مسعود بزشكيان.. دلالات عميقة وراء الحديث بالكردية في العراق

آخر تحديث 2024-09-16 12:41:53 - المصدر: مقالات كردية

تحمل زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى إقليم كردستان وتحدثه باللغة الكردية دلالات سياسية واقتصادية عميقة تتجاوز البروتوكولات الدبلوماسية التقليدية. إن استخدام اللغة الكردية في الحديث وعلى المنصات الإلكترونية يعكس نية واضحة لتوجيه رسائل مختلفة، سواء لإقليم كردستان أو للعراق، وأيضاً للداخل الإيراني، مما يبرز أهمية هذه الزيارة في سياقها السياسي الراهن.

إقليم كردستان يتمتع بنفوذ متزايد داخل العراق والمنطقة، وذلك بفضل دوره الفاعل سياسياً واقتصادياً. هذه الزيارة تأتي في ظل انتخابات تشريعية مقبلة في كردستان، مما يجعلها محط اهتمام إقليمي ودولي. إن تحدث الرئيس باللغة الكردية يُظهر احتراماً للهوية والثقافة الكردية، ولكنه أيضاً يهدف إلى تعزيز العلاقات مع القيادة الكردية في أربيل والسليمانية. إذ يسعى الرئيس إلى تقديم نفسه وحكومته كحلفاء، والاستفادة من قوة حكومة إقليم كردستان وتأثيرها في المعادلة العراقية.

حكومة إقليم كردستان تمتلك قدرة فاعلة على التفاوض والتأثير في السياسة العراقية العامة، وهو ما يفسر أهمية زيارة الرئيس الإيراني. فبناء علاقات قوية مع إقليم كردستان يمكن أن يساهم في تعزيز موقع إيران داخل العراق. استخدام اللغة الكردية هنا ليس فقط تعبيراً عن التقارب الثقافي، بل أيضاً عن رغبة في تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي مع الإقليم.

الزيارة تحمل أيضاً دلالات اقتصادية مهمة، إذ يُنظر إلى إقليم كردستان كممر تجاري واستراتيجي مهم لإيران، خاصة في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران. تسعى إيران من خلال هذه الزيارة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع الإقليم، وفتح قنوات جديدة لتبادل الاستثمارات والموارد. استخدام اللغة الكردية يمكن أن يُفهم كوسيلة لتعزيز الثقة وبناء شراكات اقتصادية طويلة الأمد، خاصة وأن إقليم كردستان يمتلك موارد طبيعية غنية.

في السياق العراقي الأوسع، تعكس زيارة بزشكيان رغبة في فتح صفحة جديدة من العلاقات بين إيران والعراق ككل، وليس فقط إقليم كردستان. هذا ما أكده وزير الخارجية الإيراني عراقجي عندما أشار إلى أن الزيارة تُمثل بداية فصل جديد من العلاقات. من خلال التواصل مع الإقليم، تسعى إيران إلى تعزيز نفوذها في العراق، ومحاولة تحقيق التوازن في علاقاتها مع مختلف الأطراف الفاعلة.

توقيت الزيارة قبل الانتخابات التشريعية في كردستان يثير تساؤلات حول الأهداف السياسية للرئيس الإيراني. يمكن أن يُنظر إليها كمحاولة للتأثير على التوجهات السياسية في الإقليم، وكسب الدعم من الأحزاب الكردية المختلفة. هذا التوجه يُظهر إدراكاً إيرانياً لأهمية التوازن السياسي داخل كردستان، وكيف يمكن أن ينعكس ذلك على العلاقة بين بغداد وطهران.

أما فيما يتعلق بالرسائل الموجهة للداخل الإيراني، فإن تحدث الرئيس بالكردية قد يكون إشارة إلى محاولة تهدئة الوضع الداخلي، خاصة في ظل وجود الكرد في المناطق الحدودية. إيران تسعى لإظهار نفسها كدولة متعددة الثقافات، معترفة بالتنوع اللغوي والعرقي، وبالتالي ترسل رسالة طمأنة إلى الأكراد داخل حدودها بأنها تسعى لاحترام الهوية الكردية وتعزيز التعايش.

اقرأ ايضاً: ایران دولة صناعیة و زراعیة كبيرة و علی العراق الاعتماد الکلي علی ایران

بالعودة إلى إقليم كردستان، تُعد هذه الزيارة تعبيراً عن الاعتراف بأهمية الإقليم كلاعب رئيسي في السياسة العراقية. يُظهر استخدام اللغة الكردية فهماً للرمزية الثقافية والسياسية التي تحملها هذه اللغة، ويهدف إلى بناء جسور تواصل جديدة مع القيادة الكردية. لكن، في الوقت نفسه، قد تُفسر هذه الخطوة من قبل البعض كمحاولة لتعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة.

في النهاية، تحمل زيارة الرئيس الإيراني إلى إقليم كردستان وتحدثه باللغة الكردية رسائل مركبة، تسعى إلى تعزيز العلاقات وبناء تفاهمات جديدة مع الإقليم. هي ليست مجرد خطوة رمزية، بل تعبير عن استراتيجية أعمق، تهدف إلى توسيع النفوذ الإيراني وتعزيز موقعه في المعادلة الإقليمية.