شهد لبنان حادثة أمنية غريبة ومثيرة للقلق، حيث انفجرت أعداد كبيرة من أجهزة البيجر بشكل متزامن في عدة مناطق، مما أدى إلى وقوع العديد من الإصابات.
ويقول مسؤولون إن معظم المستهدفين كانوا ينتمون إلى حزب الله أو لديهم علاقات مباشرة معه.
وأثار هذا الحدث غير المسبوق تساؤلات حول إمكانية اختراق أجهزة تبدو بسيطة مثل البيجر وتحويلها إلى أدوات تدمير.
وتشير التحقيقات الأولية إلى أن هذا الحادث ليس مجرد خلل تقني، بل يبدو أنه هجوم سيبراني معقد استهدف أجهزة البيجر بشكل مباشر.
ويعتقد الخبراء أن المهاجمين تمكنوا من اختراق نظام الاتصالات الخاص بأجهزة البيجر وإرسال إشارات ضارة تسببت في تفعيل وظائف معينة داخل الجهاز، مما أدى إلى انفجاره.
ورغم حجم الحدث وطبيعته المستهدفة، لم يصدر حزب الله أي اتهام مباشر لإسرائيل أو لأي جهة أخرى حتى الآن، مكتفياً بالتأكيد على أن التحقيقات جارية لكشف ملابسات الحادث.
وفي المقابل، ربطت وسائل إعلام عربية الهجوم بإسرائيل، مشيرة إلى أن الأسلوب المتبع يحمل بصمات عمليات سابقة نفذتها أجهزة استخباراتية.
فرضيات التحقيق تدور عدة فرضيات حول الطرق التي يمكن من خلالها تنفيذ مثل هذا الهجوم:
1. الاختراق عن بعد
قد يكون المهاجمون قد تمكنوا من الوصول إلى البرامج الثابتة لأجهزة البيجر وتعديلها عن بعد، مما أتاح لهم التحكم في الجهاز وإصدار الأوامر التي أدت إلى انفجاره.
2. التداخل الإشعاعي
من الممكن أن المهاجمين استخدموا إشارات راديوية قوية للتداخل مع عمل أجهزة البيجر، مما تسبب في خلل في الدوائر الإلكترونية داخل الجهاز.
3. الثغرة الأمنية
قد يكون المهاجمون قد استغلوا ثغرات أمنية موجودة في البرامج أو الأجهزة المستخدمة في نظام الاتصالات الخاص بأجهزة البيجر.
ويأتي هذا الحادث في ظل توتر سياسي وأمني بين لبنان وإسرائيل، خاصة مع تصاعد التهديدات المتبادلة والاتهامات بالاختراقات الأمنية. حزب الله، الذي يمتلك قوة عسكرية وإمكانات تقنية متقدمة، كان دائماً هدفاً لهجمات واختراقات سيبرانية.
يُذكر أن إسرائيل اتُهمت في مناسبات سابقة بتنفيذ عمليات إلكترونية واختراقات ضد أهداف في لبنان وسوريا وإيران، مما يعزز فرضية ضلوعها في هذا الهجوم الأخير.
وأثار هذا الحادث جدلاً واسعاً على الساحة السياسية، حيث يرى البعض أن الهجوم قد يكون رسالة تحذير أو عمل انتقامي من قبل إسرائيل أو جهة أخرى، مما يزيد من حدة التوتر في المنطقة. بينما يرى آخرون أن الهجوم يهدف إلى زعزعة الاستقرار في لبنان وتوريط الأطراف المختلفة في صراع مفتوح.
ويقول مسؤولون إن هذه الجريمة السيبرانية غير المسوقة تتطلب تحقيقات موسعة لتحديد الجهة المسؤولة عنها ودوافعها. كما تستدعي تطوير استراتيجيات دفاعية جديدة لحماية البنية التحتية الحيوية من الهجمات السيبرانية المتزايدة.
ويشير بعضهم إلى أن تفجيرات أجهزة البيجر في لبنان تثير أسئلة جوهرية حول أمن المعلومات وتأثير التكنولوجيا على الصراعات السياسية، مما يؤكد على الحاجة الملحة لتعزيز التعاون الدولي لمواجهة التهديدات السيبرانية المتزايدة.
واجتمع الناس خارج مستشفى في بيروت، حيث أصيب مئات من أعضاء جماعة حزب الله اللبنانية، بما في ذلك مقاتلون ومسعفون، بجروح خطيرة يوم الثلاثاء عندما انفجرت أجهزة البيجر التي يستخدمونها للتواصل.
وذكرت مصادر أمنية أن الحادث أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 1000 آخرين، بمن فيهم مقاتلو حزب الله والمسعفون ومبعوث إيران إلى بيروت.
وأفاد مسؤول في حزب الله، طلب عدم الكشف عن هويته، أن تفجير أجهزة البيجر كان "أكبر اختراق أمني" تعرضت له الجماعة خلال قرابة عام من الصراع مع إسرائيل.
ووصف حزب الله الحادث بأكبر خرق أمني في الحرب مع إسرائيل بعد مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، من بينهم اثنان من مقاتلي الحزل. الشخص الثالث الذي قتل كان فتاة، وأوضحت الجماعة أنها تجري تحقيقًا في أسباب الانفجارات.
وذكر مسؤولون أمنيون أن أجهزة البيجر التي انفجرت كانت من الطراز الأحدث الذي جلبه حزب الله في الأشهر الأخيرة. ويتزامن هذا الحادث مع تصاعد الحرب عبر الحدود بين إسرائيل وحزب الله بالتوازي مع الحرب في غزة التي اندلعت في أكتوبر الماضي. ولم يصدر الجيش الإسرائيلي أي تعليق حول استفسارات رويترز بشأن التفجيرات.
وشاهد مراسلون سيارات الإسعاف وهي تندفع عبر الضواحي الجنوبية للعاصمة بيروت، وسط حالة من الذعر الواسعة. ذكر حسن وزني، مدير مستشفى نابيه العام في جنوب البلاد، أن حوالي 40 جريحًا يتم علاجهم في منشأته، حيث تشمل الإصابات الوجه والعينين والأطراف.
واستمرت سلسلة الانفجارات لحوالي ساعة بعد التفجيرات الأولية التي حدثت حوالي الساعة 3:45 مساءً بالتوقيت المحلي. لم تتضح بعد الكيفية التي تم بها تفجير الأجهزة، في حين دعت السلطات اللبنانية المواطنين إلى التخلي عن البيجر فورا.