دبابة إسرائيلية متمركزة في مرتفعات الجولان (أ ف ب)
حالة من الاستنفار الكامل تعيشها القواعد الأميركية المنتشرة على الأراضي السورية في الشمال الشرقي، وجنوباً قرب المثلث الحدودي (العراقي - الأردني - السوري)، بعدما أصابت صواريخ مجهولة المصدر قاعدة أميركية في مدينة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي أسفرت عن تصاعد الدخان داخل القاعدة، مع حالة من الاستنفار الأمني في قاعدتي العمر، وكونيكو، اللتين تشهدان حالة تأهب مع توقعات ضربات من الفصائل الموالية لإيران في أعقاب التصعيد الأخير في لبنان.
عودة التوترات
وعادت أجواء التوتر تخيم على منطقة الشمال الشرقي، التي يتقاسم نفوذها أطراف النزاع السوري وقوى أجنبية، في حين تحكم الولايات المتحدة، التي تتزعم التحالف الدولي لمكافحة تنظيم "داعش"، السيطرة على حقول النفط والغاز، وأحاطت الفصائل الموالية لها من القوات الكردية، وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" بدعم مطلق.
وذكرت "فصائل المقاومة الإسلامية العراقية" في بيان لها نشرته الإثنين الـ23 من سبتمبر (أيلول) الجاري عن استهداف قاعدة مراقبة للواء غولاني (أبرز ألوية الجيش الإسرائيلي) بواسطة الطائرات المسيرة، بالتوازي مع تبني الهجوم على هدف في غور الأردن بهجوم يعد الخامس من نوعه في يوم واحد، في وقت تكثف فيه فصائل المقاومة العراقية هجماتها ضد مواقع إسرائيلية، التي زادت مع التصعيد الإسرائيلي الأخير على الجنوب اللبناني.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي في الـ22 من سبتمبر الجاري اعتراض طائرة من دون طيار جنوب هضبة الجولان في أعقاب هجمات بمسيرات يطلق عليها اسم "الأرفد" على هدف في غور الأردن (تمتد من بحيرة طبريا في الشمال، وحتى البحر الميت، وتسيطر إسرائيل على الجزء الواقع بين البحر الميت وحتى نهايته في الضفة الغربية).
في غضون ذلك تشير المعلومات الواردة من مناطق الشمال الشرقي عن حالة ترقب للتصعيد، وترقب معركة بين الفصائل العراقية المدعومة إيرانياً، التي تسعى إلى استهداف مناطق النفوذ الأميركي، مع الفصائل المدعومة أميركياً، بالصواريخ والطائرات المسيرة.
ويعتقد مراقبون للشأن السوري أن كل ما يحدث هو تمهيد لحرب قادمة، ويعيد إلى الذاكرة الأجواء الساخنة في أعقاب اندلاع حرب غزة، وإلى أوضاع عاشتها المنطقة قبل فبراير (شباط) الماضي بعد الضربات الأميركية التي استهدفت نقاطاً عسكرية للفصائل الإيرانية رداً على مصرع ثلاثة جنود أميركيين قرب الحدود الأردنية بعد تبني "فصائل المقاومة الإسلامية" قصف نقطة مراقبة لهم، ومن بعدها عاشت المنطقة حالة شبه مستقرة.
ويصف مصدر أهلي من دير الزور المنطقة بـ"البركان الهامد" والقابل للانفجار في أي وقت، بينما يتزايد الاستغراب بين جمهور الموالين لإيران عن عدم تدخلها إلى جانب "حزب الله" اللبناني، وهذا ما سيدفع هذه الفصائل إلى شن هجمات على القواعد الأميركية، التي تمارس نشاطاتها المعتادة، ومنها مواصلة تدريب القوات الكردية وقوات "قسد". وأضاف المصدر ذاته "يمكننا مشاهدة تحليق كثيف لـلطائرات الأميركية والمسيرات حول مناطق عمل قواعدها، مع زيادة وتيرة الدوريات والمراقبة الأمنية، وتسعى الفصائل الموالية لإيران إلى زيادة إجراءات التخفي، مع حديث عن تنقل المقاتلين من فصائل المقاومة عبر أنفاق تحت الأرض بالتوازي نقل الأسلحة والعتاد عبر الطريق الواصل إلى الجنوب السوري، والذي يمكن أن تستهدفه القوات الأميركية، وتحاول إغلاقه في حال تصاعدت حدة الهجمات على قواعدها".
في هذا السياق طالب المرجع الشيعي العراقي علي السيستاني ببذل الجهود الممكنة لوقف العدوان الإسرائيلي "الهمجي" حماية للشعب اللبناني. ودعا في بيان له إلى المساهمة في التخفيف من معاناة اللبنانيين، بينما طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر البرلمان العراقي بوضع قانون من شأنه تقليص الوجود الأميركي في العراق، فيما تسربت تفاصيل اتفاق أميركي ـ عراقي عن سحب واشنطن قواتها من العراق، والاحتفاظ بقوة عسكرية صغيرة بهدف تقديم الدعم اللوجيستي للقوات الأميركية المتمركزة في سوريا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
القتال على الجبهات
من جهة ثانية، يدور الحديث عن نقل أفراد وعناصر من العراق وسوريا عبر دير الزور للقتال في جنوب لبنان أو الجولان. وذكرت وسائل إعلام عبرية أن 40 ألف مقاتل دخلوا إلى الجولان السوري من جنسيات عدة سورية وعراقية ويمنية بينهم آلاف الحوثيين تسللوا إلى الحدود الأردنية، لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان نفى ذلك ووصفها بـ"الادعاءات"، ولفت في بيان نشره على موقعه الرسمي إلى أن الأردن يشدد الحراسة على حدوده بصورة صارمة، ويمنع تسلل أي عناصر حتى من مهربي المخدرات عبر مراقبة عالية الدقة.
كما وثق المرصد دخول 100 مقاتل يتبعون ميليشيات موالية لإيران من العراق بغية استبدال القوات الموجودة في سوريا، مما ينسف فكرة وجود حركة تدفق جماعي للمقاتلين. وتشير معلومات إلى أن تعداد الميليشيات الإيرانية يصل إلى أكثر من 65 ألف مقاتل، لذا فليس هناك حاجة إلى استقدام 40 ألف مقاتل جدد بحسب ما تروج له وسائل الإعلام العبرية، لا سيما مع استمرار تجنيد المقاتلين.
وبحسب تقديرات المرصد الأخيرة فقد يبلغ عدد المقاتلين من المجموعات الإيرانية وتلك الموالية لها 29 ألف مقاتل، من بينهم 11 ألف سوري، والباقون من جنسيات عربية وآسيوية.
وحلقت قبالة سواحل سوريا ولبنان طائرات استطلاع أميركية بكثافة، ونفت واشنطن أن يكون لها دور أو مشاركة في الهجمات الإسرائيلية على لبنان، قالت إنها تسعى إلى احتواء التصعيد بالطرق الدبلوماسية.
وتتوزع في سوريا قرابة 28 قاعدة ونقطة أميركية، كانت تضم أكثر من 2000 مقاتل أميركي، إلا أن العدد انخفض إلى 900 مقاتل حالياً. وسعت القوات الأميركية منذ تراجع سيطرة تنظيم "داعش" وسقوطه إلى ضرب طوق أمني حول آبار النفط من أشهرها حقل العمر وكونيكو، بينما قاعدة التنف الحدودية تلعب دوراً في الرقابة على الممرات البرية على طريق يصل إيران بسوريا مروراً بالعراق. في المقابل تنتشر الفصائل الإيرانية والموالية لها عبر 55 قاعدة إضافة إلى 515 نقطة عسكرية، وأهم مناطقها دير الزور شرق سوريا.
في الأثناء عقدت الفصائل الموالية لإيران اجتماعاً لدعم "حزب الله"، وسط مخاوفها من قصف إسرائيلي رداً على هجماتها الأخيرة على مواقع إسرائيلية رداً على الهجمات التي طاولت قطاع غزة وجنوب لبنان، واتفقت الفصائل ومن بينها "كتائب حزب الله العراقي" على زيادة منسوب وحجم العمليات ضد إسرائيل.