14 سنة على مجزرة "سيدة النجاة" في العراق... كيف يحيي الناجون الذكرى؟

آخر تحديث 2024-10-30 14:00:06 - المصدر: اندبندنت عربية

في اليوم التالي للهجوم استيقظ ماريو وهو غير مستوعب بعد لما حصل، وقال "اتجهت نحو الكنيسة، انفصل عقلي عما حدث، فقط وكأني أريد أن أرتل، لكني تذكرت وجود التشييع" (اندبندنت عربية)

"أصلي وأدعو لكم، أتمنى أن تكونوا بخير"...

هذه الكلمات للشاب العراقي ماريو سعد (30 سنة)، الذي كان في عام 2010 انضم حديثاً للجوقة الموسيقية في كنيسة سيدة النجاة بحي الكرادة (شرق بغداد)، وكان متحمساً لتأدية التراتيل بإشراف القس وسيم، لكنه لم يكن يعلم أنه في يوم الـ31 من أكتوبر (تشرين الأول) 2010 سيخرج من المكان بدماء الكهنة منثورة على جسده، وأنه سيعود في اليوم التالي من أجل تشييعهم.

لم يكن يعلم ماريو أن مرض أخته الرضيعة في ذلك الأحد سينقذ عائلته من قتل وشيك، لم يستطع أحد مرافقته إلى القداس، قرروا أخذها إلى المستشفى. لكنه كان في الجوقة الموسيقية، مرتلاً جديداً، وأحد الناجين القلائل من مجزرة كنيسة سيدة النجاة.

بدأ يومها مسيحيو بغداد من السريان الكاثوليك عند الخامسة عصراً بالتوجه نحو كنيسة سيدة النجاة، للاحتفال بالقداس الإلهي عشية عيد جميع القديسين. قبل أن يقرر خمسة إرهابيون اقتحام المكان برمانات يدوية وسيارة مفخخة، تاركين وراءهم جثث 47 شخصاً على أرض الكنيسة، بينهم طفل عمره أقل من شهر، وأكثر من 60 جريحاً، فيما كان عدد المصلين أكثر من 120 شخصاً، فيما قتل 11 شخصاً من القوات الأمنية والمارة.

كيف بدأ الكابوس؟

عند الساعة الخامسة و20 دقيقة، كان ماريو يرتل مع الجوقة كما يوضح لـ"اندبندنت عربية"، فصدر صوت إطلاق نار سريع خارج الكنيسة لكنه قريب جداً، سكتت جموع المصلين قليلاً، توقف صوت الرصاص، عادوا للقداس بصورة طبيعية، لأن ذلك الصوت تحديداً كان جميع العراقيين اعتادوه، وكانت البلاد ما تزال تحاول التخلص من بقايا الحرب الطائفية بالدعوات إلى السلام. لكن صوت الرصاص تجدد وأصبح أقرب، فأراد الأب ثائر طمأنة المصلين، فقال: "لنصلي من أجل العراق والعراقيين، أن يمد الرب هذه الأرض بالسلام". ولم يكد ينه جملته حتى انفجرت سيارة مفخخة أسهمت بفتح بوابة الكنيسة الضخمة، ودخل إرهابيون يحملون سلاحاً ورمانات يدوية. بدأوا بالرمي العشوائي، وأغلقوا البوابة من الداخل، بقوا لوحدهم مع المحتجزين، كما المتعطشين للدماء في أفلام الرعب. واقترب المسلحون من المصلين وهم يتدافعون، يتراكضون في مكان صغير وضيق، يحاولون الاختباء تحت المصاطب وخلف المذبح، وبدأت المجزرة والرمي العشوائي، ثم تركوا بعضاً منهم ناجياً ليعيش ساعات طويلة من الرعب.

وكانت المجموعة الإرهابية سيطرت على كل مداخل الكنيسة واحتجزت المصلين رهائن، فجرى الشاب ماريو وحاول الاختباء في الغرفة المجاورة الأقرب له، وكانت غرفة تبديل ثياب الكهنة. وقال "أراد الكاهن ثائر حمايتنا، تحدث بصوت عال وسط الدماء المتناثرة وبكاء النساء والأطفال حيث تحول المكان بلحظة إلى حمام دم وأراد التشاور معهم: دعوهم واقتلوني. فأجابه أحد المسلحين: ’انطق الشهادة يا كافر فأنت هالك لا محالة‘، وأطلقوا عليه رصاصة خرجت من رأسه، سقط على المذبح، وكان يرتدي زياً أبيض".

وكان القس ثائر أول من قتل في مكانه، ثم أطلق المسلحون وابلاً من الرصاص داخل الكنيسة بصورة عشوائية، فتعرض ماريو سعد لإصابة في كتفه، فيما أصيب صديقه إصابة خطرة. وحاول ماريو وسط الموت خلع ثيابه لوقف النزف من جسد صديقه. وأضاف أن "صراخ الأطفال ملأ المكان، بينما كان الآباء يحاولون ضم رؤوس أطفالهم لدرجة أن أحد الأطفال قتل لأن والده بقي نائماً فوقه محاولاً أن يوهم الجماعة المسلحة بأن ابنه غير موجود".

12
" style="background-image: url('/sites/all/themes/independent_v2/img/blank.gif');">
  • " style="background-image: url('/sites/all/themes/independent_v2/img/blank.gif');">
  • " style="background-image: url('/sites/all/themes/independent_v2/img/blank.gif');">
  • " style="background-image: url('/sites/all/themes/independent_v2/img/blank.gif');">
  • " style="background-image: url('/sites/all/themes/independent_v2/img/blank.gif');">
  • " style="background-image: url('/sites/all/themes/independent_v2/img/blank.gif');">