًا عن رواتب الموظفين. وأعلن يارويس عزمهم على استخدام كل الطرق والضغوط لضمان حقوق المواطنين، محذرًا من أن استخدام رواتب موظفي الإقليم كوسيلة ضغط هو قرار غير دستوري وغير قانوني.

زيادة المديونية

 وفي ظل هذه الظروف، يلجأ الموظفون إلى الاقتراض لتغطية احتياجاتهم الأساسية، مما يزيد من مديونياتهم ويضاعف الضغط الاجتماعي والاقتصادي عليهم وعلى أسرهم.

وتؤكد التقارير الصحفية والتحقيقات المجتمعية أن تأخير صرف الرواتب ليس مجرد قضية مالية، بل يمثل تحدياً نفسياً واجتماعياً عميقاً يتطلب استراتيجيات فعالة لدعم الأفراد وضمان استقرارهم.

ويعاني موظفو الإقليم منذ سنوات من تأخير صرف الرواتب الشهرية، إذ تعود جذور الأزمة إلى أسباب مالية، من بينها انخفاض أسعار النفط عالمياً، وتحمل الإقليم أعباء الحرب على داعش. 

ورغم إقرار المحكمة الاتحادية بالتزام بغداد بصرف الرواتب بانتظام، إلا أن مشكلات توزيع الرواتب لا تزال قائمة، ويعزو البعض أسبابها إلى عوامل سياسية أكثر منها مالية، خاصة بعد تأخر صرف راتب شهر تموز لأكثر من 50 يوماً.