أطلق النظام الإيراني نحو 200 صاروخ على إسرائيل (رويترز)
بأمر من المرشد الإيراني علي خامنئي هاجم "الحرس الثوري"، الثلاثاء الماضي، إسرائيل بالصواريخ، للمرة الثانية، خلال هذا العام. ومن ثم أصدر بياناً قال فيه إن هذا الهجوم كان انتقاماً لمقتل قادة "حماس" و"حزب الله".
وأطلق النظام الإيراني نحو 200 صاروخ على إسرائيل، وبعد وقت قصير من بدء هذا الهجوم، بدأ ما يسمى بالجيش "السيبراني" حرباً نفسية في الفضاء الإلكتروني لتبرير الهجوم على إسرائيل، وقال إن هذا الهجوم هو دفاع مشروع وعظيم.
وبعد انتهاء العملية، أرسلت رسائل نصية إلى عدد من المواطنين، وطلب منهم التجمع في الساحات الرئيسة في المدن، بما في ذلك "ساحة فلسطين" في العاصمة طهران، لدعم الرد الإيراني على الهجمات الإسرائيلية.
وفي ساعات متأخرة من مساء الثلاثاء الماضي، وبينما كان عدد من المحسوبين على النظام يحملون راية "حزب الله" اللبناني في أيديهم ويجوبون شوارع طهران وبعض المدن الإيرانية بالدراجات النارية، اصطف آلاف الأشخاص في الطوابير على بعد كيلومترات عدة من محطات الوقود حتى الفجر.
وأظهرت مقاطع الفيديو والصور التي تظهر طوابير طويلة أمام محطات الوقود، في مدن مختلفة في إيران، والتي نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، أن الجو العام في إيران ملتهب والناس قلقون من احتمال نشوب حرب.
الشعب في ورطة
وقال المواطن حسين (اسم مستعار) وهو مدرس متقاعد ويعيش في حي "جنت آباد" في العاصمة طهران، لصحيفة "اندبندنت فارسية" عن الجو العام في إيران، صباح أول من أمس الأربعاء "نحن في ورطة من أمرنا"، وأضاف هذا المعلّم المتقاعد الذي خرج من منزله في وقت مبكر من صباح أول من أمس لشراء الخبز، أنه شعر بقلق كبير لدى المواطنين من احتمال اندلاع الحرب، إذ سمع أحد المواطنين يقول إنه إذا ما دمروا البنية التحتية للبلاد سنكون بائسين. بينما قال آخر إن حسن نصرالله كان مأساة للإيرانيين في حياته ومماته. كما حذر مواطن آخر من ضرورة تخزين المياه والغذاء في المنازل لأن هناك احتمالاً كبيراً من حدوث مجاعة في البلاد.
وقالت المواطنة مرجان (اسم مستعار) وهي مدرّبة لياقة بدنية في نادٍ في ساحة "نوبنياد" في العاصمة طهران، التي كانت واقفة مع زوجها في الطابور في محطة "باسداران" للوقود ساعات عدة مساء الثلاثاء الماضي، إنه "حتى الناس من حولنا انتقدونا على ما قمنا به، لدينا طفلان صغيران، فمن الطبيعي، في مثل هذه الظروف، أن يفكر الجميع في بقائهم وأمن أسرهم، منزلنا قريب من مبنى وزارة الدفاع وهناك احتمال أن نضطر إلى الانتقال لمكان آمن".
وقال علي (اسم مستعار) البالغ من العمر 23 سنة، من سكان حي "أمير آباد" في العاصمة طهران لصحيفة "اندبندنت فارسية" "عندما تلقيت الرسالة الخاصة بالتجمع الداعم للهجوم الإيراني على إسرائيل، ذهبت إلى ساحة فلسطين مع أحد أصدقائي، وفي الواقع ليس للمشاركة في فرحتهم لكن من باب الفضول، أردنا أن نرى كيف هي الأجواء هناك، لقد أحزنتني رؤية أولئك الذين رفعوا راية "حزب الله" ولم يبالوا بالمصير الذي ينتظر إيران، كانوا قليلين وعندها سألت صديقي، برأيك، إذا ما سمحوا لمعارضي الحرب بالتجمع، فكم من الناس سيجتمعون هنا؟ فقال ما لا يقل عن مليون شخص".
ووصف أحمدي (اسم مستعار) وهو موظف في أحد فروع متاجر "جانبو"، الوضع في إيران صباح أول من أمس، قائلاً "كان متجرنا مزدحماً صباح الأربعاء مقارنة بالأيام الماضية، ومن المثير للاهتمام أن بعض السلع تم شراؤها أكثر من غيرها من السلع الأخرى مثل العدس والفاصولياء والمعكرونة والمياه المعدنية". وأضاف أحمدي أن "أصوات الناس في المتجر كانت مرتفعة ويتحدثون عن احتمال وقوع الحرب، وهناك من كان يلعن المسؤولين في النظام. وعندما قال أحد الزبائن إن مهاجمة إسرائيل كانت عملاً صحيحاً، هاجمه عدد من الأشخاص، ولولا تدخل موظفي المتجر لربما حدث شجار شرس".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
قلق شديد من احتمال وقوع الحرب
كان القلق الشديد في شأن الحرب المحتملة وعواقبها واضحاً في المجتمع الإيراني، وهذا ما أظهرته وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الساعات الأولى من الهجوم الصاروخي على إسرائيل، أعاد بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي منشوراً ينصح فيه المواطنين بتجنب التنقل في الأماكن الخطرة مثل محطات الكهرباء. كما أعرب عدد من المواطنين عن معارضتهم الحرب من خلال المنشورات والتعليقات على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأصدرت استخبارات "الحرس الثوري" بياناً، مساء الثلاثاء الماضي، وهددت من خلاله الأشخاص الذين يدعمون إسرائيل في الفضاء الإلكتروني، إذ قالت في بيانها، إن كل من يدعم إسرائيل "فهذا يعني أنه ارتكب جريمة وسيحاسب حتماً". كما نشرت مقاطع وصوراً أظهرت أن قوات مكافحة الشغب تمركزت في عدد من الساحات في بعض المدن الإيرانية.
وأخذت ردود الفعل على الهجوم الصاروخي الذي شنه النظام الإيراني على إسرائيل أشكالاً مختلفة في الفضاء الإلكتروني. إذ أعاد بعض المستخدمين نشر مقاطع الفيديو المتعلقة بغرفة قيادة الهجوم الذي حضره قادة "الحرس الثوري"، وقارن هذه المقاطع بالمسلسلات الإيرانية الساخرة. كما أن بعض المستخدمين سخروا من الرئيس مسعود بزشكيان إذ عندما تولى السلطة قال إنه يرغب بالسلام وبناء علاقات ودية مع العالم، وقالوا عن الرئيس بزشكيان إنه ماكر ومخادع.
وفي مقطع الفيديو الذي نشره "الحرس الثوري" من غرفة قيادة الهجوم الصاروخي على إسرائيل، أظهر أن قائد "الحرس الثوري" حسين سلامي اتصل بالرئيس بزشكيان وأخبره عن نجاح العملية قائلاً "أنا آسف لأنني أزعجتك". هذه المكالمة بين الرئيس وسلامي أصبحت نكتة بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وسخروا منها كثيراً، كما أنها أثارت غضب عدد من المواطنين إذ كتب بعضهم تعليقاً تحت هذا المقطع قائلين إن "المشقة الحقيقية يتحملها الشعب الذي يتعيّن عليه أن يدفع ثمن مغامرات قادة النظام".
وبالإشارة إلى التقارير الواردة في الأيام الأخيرة، بأن علي خامنئي أمر بالهجوم على إسرائيل من المخبأ الآمن، قال أحد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إن "خامنئي وقادة الحرس الثوري، ببطونهم المنتفخة، لا يفكرون في الشعب الذي يعاني مشكلات اقتصادية عميقة وحسب، بل يفكرون فقط ببقائهم على قيد الحياة".
وقارن عدد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الوضع الحالي بالحرب الإيرانية العراقية قائلاً "لم يعد الناس يرغبون بالذهاب إلى ساحات الحروب تحت تأثير دعاية الحكومة، ليس لأنهم لا يريدون الحرب وحسب، بل إنه بالنظر إلى المشكلات الاقتصادية القائمة، فهم قلقون أيضاً في شأن عواقبها".
نقلاً عن "اندبندنت فارسية"