هل كشف الـ "بيجر" عن أعداد "حزب الله" في سوريا؟

آخر تحديث 2024-09-22 15:00:07 - المصدر: اندبندنت عربية

أزالت إسرائيل الألغام جنوب بلدة القحطانية بريف القنيطرة على الحدود مع الجولان وسط تحليق مكثف لطيرانها (أ ف ب)

بعد انقشاع غبار انفجارات أجهزة الـ "بيجر" التي أصابت قادة وعناصر "حزب الله" في كل من لبنان وسوريا، ظهر جلياً أكبر اختراق أمني لاتصالات أكثر فصائل المقاومة المدعومة إيرانياً تمرساً، والذي طالما أحاط عملياته واتصالاته بكثير من السرية، ونقلت الصراع الدائر بين "حزب الله" وإسرائيل إلى مستوى آخر من حروب الاستخبارات الإلكترونية.

هجوم عبر اللاسلكي

ليس ما بعد الـ 17 من سبتمبر (أيلول) الجاري كما قبله، فهناك عملية نوعية شكلت تحولاً ليس في الصراع بين إسرائيل و"حزب الله"، بخاصة بعد انتصار الحزب في "حرب تموز" عام 2006، وفرضه منذ ذلك الوقت قواعد جديدة في أرض الميدان، بل على مستوى الحروب التقليدية وتأثير الحرب الإلكترونية والهجمات السيبرانية على تغيير المعادلة، ولا سيما أن قرار اقتناء الـ "بيجر" جاء لصعوبة تتبع الجهاز وحرص القادة على عدم كشف مواقعهم وتحركاتهم.

أما في سوريا فظلت التفجيرات محدودة وتقدّر إصابة 22 شخصاً لم تكشف جنسياتهم، وسط تعليمات عن إيقاف التعامل بالأجهزة اللاسلكية، وأوامر للمجموعات المتعاونة مع "الحرس الثوري" وبخاصة التي تنتقل بين العراق وسوريا ولبنان، في حين اغتالت إسرائيل بصاروخ موجه عبر طائرة مسيرة المسؤول عن عمليات إطلاق الطائرات المسيرة باتجاه الجولان السوري المحتل محمد علي الخفاجي الملقب "أبو حيدر" قرب منطقة السيدة زينب على طريق مطار دمشق الدولي.

اتساع المعركة

وفي وقت يعيش الجنوب اللبناني على صفيح ساخن ويدور الحديث عن حرب وشيكة تحذر كل الأطراف من اندلاعها، ردّ "حزب الله" فجر اليوم بإطلاق صواريخ استهدفت قاعدة ومطار "رامات ديفيد" جنوب شرق حيفا بعشرات الصواريخ من طراز "فادي-1" و"فادي-2"، سبقته غارات جوية على مواقع الحزب وتدمير أكثر من 400 منصة إطلاق صواريخ.

وفي المقابل تفيد المعلومات بهدوء حذر من قبل المجموعات الموالية لإيران و"حزب الله"، وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن إلى إزالة القوات الإسرائيلية الألغام وتفجيرها جنوب بلدة القحطانية بريف القنيطرة على الحدود مع الجولان السوري، وسط تحليق مكثف للطيران الإسرائيلي في أجواء المنطقة بالتزامن مع اختفاء تام لتحركات المئات من عناصر قوات النخبة التابعة للمجموعات الموالية لإيران، والذين يتوارون عن الأنظار في المنطقة المحاذية للجولان.

شلل تام للتحركات

وغابت تحركات "حزب الله" اللبناني عن الحدود السورية - اللبنانية مطلع شهر يونيو (حزيران) الماضي تجنباً للضربات الإسرائيلية، بعد ما كانت تتحرك مجموعات الحزب بصورة علنية وتنفذ هجمات ضد إسرائيل، مع غياب الأنشطة العلنية في مدن القصير والقلمون بريف دمشق، مع انتشار محدود لعناصر سورية في تلك المناطق.

ويجزم مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن بأن "حزب الله" في سوريا أصبح مشلولاً بالكامل ومكشوفاً، مضيفاً في تصريحات صحافية أن الشلل التام أصابه، سواء بنقل السلاح داخل الأراضي اللبنانية نتيجة الاستطلاع الإسرائيلي وعملاء إسرائيل، أو حتى من خلال وجوده في مقار له بسبب الضربات الإسرائيلية ووجود العملاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولم يصب الشلل أفراد الحزب اللبناني فقط بل وصل إلى المتعاملين معه، وفق عبدالرحمن، بعد مصرع عدد منهم في القلمون الغربي والجولان، معتبراً أن الحزب بات مكشوفاً أمنياً وعسكرياً، والاختراق الأخير قضى على كل إمكانات تحركاته السرية.

ويفسر الناشط السياسي والحقوقي أحمد الحوراني الإصابات المحدودة بين أفراد الحزب أو المتعاملين معه بأنه يعود لسحب مزيد من قادة وعناصر "حزب الله" من سوريا قبل أشهر مع اقتراب مؤشرات حرب واسعة النطاق، وبخاصة التصعيد على الحدود الجنوبية، إما في الجنوب اللبناني أو الجولان السوري.

ويعتقد الحوراني أن ثمة اختلافاً واضحاً في تحركات "حزب الله" أو الفصائل الإيرانية عن السابق، مثل نقل السلاح والعتاد أو حجم الاستهداف، ويتابع "يبدو أن المئات من قادة وعناصر الحزب في الصف الأول والثاني قد انسحبوا من مواقعهم أو نقاطهم قبل أشهر مع اقتراب المعركة في الجنوب اللبناني، وترافق ذلك مع احتياطات أمنية واختفاء لأية تحركات تذكر بعد حوادث اللاسلكي الأخيرة".

وفي وقت لا يوجد عدد معلن عن حجم الإصابات بين أفراد الحزب، تفيد المعلومات الواردة من مصدر ميداني خاص بتوقف تام في إجازات عناصر وقادة الحزب من وإلى لبنان، مع إصابات لعناصر في انفجارات اللاسلكي، وهم بالأساس يعملون في سوريا، وقد أصيبوا أثناء قضاء إجازاتهم القصيرة في لبنان ويتلقون العلاج في المشافي اللبنانية.

الاختراق بين الصفوف

وتتوزع عناصر "حزب الله" وفصائل موالية لإيران على امتداد الجغرافية السورية منذ عام 2013، ومع تبدل مناطق السيطرة والنفوذ ركزت الجماعات المقاتلة أعمالها ضمن ما يقارب 500 موقع ونقطة عسكرية، عبر حضور عشرات آلاف المقاتلين من جنسيات مختلفة لبنانية وعراقية وأفغانية وباكستانية.

يأتي هذا مع غياب عدد واضح لأعداد عناصر "حزب الله" كونه كثير التبدل، ويرى مراقبون أنه انخفض بصورة لافتة أخيراً بعد استقرار مدن ومحافظات سورية، والحاجة إلى تلك الكوادر المدربة في دير الزور وإدلب ووسط البلاد، أو عودتها للبنان لمساندة الحزب في معركة المواجهة مع إسرائيل.

وكشفت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية أن الحرب في سوريا أدت إلى اختراق "حزب الله" من قبل إسرائيل، إذ "كان من الضروري تجنيد أعداد من المقاتلين على نطاق واسع في معاقلها، وهنا تدخل الـ 'موساد' من خلال زرع عملائه بين مجندي 'حزب الله'، ومع نموه وتطوره أصبح شبه جيش ومن الصعب السيطرة على جميع أعضائه".

في المقابل تبرز مجموعات فلول تنظيم "داعش" الموجودة في البادية السورية بصورة خفية كتهديد لمجموعات المقاومة التي تنشط في ريف دير الزور الشرقي، وللقوات النظامية عبر نصب كمائن للحافلات والمركبات أو الهجوم على نقاط عسكرية، وآخر تلك الهجمات أدت إلى مصرع خمسة عناصر من القوات التابعة لـ "حزب الله" في منطقة البادية قبل أيام.

ونشرت صحيفة "هآرتس" أن قرار تفجير أجهزة الـ "بيجر" اللاسلكي اُتخذ سريعاً، وكان من المقرر في الأصل أن تبدأ العملية مع بداية المواجهة الأكبر المتوقع حدوثها بين الطرفين، ولكن بعد اشتباه عنصرين من الحزب بوجود أجهزة معدلة قررت تل أبيب تفجيرها قبل الموعد المخطط له.

من جهتها أعربت إيران في أعقاب التصعيد الحاصل في وقت سابق من شهر يوليو (تموز) الماضي عن عزم مقاتلين من جميع أنحاء المنطقة الانضمام إذا ما اندلعت الحرب على الحدود اللبنانية، حيث تنتشر تشكيلات من آلاف المقاتلين في سوريا، ويمكنهم التسلل عبر حدود يسهل اختراقها بين البلدين.